الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

Al Raya sahafa

 

2023-12-20

 

جريدة الراية: ماذا وراء "هودنة" الكيان المحتل لفلسطين؟

 

 

يعود إنشاء كيان يهود في فلسطين إلى وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا الذي نص على منح الحركة اليهودية الصهيونية وطنا قوميا في فلسطين مشاركةً مع أهل فلسطين مع اشتراط عدم وجود أي نوع من التمييز ضد المواطنين الأصليين من أهل فلسطين. وتبنت عصبة الأمم قرار بلفور هذا، وعمدت بريطانيا إلى تشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين ومن ثم تم استغلال الحرب العالمية الثانية بإثارة الذعر لدى يهود أوروبا من خلال مجازر تم الترويج لحدوثها لتدفع اليهود للهجرة إلى فلسطين. وكان هذا نواة لدولة أرادتها بريطانيا تضم اليهود والفلسطينيين وتجعل القيادة السياسية للحركة الصهيونية. وقبل البدء بأعمال إنشاء الكيان رسميا وتقديمه للأمم المتحدة قامت أمريكا بتقديم حل آخر لقضية إنشاء كيان يهود عرف بالكتاب الأبيض وحمل قرارا للأمم المتحدة برقم 181، ويقضي بإنشاء كيانين في فلسطين أحدهما خاص باليهود على مساحة 42% من أراضي فلسطين، وكيان للفلسطينيين على مساحة 56%، وما تبقى، أي 2% من المساحة، تكون أراضي دولية وتشمل القدس وبيت لحم، وفي الوقت الذي قبل يهود والحركة الصهيونية بهذا القرار على اعتباره مرحلة أولى لدولتهم، فقد رفضه العرب بما فيهم جامعة الدول العربية، ويعود السبب الرئيس لرفض العرب لقرار التقسيم لتبعيتهم لبريطانيا صاحبة المشروع الأول، والتي رأت من خلال المشروع الأمريكي تهديدا لمصالحها ونفوذها في المنطقة.

 

وتم إنشاء كيان واحد في فلسطين من خلال قرارات الأمم المتحدة والذي عرف بدولة "إسرائيل" وشمل معظم أراضي فلسطين باستثناء غزة والضفة الغربية لنهر الأردن. أما غزة فقد ألحقت إداريا بمصر التي كان يحكمها الملك فاروق تحت النفوذ البريطاني، وتم إلحاق الضفة الغربية لنهر الأردن بإمارة شرق الأردن التي تحولت إلى المملكة الأردنية الهاشمية. واستمر الأمر كذلك إلى أن تمكنت دولة يهود من احتلال ما تبقى من فلسطين، أي الضفة والقطاع سنة 1967. ولا تزال هذه المناطق من حيث المبدأ تخضع لسيطرة الاحتلال سواء وجد جيش الاحتلال فيها بشكل دائم أو بشكل متقطع. فبعد اتفاقيات أوسلو تم تسليم إدارة الضفة وقطاع غزة للسلطة الفلسطينية رسميا، إلى أن تمكنت حركة حماس من الصعود إلى السلطة في غزة ومن ثم السيطرة على النفوذ فيها. ومن ثم قرر الاحتلال سحب قواته من غزة من طرف واحد ودون أي اتفاق ليبقى من الناحية الرسمية والعملية محتلا للقطاع وإن كان ليس لديه جيش هناك.

 

وبعد حرب حزيران سنة 1967 أصدر مجلس الأمن قراره 242 الذي صاغه السفير البريطاني اللورد كارادون والقاضي بسحب قوات يهود من بعض الأراضي التي احتلتها دون تحديد هذه الأراضي والزمن اللازم للانسحاب. ولم يحصل من تنفيذ ذلك القرار أي شيء. وفي العام 1969 قدمت أمريكا بديلا عن قرار 242 بما عرف فيما بعد بمشروع روجرز الذي احتوى في طياته إعادة بحث حل الدولتين. إلا أن هذا الطرح اصطدم مرة أخرى مع موقف بريطانيا وعملائها في المنطقة. وعادت أمريكا وطرحت حل الدولتين مرة أخرى بعد حرب 1973، حين تمكنت بعدها من إخراج مصر من المواجهة مع دولة الاحتلال.

 

ومن جديد رأت أمريكا أن الظروف مناسبة لفرض حل الدولتين واحدة لكيان (إسرائيل) وأخرى للفلسطينيين. ولم تكن في السابق قد حددت معالم هاتين الدولتين على وجه التحديد من حيث الهوية والحدود. ولكنها الآن بدأت تتفق مع اليهود بأن تكون دولتهم يهودية، يعني أن مواطنيها يهود، مقابل دولة أخرى مواطنوها فلسطينيون. ويهودية الدولة بات مطلبا أساسيا للكيان المحتل، وأصبح الإعلان عنه والحديث فيه في كل مكان. وقد ردد بايدن التأكيد على دولة يهودية ديمقراطية، بل ربط استقرار الشرق الأوسط بوجود دولة يهودية معترف بها. كما كرر ذلك وزير خارجيته مرارا وتكرارا. بمعنى أن حرب غزة هذه أوجدت وسطاً خاصا للإعلان عن بعض ما خفي في السابق. كما أن كيان يهود بدأ الإفصاح عن حدود دولتهم التي يريدون شيئا فشيئا. فالحديث عن تهجير الفلسطينيين من الجزء المحتل عام 1948 تم الحديث عنه صراحة في مقال تم نشره في صحيفة هآرتس في 7 تشرين الأول 2022 تحت عنوان "سيناريو نكبة 2023: طرد 200 ألف من عرب (إسرائيل) خلال يومين". وقد ورد في المقال ما نصه "تعهد عضو الكنيست بن غفير بأنه سيشكل بعد دخوله إلى الحكومة "سلطة وطنية لتشجيع الهجرة" ستعمل على "إخراج أعداء (إسرائيل) من أرض (إسرائيل)" (هآرتس، 2019/2/22). وأعلن الدكتور ميخائيل بن آري من رؤساء "قوة يهودية" بأنه سيعمل على تشجيع هجرة "عرب أم الفحم الذين يرقصون على أسطح البيوت عندما يتم ذبح اليهود". وهناك أمثلة كثيرة أخرى.

 

وما الحديث الذي تردد مرارا وتكرارا إبان حرب غزة عن تهجير أهل غزة إلى سيناء وتهجير أهل الضفة الغربية إلى شرق الأردن، إلا دلالة واضحة على خطط يهود التي يبدو أنها لا توجد قوى حقيقية تقف أمامها لمنع تنفيذ هذه الخطط عمليا. أما أمريكا فحين تعلن عن رفض التهجير فإنها تضيف لها لفظ "التهجير القسري" ليتم تفسير التهجير إن كان قسريا أو طوعيا حسب ما تراه مناسبا. كما أنها حين تتحدث عن إعادة احتلال غزة ورفضها له، فإنها تضيف إليه عبارة "الاحتلال طويل المدى" وليفسر المفسرون ما شاءوا والمعنى في قلب المتحدث وليس المفسر!

 

وما الحديث الذي يتردد أحيانا في أوساط أردنية وفلسطينية عن أن الأردن هو وطن بديل لفلسطين، إلا تسريب ممنهج أن هذا الأمر مطروح في أروقة الاستخبارات العالمية والمسيطرين على مجريات الأمور.

 

والحاصل أن كيان يهود اليوم يرفض بشكل قاطع ما يسمى حل الدولتين ما دام في دولتهم عدد كبير من العرب الفلسطينيين الذين ستزيد نسبتهم على 50% مع حلول عام 2050، ووجود فلسطينيين في وحدتين جغرافيتين هما غزة في خاصرة الكيان الغربي والضفة الغربية في الخاصرة الشرقية لكيانهم، ويعتبرون ذلك تهديدا لوجودهم. ومن هنا تأتي تبريرات نتنياهو للحرب القائمة بالرغم من حجم الخسائر بأنها حرب مصيرية تتعلق بوجود كيان يهود. ولعل نظرة اليهود هذه للحاجة الماسة لـ"هودنة" كيانهم وعدم السماح لوجود أهل فلسطين لا في داخل الدولة ولا في خاصرتيها، هي التي تجعل أمريكا تمد الحبل للكيان في حربه وتمهله أسابيع أو أكثر ليحقق ما يصبو إليه، لعله ينجح في إجراء حل الدولتين. ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ

 

 

بقلم: د. محمد جيلاني

 

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع