الخميس، 17 صَفر 1446هـ| 2024/08/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2023-08-09

 

جريدة الراية: تداعيات إلغاء قانون (حجة المعقولية)

على كيان يهود

 

 

صادق الكنيست (المجلس التشريعي) في كيان يهود على إلغاء ما يُسمّى بقانون حجة المعقولية بتصويت كانت نتيجته أربعة وستين صوتاً مقابل صفر من الأصوات للمعارضة التي قاطعت عملية التصويت احتجاجاً على طرح هذا القانون المتعلق بتغييرات في الجهاز القضائي على التصويت، علماً بأنّ الكنيست مؤلف من مائة وعشرين مقعداً.

 

ومعنى حجة المعقولية عندهم هو منح قضاة المحكمة العليا صلاحية النظر في قرارات الحكومة والكنيست وإبطالها أو تمريرها بناءً على موافقتها أو عدم موافقتها للصالح العام.

 

وبمعنى آخر فإنّ ضابط إبطال القرارات أو تمريرها هو ما يراه قضاة المحكمة العليا وفقاً لأفهامهم وأمزجتهم، فلا توجد قواعد دستورية ثابتة تعتبر مرجعاً لهم في اتخاذ قراراتهم القضائية المُهمة سوى رؤيتهم الشخصية بأنّها تتوافق مع الصالح العام أو تتعارض معه.

 

وكلمة المعقولية في القانون جاءت من لفظ المعقول، أي ما يُعقل، وما يوافق العقل، والعقول التي تحدد معقولية القرارات هي عقول قضاة المحكمة العليا وليست عقول غيرهم من المشرعين أو النواب أو السياسيين، وهذا ما يمنح القضاة صلاحية عليا تجعل السلطة القضائية فوق السلطتين الأخريين وهما التنفيذية والتشريعية.

 

ويعتقد زعماء المعارضة أنّ هذه الصلاحيات الكبيرة للسلطة القضائية تجعلها تقوم بدور المُوازن بين السلطات وهو الأمر الذي سارت عليه دولة يهود منذ تأسيسها، وأنّ سحب هذه الصلاحية منها سيحولها إلى ما يشبه الدول الدكتاتورية، بينما ترى الحكومة وداعموها من اليمينيين أنّ هذه الصلاحية المطلقة الممنوحة للمحكمة العليا مبالغ فيها، وأنّه قد آن الأوان للقيام بإصلاحات عميقة في الجهاز القضائي، ومن أهم هذه الإصلاحات إلغاء قانون حجة المعقولية هذا، وأنّ إلغاءه لا يعتبر مسّاً بالديمقراطية بل هو متوافق معها تماماً.

 

وبإلغاء هذا القانون تستطيع الحكومة تمرير القوانين بدون إزعاج من المحكمة العليا، كما تستطيع القيام بتعيينات وزراء وموظفين كبار في الدولة من دون اعتراض المحكمة عليهم، كما اعترضت على تعيين الوزير أرييه درعي ما اضطره للاستقالة.

 

وتجادل المعارضة بأنّ إلغاء قانون المعقولية يحرم الجمهور من معرفة القوانين التي تمررها الكنيست وذلك لعدم وجود اعتراض من المحكمة عليها بسبب عدم سماع المواطن بها، والذي كان يعتمد عليها في إشهارها والسماع بها.

 

وقامت المعارضة باحتجاجات واسعة واندلعت المظاهرات والمُواجهات ضد الحكومة، وضغطت بكل قواها لمنع الحكومة من عرض القانون على التصويت لكنّ الحكومة ثبتت على موقفها، وصمّمت على المضي قدماً في الإلغاء.

 

وجنّدت المعارضة آلاف الطيارين وجنود الاحتياط الذين امتنعوا عن أداء الخدمة للضغط على الحكومة بمنع تمرير قانون إلغاء حجة المعقولية ولكنّ الحكومة لم تكترث بانشقاقهم ونجحت في تمريره.

 

وتدخلت أمريكا في هذا الموضوع فطلب رئيسها بايدن من نتنياهو عدم المضي في تشريع القانون، ولمح له من خلال الصحافة بفرض عقوبات على كيان يهود إن هي مرّرته، لكنّ نتنياهو ظل يتحدى بايدن وواجه الضغوط الأمريكية بكل قوة ورفض الانصياع لها.

 

وقالت المعارضة بأنّ إلغاء قانون حجة المعقولية سيدمّر الدولة ويقوض أركانها لكنّ الحكومة رفضت هذه الادعاءات واستمرت في نهجها، وأثبتت بأنّه لا شيء سيحصل للدولة بعد إلغاء ذلك القانون.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هو سر هذه القوة التي يمتلكها نتنياهو فجعلته يواجه المعارضة الواسعة في الداخل، ويواجه أمريكا في الخارج في الوقت نفسه، ويصمد في مسعاه، ويغير بعض هذه القوانين؟

 

ربما يكمن الجواب في النقاط التالية:

 

1- التفاف غالبية الرأي العام حوله من خلال التفاف تيارات اليمين حول قيادته، ووقوفها صفاً واحداً مؤيداً للتغييرات التي مررتها الكنيست ضمن ما يسمونه بإصلاح قوانين القضاء التي عفا عليها الزمن، حسب وصفهم.

 

2- امتلاكه غالبية برلمانية مريحة تسمح له بتعديل القوانين في نظام برلماني يعتمد على الأغلبية في تمرير القوانين.

 

3- تأكده من أنّه إنْ لم يقم بمثل هذه التعديلات في النظام القضائي فسيتم تفكك ائتلافه وبالتالي إسقاطه ومحاكمته.

 

4- إدراكه أنّ إدارة بايدن تقف مع المعارضة وتدعمها بصورة واضحة ضد طموحاته، فكان أفضل سبيل يتم السير به هو رفض الانصياع لأمريكا.

 

5- كل ما سبق يجعل نتنياهو مصمماً على إسقاط قانون حجة المعقولية لئلا يتم إسقاطه شخصياً، فهو لا يمتلك خيارات أخرى للبقاء في سدة الحكم غير تمرير مثل هذه القوانين.

لكنّ صنيعه هذا قد أحدث شرخاً حقيقياً في جسم كيانه يصعب جسره، لكن هذا الشرخ مهما اتسع فلا يودي بالكيان ولا يُغيّر من نظامه ولا يحوله إلى دولة تشبه الدول التي يحكمها ويتحكم بها أفراد كالدول البوليسية في بلادنا الإسلامية، لأنّ الحكام عندهم يأتون إلى السلطة بصناديق الاقتراع وليس بالعسكر.

 

على أنّ هذا الكيان المسخ يبقى جزءاً لا يتجزّأ من منظومة الدول الغربية التي زرعته في قلب البلاد الإسلامية، لتحول دون وحدته، ولا يمكن إزالته من الوجود إلا بدولة الخلافة القائمة قريباً بإذن الله.

 

 

بقلم: الأستاذ أحمد الخطواني

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع