الجمعة، 18 صَفر 1446هـ| 2024/08/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خطبة جمعة  الوحـدة على أسـاس الإسـلام ..  الضمان الوحيد من التمزيق والتفتيت

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً، الحمد لله الذي جعل الليل والنهار آيتين فمحى آية الليل، وجعل آية النهار مبصرة لنبتغي فضلاً من ربنا، ولنعلم عدد السنين والحساب وكل شيء فصله تفصيلا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم فصلّ عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً... أما بعد،

يقول المولى عز وجل: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21]، يقول الإمام القرطبي في تفسير ذلك: هذا عتاب للمتخلفين عن القتال، أي كان لكم قدوة في النبي صلى الله عليه وسلم حيث بذل نفسه لنصرة دين الله في خروجه إلى الخندق. والأسوة القدوة، والأسوة ما يتأسى به أي يُتْغزَّى به. فيتعزى به في جميع أفعاله ويتعزى به في جميع أحواله، فلقد شُجَّ وجهه، وكسرت رباعيته، وقتل عمه حمزة وجاع بطنه، ولم يُلفَ إلا صابراً محتسباً، وشاكراً راضياً. انتهى كلام القرطبي.

أيها المسلمون: لقد قضى رسولنا عليه الصلاة والسلام حياته كلها في جهد وجهاد لإعلاء راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وعندما سار لتأدية الرسالة كان يسير بالوحي، وكان من هذا الوحي أن الإسلام لا يكون إلا بسلطان، أي دولة تطبق الإسلام وتحمله إلى العالم رسالة بالدعوة والجهاد، وكانت هذه الدولة ذات طابع فريد فقد جمعت بين الناس كافة، كل يسير بأحكام الإسلام وسلطانه، هذا السلطان الذي جمع المسلمين فجعلهم إخوة متحابين في الله وفي رسوله، فجمع بين أبي بكر العربي وبلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي، ولم يكن الإسلام حبيساً في المدينة المنورة بل انتشر في كل الجزيرة وتمت الفتوحات الإسلامية لنشر الإسلام ولم يُكره الناس للدخول في الإسلام لأنه لا بد من الاقتناع والإيمان، ولكن طبقت على الشعوب أحكام الإسلام فصار الناس كلهم رعايا للدولة الإسلامية لا يظلم أحد الآخر وإذا حدث فإن الإسلام زاجره ورادعه، وفي فترة وجيزة عم نور الإسلام أركان الدنيا، وذلك بفضل الله عز وجل وعظمة الإسلام وجهد الرسول صلى الله عليه وسلم وجهد من تأسى به عليه الصلاة والسلام.

ولكن الكفار أخزاهم الله علموا أن قوة المسلمين في حدتهم وبوجود سلطانهم فعمدوا على إيقاف أثر جهد رسول  الله صلى الله عليه وسلم بإزالة دولتنا التي أسسها الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي مثل هذا الشهر يوم 28 رجب 1342 للهجرة هُدمت الدولة الإسلامية التي كان مقرها تركيا آخر حاضرة للخلافة، فهذه الأيام وبالتحديد يوم 28 رجب هو تأريخ الذكرى الأليمة وقد تبعتها اتفاقية سايكس بيكو (وهما وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا) تم تمزيق الأمة الإسلامية، بالحدود القطرية لتضعف الأمة الإسلامية.

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت آحاداً

نعم أيها المسلمون: فالقوة في الوحدة على أساس العقيدة الإسلامية. ولم يكتفوا بذلك، بل يسعون لتمزيق ما هو ممزق وتفتيت ما هو مفتت، فها هم يخططون لتمزيق السودان بفصل جنوبه عن شماله عن طريق الاتفاق الذي وضعته أمريكا في نيفاشا، أوردت صحيفة الصحافة في عدده رقم (5680) بتاريخ 30/4/1430هـ الموافق 26/4/2009م أن المبعوث الأمريكي السابق أندرو ناتسيوس أعلن خلال ندوة نظمت في جامعة جورج تاون في واشنطن: "أن هذف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي هو فصل الجنوب سلمياً عام 2011م ثم بعد ذلك الشروع في حل مشكلة دارفور". وكذلك يسعى الاستعمار وعملاؤه  لتمزيق الأمة بإثارة النعرات القبلية، وقد قال والي النيل الأزرق في الأسبوع الماضي: "نحن مع الوحدة 100% ولكن إذا اختار الجنوب الانفصال من خلال صناديق الاستفتاء فإن منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق سيمسكون بأرجلهم ولن تذهب المنطقتان مع الشمال" صحيفة آخر لحظة العدد (1054) بتاريخ 12/7/2009م.

وقد أكد خبراء عسكريون أن التسليح الثقيل الذي تقوم به حكومة الجنوب (حيث تسلمت حكومة الجنوب 6 مليار دولار من أموال البترول وانفقت منه 4 مليارات على السلاح) أكدوا أنها مؤشرات مبكرة للانفصال ورجحوا حدوث مواجهات إذا حدث الخلاف حول نتيجة التحكيم التي سيعلن عنه يوم الأربعاء القادم من محكمة الكفر الدولية التي تسمى بمحكمة العدل الدولية بلاهاي، صحيفة الانتباهة العدد (1306) يوم 12/7/2009م.

أيها المسلمون: أين نحن من التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أين نحن من تحقيق وحدة الأمة وتطبيق الإسلام؟ أين نحن من الاحتكام إلى كتاب الله عز وجل؟ كيف نحتكم إلى شرعة الكفر وقد سمى الله من يحتكم إليهم بالمدعي كذباً، قال تعالى: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا) [ النساء: 60]، نحتكم إليهم لبمزقوا وحدتنا ويشتتوا شملنا بدلاً من الاحتكام إلى الإسلام وجعله أساساً لفض نزاعاتنا والحفاظ على وحدتنا التي تضيع يوماً بعد يوم.

الخطبة الثانية

أيها المسلمون: إنه لا خير فينا ولا خير نرجوه إن لم نتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد حدّد لنا عليه الصلاة والسلام نظاماً نعيش به ونعيش له لتطبيق الإسلام ونشره؛ وهو نظام الخلافة، الذي حافظ عليه المسلمون أكثر من ثلاثة عشر قرناً من الزمان، وعندما تراخى المسلمون وقعدوا عن التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم استطاع الكافر المستعمر أن يُزيل دولة الخلافة ويمزق شمل الأمة. فالخلافة تعني تطبيق الإسلام كاملاً، فيجب علينا إعادتها بالبداية من نقطة أو عدة نقاط ثم يتم ضم بقية بلدان المسلمين إليها وقد بشّر بها المولى سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم. لذلك كان لزاماً علينا أن نجتهد لإيقاف النزف المستمر للمسلمين وإيقاف مخطط الغرب الكافر بالعودة إلى الإسلام ونقض كل ما يخالفه، حتى نحافظ على الأقل على تماسك الأمة ووحدتها على أساس الإسلام، فتقوم الدولة الإسلامية فتجمع المسلمين الممزقين الآن في دويلات تحت راية واحدة، ودولة واحدة. وقد قام إخوة لكم بالعمل لجمع شمل الأمة ومنع تمزيقها بالطواف على المناطق الملتهبة ومنها جنوب كردفان واليوم عصراً في ميدان المولد بالحلة الجديدة سيقام بإذن الله مهرجان خطابي للتباحث في هذا الأمر، فأروا الله من أنفسكم خيراً.

ولنا اعتبار فيمن سلف من هذه الأمة كميسون الدمشقية التي آلمها أن يكون بيت المقدس في يد الصليبيين فتمنت لو كانت رجلاً فتجاهد وتستشهد كما استشهد أخواها فقطعت شعرها هي وصاحبتها وذهبت إلى الإمام عبد الرحمن بن الجوزي إمام المسجد الأموي بعد أن صنعت هي وصاحبتها من شعرهن شكالاً لفرس وطلبن منه أن يحث الرجال للجهاد في سبيل الله، فصعد ابن الجوزي المنبر وحث المسلمين على الجهاد في سبيل الله وقال: با نساء بعمائم ولحى، وأخبرهم بما فعلت ميسون وصاحبتها وألقى الشكال على المسلمين، فجاهدوا مع صلاح الدين حتى حرر بيت المقدس، هذه المواقف فالله عز وجل خلق النساء فيلدن الرجال، وأوجب على الرجال الجهاد حتى ترفع راية لا إله إلا الله، فنسأل الله أن يرضى عنا وأن يبلغنا عملاً يرضى به عنا ونسأل الله ألا نفرط في ديننا وأماناتنا وأراضينا اللهم آمين.

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع