- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2024-10-09
جريدة الراية: استعادة القرار بوابة الانتصار
قام وفد عسكريّ برئاسة قائد القوات البرية في الجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، يوم الأربعاء 2024/10/2 بزيارة تفقديّة إلى منطقة عفرين ومدينة إدلب. وضم الوفد كلاً من قائد الجيش الثاني وقائد القوات الخاصة التركية وقائد الفيلق السادس، وأكدت وزارة الدفاع التركية، على لسان مستشار العلاقات العامة والإعلام زكي أكتورك، أن القوات المسلحة التركية مستعدة لمواجهة كل التهديدات المحتملة على الحدود التركية. وتأتي زيارة الضباط الأتراك إلى شمال سوريا في وقت تتصاعد فيه الأحداث على مستوى سوريا والإقليم بشكل عام، لا سيما مع تكثيف كيان يهود لقصفه على مواقع مختلفة لنظام الإجرام وإيران وحزبها في لبنان ومليشياتها في سوريا. ويشار إلى أن القوات التركية عززت، خلال الأسابيع الماضية، قواتها العسكرية في النقاط المنتشرة شمالي سوريا.
معلومٌ مسارعة النظام التركي هذه الأيام للتصالح والتطبيع مع نظام الطاغية أسد بدفع أمريكي. ومعلوم شدة ارتباط قادة المنظومة الفصائلية به فلا يعصون له أمراً، بدءاً من تجميد الجبهات منذ خمس سنوات تنفيذاً لأستانة وجنيف، إلى التضييق الممنهج على الحاضنة الشعبية لتخضع للحلول الاستسلامية التي ترسمها أمريكا وينفذها الأتباع والصنائع.
وتأتي هذه الزيارة، المتزامنة مع ادعاء الفصائل بالعمل على فتح عمل عسكري ضد النظام المجرم، للإيحاء للناس وإيهامهم بوجود عمل عسكري حقيقي زيادةً في تخديرهم، وطمأنةً للنظام المجرم أنه يشرف على أي تحرك ضده ولو كان شكلياً، وأن الجبهات كلها تحت سيطرته. كما تأتي هذه التحركات من النظام التركي وأتباعه لكبح جماح اندفاع المدنيين والعسكريين الصادقين لاستعادة القرار العسكري وفتح معارك حقيقية تزلزل عرش النظام المتهالك، ولا يستغرب قيام قادة الفصائل المرتبطين بعمل فاشل محدود لزرع حالة من اليأس والقنوط عند الناس لدفعهم للقبول بما يملى عليهم من حلول قاتلة.
وكلنا نسمع ونرى مؤخراً تصدع أعداء ثورة الشام وتهلهل قواهم وانشغالهم بأنفسهم؛ فها هي روسيا منهمكة في كيفية الخروج من وحل مأزقها في الحرب الأوكرانية، ما دفعها لسحب جزء من قواتها من أرض الشام. وها هي إيران كذلك مشغولة بحل مشاكلها الداخلية ولملمة أوراقها المبعثرة واستعادة هيبتها المهدورة إثر الاعتداءات المتكررة من كيان يهود، يقابلها ضبط للنفس ممجوج وصبر استراتيجي مخز فاق الحدود، إلا من رد باهت لحفظ ماء وجهها واستعادة جزء من هيبتها بين أتباعها وأنصارها، وليس آخرها إطلاق مئات الصواريخ محدودة التأثير ضد كيان يهود، أما صواريخها المجرمة بحق أهل الشام فكانت ذات قدرة تدميرية تعكس مقدار خشيتها على نظام حليفها أسد، وحقدها الأسود على أهل الثورة وصمودهم. وها هو حزبها في لبنان، وهو الذي ولغ في دماء أهل الشام، يتلقى ضرباتٍ قاصمةً من يهود، ما دفعه حسب الأخبار لسحب بعض قواته من سوريا، خاصةً مع شكوكه عن تواطؤ نظام الطاغية أسد مع كيان يهود وتسليمه معلومات عن تحركاته وانتشار قواته، خاصةً بعدما خذله أسياده المجرمون في إيران بعدما أدى دوره المرسوم له.
ورغم كل ذلك، إلا أن الجبهات لا زالت مغلقة ومعارك التحرير مجمدة، وما ذلك إلا لارتباط القادة العملاء بالنظام التركي الذي ينفذ بخبثٍ الأجندة الأمريكية لوأد ثورة الشام. والأنكى من ذلك، أن نظام الإجرام يمعن في سفك دمائنا، فيقصف المدن والبلدات، وقادة العار يستنسخون صبر إيران الاستراتيجي، بل منشغلون في حرب أهل الثورة والتضييق عليهم في قوت يومهم ولقمة عيشهم والزج بهم في غياهب السجون خوفاً من غضبة منهم تزلزل عروشهم.
من أجل ذلك كله فإن الظروف قد باتت مواتية جداً لزلزلة عرش النظام المترنح المتهالك الذي يحميه قادة الارتباط بنظام المصالحات، عبر منعهم لأي عمل عسكري حقيقي ضده يفضح ضعفه ويجرئ عليه ويشجع على استئصال شأفته. إلا أن ذلك لا بد أن يسبقه استعادة القرار العسكري من مغتصبيه وتوسيد الأمر لأهله من المخلصين لا المتآمرين. فإسقاط النظام المجرم ليس من أهداف القادة الذين فقدوا ثقة الأمة بهم وبكل أعمالهم، كونهم لا يتحركون إلا بأمر نظام التآمر التركي، وإن أي عمل عسكري يمكن أن يقوموا به، بعد تجميد الجبهات لخمس سنوات تنفيذاً لأستانة وجنيف، لا يعدو كونه مقدمة للتسليم، ولهم سوابق في ذلك، ولا يعدو كونه عملاً مشبوهاً حتى لا يستلم المخلصون زمام المبادرة، ولإفشال أي عمل صادق يقومون به، ولتنفيس غضب الأمة الذي بلغ ذروته، بعد أن باتت تطالب ليل نهار بفتح الجبهات لإسقاط النظام المجرم وإعادة النازحين والمهجرين أعزة إلى بيوتهم.
نعم، سنوات وسنوات من تجميد الجبهات، تحت ذريعة الإعداد، وهم في ذلك من الكاذبين، فهم لن يحرروا لنا أرضاً ولن يحموا لنا عرضاً ولن يعيدوا نازحاً أو مهجراً، فمن باع وقبض الثمن ليس أهلا لأن يستعيد ما باعه، ورسول الله ﷺ يقول: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ».
نعم إن قيادة معارك التحرير وإسقاط النظام المجرم شرف لا يليق بعملاءَ مرتزقةٍ عند أسيادهم، يريدون إشغال الناس بمعارك جانبية بعيداً عن العاصمة والساحل، إنما هو مهمة المخلصين الذين آن لهم أن يستعيدوا قرارهم من مغتصبيه، وأن يأخذوا دورهم ويقولوا كلمتهم وينحازوا لدينهم وأمتهم وثوابت ثورتهم بعيداً عن أوامر الأعداء وأذنابهم وأدواتهم الرخيصة، وبدعم من الحاضنة الشعبية تاج الميدان وبيضة القبان، وهذا يتطلب رص الصفوف وتنظيمها، والسير خلف قيادة مخلصة ذات مشروع حقيقي من صميم عقيدة الأمة، قيادة واعية ترسم لنا خارطة طريق واضحة المعالم لإسقاط نظام الكفر والجور في عقر داره وتتويج التضحيات بما يشفي الله به صدورنا جميعاً؛ حكم بالإسلام في دولة الإسلام، الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وعد الله وبشرى رسوله ﷺ، وعسى أن يكون ذلك قريبا.
بقلم: الأستاذ ناصر شيخ عبد الحي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
المصدر: جريدة الراية