بسم الله الرحمن الرحيم
مسلسل التآمر على فلسطين وأهلها
وكالة الغوث (الأونروا) تلوح بملف خدماتها
ما إن بدأت سنة 2016م حتى أطلقت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA) في لبنان إجراءات تقليص خدمات الاستشفاء التي كانت تقدمها لأهلنا اللاجئين الفلسطينيين في داخل المخيمات الفلسطينية وخارجها فيما يُعرف بـ (التحويل) للمستشفيات المتعاقدة مع الأونروا، وتحميل الناس جزءًا معتبراً من التكاليف يرهق كاهلهم ولا سيما في الحالات التي تتطلب تدخلات جراحية، أو الحالات المرضية التي تتطلب علاجاً طويلاً أو متخصصاً... وقد ظهرت آثارها بشكل متسارع حيث أقدم أحد أهلنا من سكان مخيم برج الشمالي في جنوب لبنان على حرق نفسه لعدم تمكنه من دفع التكاليف، وسُجلت وفاة امرأتين في مخيمات صور نتيجة عدم تحويلهم إلى مستشفى متخصص...! هذا علاوة على ملف التعليم وطريقة دمج الطلاب بأعداد كبيرة، كبداية لإقفال بعض المدارس وإيقاف بعض المعلمين، ويُتوقع أن يطال التقليص ما بات يعرف بالشؤون (الشؤون الاجتماعية) وهو البرنامج الذي يرعى حالات العسر الشديد...
ومن المعلوم أن الدولة اللبنانية - وفي سياق الضغوطات الممنهجة - لا تقدم للفلسطينيين أية خدمات طبية إلا عبر التحويلات من الأونروا وهو الملف الذي طاله التقليص، وحتى في مجال التعليم فإن هناك تشدداً في قبول الطلبة الفلسطينيين في المدارس الرسمية، أما أصحاب العسر الشديد فلا بواكي لهم... لا بل إن الدولة اللبنانية بحجة ما يسمى منع التوطين، تُضيق على الناس معاشهم، فلا تسمح لهم بالعمل فيما يقرب من سبعين وظيفة، ولا تسمح لهم بالتملك، وتضيق عليهم في أماكن سكنهم في المخيمات بوسائل مختلفةٍ مذلة، وليس ببعيد قضية أن وثائق السفر الممنوحة لهم من الدولة اللبنانية ما باتت تصلح للتنقل بها بسبب أنها لا تطابق المعايير الدولية. أليس من العجيب أن الفلسطينيين الذين عاشوا في لبنان لقرابة 76 سنة لا يحق لهم ما يحق لأجنبي يمكث بضع سنين!! والحُجة القضية الفلسطينية التي صارت شعارات، لا بل الشعارات بيعت أثواباً بالية.
يا أهلنا، أهل فلسطين في المخيمات وخارجها، إن تحركاتكم المهمة تزعج اللاعبين المتآمرين، فالقضية أكبر من مجرد تقليص خدمات أو حتى وقفها وإنهائها، إنها خطوة في التآمر من أهل التنازلات ممن زعموا تحريراً، ومن يساندهم من الدول الإقليمية والغربية ولا سيما أمريكا على إنهاء ما زعم أنه القضايا العالقة (حق العودة، وقضية اللاجئين، والقدس)، بعد أن تنازلوا عن فلسطين ليهود وجلسوا فوق أمتار سموها "سلطة"، عقب سنين من تقزيم قضية فلسطين من قضية أمة، ثم قضية عرب، ثم قضية دول الطوق، ثم قضية منظمة، ثم قضية سلطة، ثم قضية سلطتين، ثم إلى قضية إغاثة وخدمات... ويُوجز هذا التاريخ المخزي في بيع فلسطين ليهود بثمن بخسٍ دراهم معدودة وأمتار كانوا فيها من الزاهدين، بعنوان نشرته جريدة الحياة في عددها كانون الثاني 2014م على لسان ياسر عبد ربه: دولة يهودية، وعاصمة في جزء من القدس، وعدم عودة اللاجئين.
إن وكالة الغوث (الأونروا)، ومعها بل تسبقها "السلطة" الفلسطينية، حلقة في سلسلة من التآمر على فلسطين لتمكين يهود منها، ولم تكن إحدى غاياتها توفير الحياة الكريمة للاجئين أو تسهيل حياتهم، بل امتصاص غضبهم وإسكاتهم في حياة ذلٍ ومهانة إلى حين تصفية قضية فلسطين. والآن وبعد أن قطع الغرب والحكام أشواطًا عديدة في مخطط التركيع للشعوب والتطبيع، وتسخير الحكام والسلطة في تقديم التنازلات وتمكين يهود من فلسطين، فإنّ الأجواء مهيأة أكثر من وجهة نظر أمريكا والغرب لتحقيق إنجازات أكبر على صعيد تصفية قضية اللاجئين ودفعهم للتنازل والقبول بأي حل من شأنه أن يريحهم قليلًا من ضنك العيش وذلة الحياة. هذا حلمهم وهذه حساباتهم، ولكنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، وهم في كل مرة يصطدمون بحقيقة الأمة الإسلامية وأبنائها الأبطال، الذين يشكلون صخرة صلبة أمام مشاريع الغرب وطموحاته، ويبرزون كأسطورة تعجز مضامين الغرب الفكرية عن تفسيرها أو تحليلها، ولكن الغرب غرّته نذالة الحكام والسلطة وخِسّتُهم فقاسوا عليهم بقية أهل فلسطين والأمة، فخابوا وخسروا إن شاء الله.
يا أهلنا، أهل فلسطين في المخيمات وخارجها، اليوم تحين ساعة قولكم الحق:
- أن هؤلاء المتنازلين الآثمين لا يمثلونكم، بل هم أصل الداء الذين أوصلونا وإياكم لهذه الحالة المزرية.
- وأن القضية عندكم ليست قضية تعليم وطبابة وطعام يسكتونكم بها - وهي لكم أقل حق - بل هي قضية أمة ضاعت أرضها لا بل ومقدساتها، وتُسام وكل المسلمين في كل زاوية سوء العذاب من قادة العرب والغرب، وما إخوانكم من أمتكم الواحدة في سوريا والعراق وليبيا واليمن ومصر عنكم ببعيد.
- وأنكم على وعي تام بالمتآمرين بكافة خططهم وأشكالهم ومسمياتهم.
- وأنكم لن تسلموا قيادكم بعد اليوم إلا للعاملين المخلصين في تحرير البلاد والعباد من الاستعمار الفكري والاقتصادي والاحتلال المباشر، فيكرمنا الله وإياكم ببشرى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في الصحيحين واللفظ لمُسلم: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد».
يا أهلنا، أهل فلسطين في المخيمات وخارجها
حزب التحرير، فيكم وبينكم لم ولن يغمض له جفن عن هذه المؤامرات حتى يفضحها، ولن يهنأ له بالٌ واصلًا ليله بنهاره حتى ينجز موعود الله فتنالوا عز الدنيا، دولةً خلافةً راشدةً على منهاج النبوة، تعمل على رعاية شؤون رعاياها في كل مجال، وعز الآخرة، رحمةً وثواباً من الله على ما قدمتم نصرةً لدينكم ومقدساتكم...
وإنما يكون الفجر بعد أشد الأوقات ظلمة، ولن يغلب عسرٌ يُسرين ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾.
﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ...﴾
التاريخ الهجري :5 من ربيع الثاني 1437هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 15 كانون الثاني/يناير 2016م
حزب التحرير
ولاية لبنان