الخميس، 17 صَفر 1446هـ| 2024/08/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خطبة جمعة: وجوب محاسبة الحكام على أعمالهم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال عز وجل: ( وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ) 80 الإسراء، قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية قال قتادة: (إن نبي الله صلى الله عليه وسلم علم أن لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان فسأل سلطانا نصيرا لكتاب الله ولحدود الله وفرائضه وإقامة دين الله فإن السلطان رحمة من الله جعله بين أظهر عبادة ولولا ذلك لأغار بعضهم علي بعض فأكل شديدهم ضعيفهم). وقيل «ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) أي ليمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام ما لا يمتنع كثير من الناس عنه بالقران وما فيه من الوعيد الأكيد والتهديد الشديد .

أيها المسلمون: إن الشرع جعل للمسلم حقوقاً وأعلى شأنه ورفع قدره لذلك حرم دمه وماله وعرضه وأن ينتقص أي حق من حقوقه فحرّم الظلم ، ولحفظ هذه الحقوق أوجب الإسلام علينا أن يكون لنا سلطان يطبق الإسلام فيحمي المسلمين من بعضهم ومن عدوهم فلا يستأصل بيضتهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به) وقد جعل الشرع الأمة قيّمة على هذا السلطان، فإن لم يكن موجوداً عملت علي إيجاده وإن حاد عن الطريق عملت على إرجاعه إلى طريق الصواب، وقد نهانا الإسلام عن الركون إلى الظلم والظالمين بل أمرنا ألا نرضي بالظلم وأن ننهى عنه وألا نخاف في الحق لومة لائم قال تعالي: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ )هود 113، أي لاتميلوا إليهم.

أيها المسلمون: إن الأمة إذا تمسكت بدينها فتقيدت به فأمرت بالمعروف ونهت عن المنكر فإن الحياة ستستقيم، فتسعد في ظل أحكام الإسلام التي أنزلت لرحمة العباد ورفع الظلم وإحقاق الحق وإبطال الباطل. ولكننا نجد اليوم أن كثيراً من الحقوق مضيّعة والناس لا يسألون عنها ويمكن الإشارة إليها بانعدام الرعاية أو سوئها وهي حق من أهم الحقوق الشرعية للأمة، فهذه مشكلة، ولكن المشكلة الأهم لماذا لا يهتم الناس بإرجاع الحقوق إليهم ولا يحركون ساكناً، فهل هذا يعني أن نركن إلى الحياة حتى لو كانت حياة لم يبعث من أجلها رسولنا صلى الله عليه وسلم، أي حياة يرضى الله لنا أن نعيش بها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ».

أيها المسلمون: في الأيام الماضيات استمرت قطوعات الكهرباء والماء لأيام عديدة وتضرر الناس منها، لأن حياة المدينة تحتاج إلى الكهرباء، سيما لو كان الجو ساخناً، وسيما لو ارتبط العمل مباشرة بالكهرباء، فتشغيل الأجهزة والآلات وتشغيل طلمبات المياه لأنها تحتاج إلى الكهرباء، فهي من الرعاية الواجبة أن توفر للرعية، والرسول صلى اله عليه وسلم يقول: «.... فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته» فهل تمت محاسبة المسؤولين عن ذلك؟ وهل حدث اهتمام من قبل الدولة تجاه رعيتها؟ أم أن الأمر صار مألوفاً للناس، فأن يتضرر الناس ويعيشوا في ضيق ليس أمراً مذموماً؟! نعم كأنه ليس مهماً أن يرعى الناس وأصابهم الشقاء والضنك. بمعنى آخر هل استشعرنا كرامة الإنسان ومكانته عند الله؟ (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) هل سعينا لإرجاع الحقوق لنا؟ أم أننا لم نأبه ولم نحرك ساكناً عباد الله. فلننظر إلى صورة موجودة عند بعض الكافرين في استراليا حيث أرسلت شركة الكهرباء إلى سكان عمارة رسالة مفادها أنه بعد ستة أشهر ستقطع الكهرباء لمدة ساعة كاملة لإجراء توصيلات جديدة وتطوير التوصيلات، فاجتمع أهل العمارة وقالوا انهم سيتضررون من ذلك، فاتفقوا على أن أمام شركة الكهرباء ثلاثة خيارات، توفير البديل في حالة الانقطاع لمدة ساعة كاملة لضمان استمرار الخدمة بمولدات، أو الاتفاق مع شركة منافسة أخرى لتغطية مدفوعة الثمن لمدة ستين دقيقة، أو المطالبة بتعويض وقدره خمسون ألف دولار لكل مواطن. فجاءت الشركة إلى السكان  واجتمعت بهم بالعمارة واستجدتهم استجداءً للموافقة على القطع لمدة ساعة واحدة فقط!! إن هذه القصة ليس للتعلم منهم بل للمفارقة كيف أن الكفار لا يحتقرون أنفسهم في بعض الأمور ونحن خير أمة أخرجت للناس جعلت لنا الأحكام والشرائع التي تجعلنا نعيش فيها أكرم وأرفع حياة، قال تعالى: (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ).

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وآله وصحبه الكرام النجباء ومن تبعهم بإحسان إلى يوم اللقاء.

أيها الأحبة الكرام: إن الملاحظ أنه لا يوجد بلد في الدنيا يدفع دفعا مقدما، حتى جنوب أفريقيا عندما فعلت ذلك وطبقته رفض الناس فألغته، وهذا الدفع المقدم وبسعر عالٍ جداً قد لا يوجد له مثيل في الدنيا وفَر أموال ضخمة جداً فكيف إذا علمنا أن مصنعاً للأسمنت واحداً فقط يشتري شهرياً كهرباء بمبلغ ثلاثمائة مليون جنيه في الشهر، فكيف ببقية المصانع الضخمة وما يدفعه الأهالي، فبالتالي إن الأموال وفيرة ومع ذلك تحدث هذه القطوعات، فهل الكهرباء غير موجودة أصلاً ولا توجد إمكانيات؟ ولكن الذي يقوله المسؤولون إن الكهرباء موجودة وبكثرة، وأن الإمكانات هائلة، فيظهر بذلك الكذب والمفارقة  بين القول والواقع الذي يعاني منه الناس، انقطاع في الكهرباء وماء وفير، فقد حبانا الله بأطول أنهار الدنيا، فهل عدم الاهتمام من قبل المسؤولين لأن الناس أموات لا حياة فيهم؟!

إن الواجب علينا أن نحاسب الدولة على أساس الإسلام في إضاعة حقوقنا من واجب الرعاية والحكم بما أنزل الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ لَتَدْعُوُنَّهُ فَلاَ يَسْتَجِيبُ لَكُمْ »، وقال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ ، حَتَّى يَرَوُا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ ، وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ ، فَلا يُنْكِرُوهُ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ، عَذَّبَ اللَّهُ الْعَامَّةَ وَالْخَاصَّةَ»، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى الْمِنْبَرِ: وَاللَّهِ لَتَجِدُّنَّ فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَلَتُقَاتِلُنَّ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، أَوْ لَيَسُوسَنَّكُمْ أَقْوَامٌ أَنْتُمْ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ مِنْهُمْ، ثُمَّ لَيُعَذِّبَنَّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وقال عليه الصلاة والسلام: « أَلاَ لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ الِحَق إِذَا رَآهُ، أَوْ شَهِدَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، وَلاَ يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ، أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ».

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع