الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2022-02-23

 

جريدة الراية: الخلافة وحدها من يوقف تدخل الكفار المستعمرين في بلادنا

 

إن تدخل الغرب الكافر المستعمر في بلاد المسلمين وبخاصة السودان قديم قدم الاستعمار، إلا أنه في الآونة الأخيرة كان التدخل في شؤوننا الداخلية سافراً للدرجة التي أظهرت حتى لعامة الناس أن حكامنا مجرد موظفين ينفذون الأوامر التي تأتيهم من الدول الاستعمارية الكبرى عبر ما يسمى بالمبعوثين لتلك الدول أو المبعوثين الدوليين الذين هم في نهاية الأمر مبعوثون لتلك الدول نفسها تحت غطاء الأمم المتحدة، ويكفي للدلالة على ذلك ما يقوم به مبعوث الأمم المتحدة للسودان ورئيس بعثة يونتامس بيتر فولكر من لقاءات بدأت برئيس مجلس السيادة مروراً بالأحزاب والكيانات والجماعات وما يسمى بمنظمات المجتمع المدني والإدارات الأهلية والطرق الصوفية وغيرها، وكأنّه هو الحاكم الفعلي للسودان، في الوقت الذي يتم فيه هذا التدخل حتى في تفاصيل التفاصيل وبصورة يومية في بلادنا لا تسمح هذه الدول بتدخل دولة أخرى في أي شأن من شؤونها، فلماذا إذن يتدخلون في بلادنا؟! ولماذا لا يتخذ حكامنا الإجراء نفسه الذي يتخذونه هم في حماية بلادهم من التدخلات أياً كان نوعها؟!

 

للإجابة على هذين السؤالين لا بد أن نقف على النظام الذي نُحكم به، هل هو نظام نابع عن عقيدتنا أم هو نظام ابتدعناه نحن بأهوائنا أم ماذا؟

 

إن الناظر للأنظمة السياسية والاقتصادية والتعليمية وغيرها التي تنظم حياتنا يجدها ليست قائمة على أساس عقيدتنا، حتى ولا هي من أهواء أهل السودان، وإنما هي نظم ورثناها من الكافر المستعمر الإنجليزي الذي كان يحكم السودان فعلياً بعقيدته؛ عقيدة فصل الدين عن الحياة، وبناءً عليها وضع الأنظمة والقوانين، بل إنهم عندما خرجوا من السودان كانوا قد وضعوا الدستور (دستور مستر بيكر للفترة الانتقالية للعام 1953م) حيث ظل هذا الدستور هو الأساس لجميع الدساتير التي تم تعديلها بعد ذلك، بل إن أغلب القوانين أساسها الإنجليز مثل قانون الشركات وقانون الضرائب وقانون الأراضي وما إلى ذلك، وظل المستعمر هو القدوة والمثال الذي يحتذى ويسعى الساسة والمفكرون للتشبه بهم حتى يقال إنهم مستنيرون! إذن والحال كذلك كان من الطبيعي أن يتدخل الكفار المستعمرون عبر مبعوثيهم لحل الإشكال الموجود بين الفرقاء الذين ليس لديهم أي مشروع واضح للحكم والسياسة غير مشروع الكافر المستعمر؛ هذا المشروع الذي جعل من بلادنا تابعاً ذليلاً في السياسة والاقتصاد، ويكفي أن الاقتصاد الآن يديره في السودان موظفو صندوق النقد الدولي عبر إملاءاتهم التي قتلت الفقراء وأفقرت الباقين، وفي السياسة تتصارع أمريكا وبريطانيا عبر رجالهما على النفوذ في السودان من عسكر ومدنيين، وبما أن الغلبة لعسكر أمريكا فإن وفودها ومبعوثيها هم الأكثر تأثيراً الآن، وحتى مبعوث الأمم المتحدة فولكر يلعب لمصلحة أمريكا وتثبيت رجالها عبر مبادرته الأخيرة، وما على العسكر الذين هم على دست الحكم إلا التنفيذ، فقد التقى في نهاية كانون الثاني/يناير 2022م وفد أمريكي برئاسة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية مولي في وعضوية ديفيد سارتر فيليد المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي والقائم بأعمال السفارة الأمريكية بالخرطوم وقتها براين شوكان، التقوا برئيس مجلس السيادة البرهان واتفقوا معه على أمور بدأ بتنفيذها، منها تشكيل حكومة تصريف أعمال وإجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية لتواكب التطورات الجديدة (انفراد رجال أمريكا بالسلطة) ثم قيام انتخابات في نهاية الفترة الانتقالية.

 

هذا هو الواقع في السودان فما هو الحكم الشرعي في هذا التدخل؟ وهل يجوز للكفار أن يتحدثوا مع المسلمين في أمور الحكم والسياسة ويرشدوهم لما يرونه من حلول؟

 

إن الحكم الشرعي هو حرمة الاستعانة بالكفار أو السماح لهم بالتدخل في أمور المسلمين لأن تدخلهم بهذه الطريقة يجعل لهم سلطاناً علينا والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾ كما بيّن الله أنهم لا يريدون لنا خيرا، قال سبحانه: ﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾. كما أن النبي ﷺ نهانا أن نشاورهم في أمورنا فقال: «لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ»، قال الحسن بن أبي الحسن: أي لا تشاوروهم في أموركم فكيف إذا كان الأمر ليس مجرد مشاورة وإنما هو من يُملي علينا ويلزمنا بأحكامه التي ينفذها ويطبقها علينا من ارتضوا أن يكونوا عملاء للغرب الكافر المستعمر؟!

 

إن المطلوب من أهل السودان باعتبارهم مسلمين أن يسعوا لتغيير هذا الواقع غير الإسلامي، إلى واقع إسلامي، وهذا يكون باتباع النظام الذي حدده الإسلام وطبقه على أرض الواقع رسول الإسلام محمد ﷺ وسار على نهجه من بعده خلفاؤه الراشدون، وبيّن لنا الحبيب المصطفى ﷺ أن نلتزم في الحكم والسياسة بسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، وحذرنا من ابتداع الأنظمة والقوانين على غير هدى الإسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: «... فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»، وقد حدد الإسلام نظاماً للحكم بيّنه النبي ﷺ وأسس أركانه وعين بنيانه وأقام أنظمته وأجهزته على أساس كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، فالتشريع في دولة الخلافة للشرع لا للشعب، والسلطان للأمة؛ هي التي تختار من يقودها بكتاب الله وسنة نبيه ﷺ بالرضا والاختيار، وهو، أي الخليفة، واحد لكل المسلمين في الدنيا، وله وحده حق تبني الدستور والقوانين والأحكام لأنه مسؤول وراعٍ للأمة وهو لا يشرع وإنما يتبنى إما باجتهاده إن كان مجتهداً وإما باجتهاد غيره، وفوق ذلك هو محاسب من الأمة إن قصّر في تطبيق الإسلام أو أساء تطبيقه، ونحن نعيش هذه الأيام من شهر رجب الفرد ذكرى فاجعة هدم دولة الخلافة الذي كان في 28 رجب 1342هـ، فحريّ بنا أن نغذ السير لنعيدها خلافة راشدة على منهاج النبوة، وقد أعد حزب التحرير العدة لقيامها ووضع مشروع دستور لها من 191 مادة مستنبطة من كتاب الله وسنة نبيه ﷺ وما أرشدا إليه باجتهاد صحيح، مطلوب منا جميعاً أن نجعله واقعاً باحتضانه والسعي مع المخلصين من أبناء الأمة وبخاصة أهل القوة والمنعة لنصرة حزب التحرير حتى يقيم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

 

بقلم: الأستاذ إبراهيم عثمان (أبو خليل)

 الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع