- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2024-08-28
جريدة الراية: محمود عباس ومسرحية التوجه إلى غزة للنصر أو الشهادة!
قام رئيس سلطة أوسلو في رام الله محمود عباس بزيارة تركيا بدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإلقاء كلمة أمام البرلمان التركي يوم الخميس الموافق 2024/08/15 قال فيها: "إنّني قرّرت التوجه مع جميع أعضاء القيادة الفلسطينية إلى قطاع غزة وأدعو مجلس الأمن إلى تأمين وصولنا إلى القطاع"، وقال إنّ زيارته تلك ستتم "حتى لو كان ثمن ذلك حياتنا، فإن حياتنا ليست أغلى من حياة أصغر طفل في غزة"، وأضاف: "نحن نطبق أحكام الشريعة: النصر أو الشهادة"، على حد زعمه!
وأضاف بأنّ "دولة فلسطين هي صاحبة الولاية على قطاع غزة والضفة الغربية وعاصمتها الأبدية القدس"، وطالب "قادة دول العالم والأمين العام للأمم المتحدة المشاركة في الزيارة"، وفي "تأمين وصوله إلى قطاع غزة"، وادّعى بأنّ قراره هذا جاء لإثبات أنّ "أولويتنا اليوم هي وقف العدوان (الإسرائيلي)، والانسحاب الكامل والفوريّ من قطاع غزة، والإسراع في تقديم المساعدات الإنسانية، ومنع التهجير القسري، وعودة النازحين إلى بيوتهم ووقف الاستيطان، وجرائم قوات الاحتلال ومستوطنيه في الضفة والقدس"، وقال بأنّ وجهته المقبلة حسب زعمه هي "القدس الشريف عاصمتنا الأبدية"، وكرّر مقولاته السابقة المعروفة: "لقد قلناها في الماضي، لا دولة في غزة، ولا دولة بدون غزة"، وثمّن عباس "دور تركيا الرائد بقيادة الرئيس أردوغان لمواقفه الشجاعة والمبدئية دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في الحرية والاستقلال".
واعتبر تابعه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني أن إعلان الرئيس عباس قراره التوجه إلى غزة بأنّه "يبعث برسالة إلى الجميع بأن اليوم التالي للحرب على غزة تقرره القيادة الفلسطينية"، وقال بأنّ السلطة الفلسطينية "تسعى بعد انتهاء الحرب إلى بسط سلطاتها على غزة، لكي تكون تحت مظلة منظمة التحرير وضمن نظام سياسي وحكومة وسلاح واحد".
لقد قال محمود عباس ما قال ليظهر أمام مُضيفيه في مجلس النواب التركي المشحونين حماسةً بعاطفة مُعاداة كيان يهود، خاصة بسبب ما يقترفه الكيان من مجازر يومية بحق أهل غزة، قال ذلك ليظهر أمامهم وكأنّه قائد (وطني) حقيقي يمتلك كل مُقومات القيادة، ويحمل على عاتقه مسؤولية حماية الناس في غزة، ويمتلك القدرة على اتخاذ القرارات الصعبة والجريئة، فتحدث عن التوجه إلى قطاع غزة، وأنّ حياته لا تقل أهمية عن حياة أصغر طفل في غزة، وأنّه يريد تطبيق أحكام الشريعة بما تُفضي إليه إمّا إلى النصر وإمّا إلى الشهادة.
إنّ ما قاله محمود عباس أمام النواب الأتراك ما هو سوى تمثيلية سمجة فاشلة لا تقنع أصغر طفل في غزة، وإنّ أردوغان مُخرج هذه التمثيلية لا يقل سماجةً وفشلاً عن عباس نفسه، فما قام به أردوغان وعباس ما هو إلا نوع من العمل السياسي الرخيص يهدف إلى تبييض صفحتيهما السوداوتين في خذلان أهل غزة، وتسليمهما أهل غزة إلى جيش الاحتلال ليفتك بهم، ويستأسد عليهم، ويحول حياتهم إلى ضنك وشقاء، فهما في الواقع لم يقوما بأي عمل حقيقي لمساعدة أهل غزة، ولم يقدّما في مسرحيتهما الهزلية تلك سوى الكلمات الفارغة، والمواقف التمثيلية الكاذبة.
والدليل على ذلك أنّ محمود عباس يريد الذهاب إلى غزة بحماية رؤساء الدول الأجنبية والأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وليس بقدرته الذاتية ولا قدرة أردوغان وتركيا، فكيف يستقيم كلامه عن الشهادة والانتصار وهو سيذهب إلى غزة تحت رعاية وحماية مجلس الأمن والأمم المتحدة وأمريكا والدول الكبرى؟! فكلامه هذا ما هو إلا وجه آخر لمقولته الانهزامية المشهورة: (احمونا)!
إنّ محمود عباس في الواقع لا يستطيع الحركة من أي مكان إلى آخر داخل الضفة الغربية إلا بإذنٍ من دولة يهود، وهو قد اعترف بذلك قديما عندما قال "نحن نعيش تحت بساطير الاحتلال"، وهو عوّدنا دائماً على استجداء الحماية من أمريكا ومجلس أمنها، ومن الأمم المتحدة، فهو لا يملك حقيقة إلا التوسل والاستجداء.
وهو يحلم بأنْ تُمكّنه أمريكا وكيان يهود يوماً من بسط سيطرته على قطاع غزة كما قال تابعه المجدلاني، فعباس وسلطته المهترئة تأملان بأن تعود السلطة لحكم غزة تحت سنابك جيش الاحتلال بعيد هزيمة حماس، لكنه نسي أو تناسى أنّ المُستقبل لا يرسمه العملاء ولا المتخاذلون ولا الضعفاء، وأنّ سلطته ما هي إلا جهاز أمني صغير مُهمته الوحيدة محصورة فقط بوظيفة التنسيق الأمني، ولا عمل له في السياسة.
فمحمود عباس وأجهزة سلطته التابعة لكيان يهود، وحاشيته الفاسدة، ورجاله المستوزرون ليسوا أهلاً للعودة إلى قطاع غزة بعد أن طردوا منها مذمومين مدحورين، وكلام عباس عن النصر أو الشهادة هو وهمٌ يكذّبه أطفال غزة الذين مزّقوا صورة له وضعت على شاحنة توزيع المياه في شوارع غزة.
إنّ هذه الحركة البهلوانية لمحمود عباس في أنقرة ليس هو المسؤول الأول فيها، فهو لا يملك من أمره شيئاً، بل المسؤول عنها هو الرئيس التركي أردوغان الذي جاء به إلى مجلس النواب ليقوم بهذه الحركة السخيفة.
ولقد أجرم أردوغان الكاذب المُضلّل عندما قام بهذه اللعبة الطفولية، وأخفق فيها إخفاقاً شديداً، إذ كيف ينطلي عليه معرفة حقيقة أنّ عباس رجل يعرفه الجميع بأنّه أكبر متآمر على قطاع غزة، وأنّه لا يمثّل القطاع لا شعبيا ولا رسمياً؟! ففي الشهور العشرة الأولى التي مرت على حرب غزة لم ينبس عباس ببنت شفة، وكأنّه يعيش في كوكبٍ آخر، ثمّ إنّه لما وقف أمام المجلس البرلماني التركي ما نطق إلا كذباً.
بقلم: الأستاذ أحمد الخطواني
المصدر: جريدة الراية