السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
العقدة الكبرى والعقد الصغرى - الحلقة الثانية عشرة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

العقدة الكبرى والعقد الصغرى

الحلقة الثانية عشرة

 

 

الذي خلق لأجله، والذي يريده الإنسان، درى ذلك أم لم يدر، هو السير على نظام الله تعالى الذي أنزله إليه على رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

 قال سبحانه وتعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا)، (قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً  فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ، وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، الذي خلق لأجله الإنسان هو اتباع هدى الله تعالى، ومن اتبع هداه فلا يضلّ في هذه الحياة الدنيا، ولا يشقى فيها، ومن أعرض عن هدى الله فإن له معيشة ضنكاً في الدنيا، وهذا هو الضنك الذي تعانيه البشرية جراء تطبيق غير الإسلام، والسير على غير هداه.

 

ليست السعادة في نيل متاع الدنيا الزائلة، وليس الشقاء في فقدانها أو فقدان شيء منها، كم عدد المنتحرين ممن ظنوا السعادة في متاع الدنيا!! وكم سعيداً ومنجزاً للإنجازات العظيمة ممن ابتلوا بفقدان شيء أو أشياء من متاع الدنيا، وهذه بعض الأمثلة ممن سجنوا فأنجزوا في سجنهم ما لم ينجزوه في حريتهم:

 

أ- سجن الإمام أحمد بن حنبل فصار إمام السنة.

 

ب- سجن السرخسي في قعر بئر فأنتج كتابه المبسوط في الفقه، عشرين مجلداً.

 

ت- أقعد ابن الأثير فصنف جامع الأصول.

 

ث- وسجن سيد قطب فأنتج (في ظلال القرآن).

 

ج- سجن عطا خليل أبو الرشتة فأنتج كتابيه: تيسير الوصول إلى الأصول، والتيسير في أصول التفسير.

 

 

اسمع قول الله تعالى حول ثلاثة أشياء: (مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) أولها ما عندكم ينفد، فلا يصلح أن يكون غاية، ولكن ما عند الله باق، فهو الذي يصلح أن يكون غاية، وثانيها: ثواب الصبر، والصبر  هو حبس النفس على ما تكره، والصابرون يجزون أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون. وثالثها: الحياة الطيبة لمن آمن وعمل صالحاً، ذكراً كان أو أنثى.

 

لقد فطر الإنسان على حب الشهوات، مع أن الشهوات هي الطريق إلى النار، روى الإمام مسلمٌ عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات)، ومع أنه قد زُيِّنَ للإنسان الشهوات من النساء والبنين وغير ذلك مما ذكرته الآية الكريمة، لكن الخيرَ من ذلك هو ما في الجنات يوم القيامة، وهي جنات تجري من تحتها الأنهار، والخلد فيها، والأزواج المطهرة، وفوق ذلك كله رضوان الله تعالى، قال سبحانه:  (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ، قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)

 

ألا يسعى الإنسان إلى تحقيق الطمأنينة الدائمة؟ (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ  قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

 

ألا يسعى الإنسان إلى انشراح صدره ورضا نفسه وطمأنينة قلبه؟ (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء).

 

ألا يخطر ببال أحد أن يكون المال سبب شقاء؟ أو أن يكون الولد سبب شقاء؟ انظر ماذا قال الله تعالى عن المنافقين: (فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ).

 

روي عن مقاتل في سبب نزول أول سورة طه: أنّ أبا جهل والنضر بن الحارث قالا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : إنك لتشقى بترك ديننا، وذلك لما رأياه من طول عبادته واجتهاده، فأنزل الله تعالى: (طه ، مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى).

 

إن التخلص من عقدة الشقاء، والسير في طريق السعادة، لا يكون إلا بالإجابة العقلية الصحيحة المقنعة عن السؤال الثاني من أسئلة العقدة الكبرى: لماذا؟

 

ومع كل ذلك، ومع وجود السعادة في الدنيا باتباع رضوان الله، لكن السعادة الحقيقية إنما هي في الآخرة، وذلك هو الفوز الحقيقي، لأن فيه الخلود في النعيم المقيم: (يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ  إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ، فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي  النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ، خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ  السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ، وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ).

 

 

كتبها لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير

أبو محمد – خليفة محمد - الأردن

 

 

آخر تعديل علىالأحد, 10 آذار/مارس 2019

وسائط

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الأحد، 10 آذار/مارس 2019م 00:29 تعليق

    بارك الله جهودكم و أثقل بها ميزان حسناتكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع