الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2024-05-01

 

جريدة الراية: مؤتمر باريس حول السودان

والتشاكس الأنجلو أمريكي للمحافظة على النفوذ

 

 

أقامت فرنسا يوم الاثنين 2024/04/15م، مؤتمرا دوليا حول السودان، بعد مرور عام على نشوب الحرب اللعينة بين الجيش السوداني، وبين قوات الدعم السريع، وسط آمال لإحياء التعبئة بشأن أزمة السودان، التي اعتبرتها الخارجية الفرنسية (منسية)، فقد ذكرت أن الاهتمام الدولي ينصب على أوكرانيا وغزة، أكثر من السودان، مشيرة إلى أن أزمة السودان إنسانية! ولكن جيوسياسية أيضا، وقالت إن خطر تفكك السودان، وزعزعة استقرار القرن الأفريقي بكامله، كبير جدا، لذلك تسعى فرنسا، والدول الأوروبية الأخرى وبخاصة بريطانيا، بكل ما أوتيت من قوة، للحفاظ على نفوذها في المنطقة. فقد أعلن ماكرون في المؤتمر أنه سيتم في المجمل تعبئة أكثر من ملياري يورو، على أن لا يتم استخدامها في الأعمال العسكرية، لافتا إلى أن الالتزامات التي سجلت قبل المؤتمر بلغت 190 مليون يورو فقط، وأشار إلى أن حصة فرنسا في المليارين هي 110 مليون يورو. والجدير بالذكر أن ماكرون كان قد وعد رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، في مؤتمر المانحين بباريس أن فرنسا سوف تتبرع بـ60 مليون دولار، ولكن بعد أن يرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقد رفعت أمريكا اسم السودان مقابل ما دفعه حمدوك، تعويضات للمدمرة الأمريكية كول وضحايا السفارتين، غير أن فرنسا لم تدفع ما وعدت به!

 

إن الصراع في السودان هو في حقيقته صراع دولي بين الدول الأوروبية (خاصة بريطانيا) وبين أمريكا.

ويأتي هذا المؤتمر برئاسة ألمانيا، من أجل إيجاد الأمل في استئناف المفاوضات في جدة التي تماطل أمريكا في استئنافها بين الجنرالين، في محاولة من أوروبا للتعبئة بشأن أزمة السودان، وقد حضت مديرة القرن الأفريقي في منظمة هيومن رايتس وتش، وشددت على أنه من الضروري أن يعقد هذا المؤتمر، وقالت "يجب ألا يصبح ذريعة لنسيان السودان مرة جديدة". إن أوروبا لم تنس السودان بيد أن أمريكا هي التي تغلق الأبواب من أمام أي تدخل أوروبي في الشأن السوداني، وحصرت الحل في منبر جدة وحده.

 

إن الهدف من إقامة هذا المؤتمر، هو ما صرح به نائب الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية كيريستوف، وهو تحريك الأزمة إلى صدارة جدول الأعمال، حيث قال: "يجب أن لا يسمح أن يصبح السودان أزمة منسية". (فرانس 24)

 

فهذا المؤتمر ذو شقين؛ شق إنساني، يتعلق بالتبرعات كما يزعمون، والله تعالى يقول فيهم: ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾، وشق آخر يتعلق باجتماعات سياسية تشارك فيها دول الجوار؛ تشاد، وليبيا، وكينيا، وجيبوتي، وجنوب السودان، ومصر، وإثيوبيا، والسعودية، والإمارات، وأمريكا، وبريطانيا، والنرويج. وهناك منظمات إقليمية، وهي الجامعة العربية، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، إضافة إلى وكالات الأمم المتحدة. وواضح أن القصد من إشراك هذه الدول والمنظمات، هو لإضفاء صبغة دولية على المؤتمر، ولإيجاد مدخل لأوروبا، وحصة لها في كيكة السودان، وخاصة فرنسا التي تخشى على نفوذها في الدول الفرنكفونية، لأن قوات الدعم السريع لها جيوش من أبناء تلك المناطق، فكان هذا الخوف من تفتيت السودان، حيث قالت وزارة الخارجية الفرنسية "إن خطر تفكك السودان وزعزعة استقرار القرن الأفريقي بكامله كبير جدا" (فرانس برس).

 

فالدول الأوروبية ومنها فرنسا تعلم أن أمريكا تسعى لفصل دارفور، وإذا تم لها الأمر، فسوف يتزعزع نفوذ أوروبا في المنطقة، خاصة وأن أمريكا هي الممسكة بملف السودان، وكفتها هي الراجحة، وهي المسيطرة على النفوذ في كل أقاليم السودان بعد نشوب الحرب، فكان الموقف الأمريكي الحقيقي من أزمة السودان، هو إطالة أمد الحرب، بتناسل الهدن، كما نطق بها الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان، ليصبح ملف السودان في يدها وحده، وإبعاد الجناح الأوروبي من المدنيين بالكامل.

 

إن أمريكا لا تريد لأي جهة أخرى أن تتدخل في أزمة السودان إلا عملاءها وأدواتها في المنطقة، لعلها اتعظت من الفوضى التي صنعها رئيس بعثة اليونيتامس، فولكر، والتي لم تجد لها علاجا إلا بإطلاق هذه الحرب العبثية التي شردت أهل السودان، وقتلت الآلاف من خيرة الشباب، فأمريكا تريد من خلال منبر جدة أن تعيد صياغة المشهد السوداني بما يحافظ على نفوذها.

 

إن السودان سيظل في وحل الصراع الأوروبي الأمريكي، ولو نجح أحدهما (الأمريكي) في السيطرة، فسيظل التشاكس من الطرف الآخر (الأوروبي)، ولكل منهما أدوات للتشاكس. فلا مخرج لأهل السودان، إلا بجعل العقيدة الإسلامية وحدها هي أساس الحياة والدولة والمجتمع، في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تمنع الكافر المستعمر من التدخل في شؤون البلاد.

 

 

 

بقلم: الأستاذ إبراهيم مشرف

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع