المكتب الإعــلامي
ولاية لبنان
التاريخ الهجري | 27 من ربيع الاول 1429هـ | رقم الإصدار: |
التاريخ الميلادي | الخميس, 03 نيسان/ابريل 2008 م |
عقدت القمة أم لم تعقد، قاطع لبنان أم حضر، ما الفرق؟!
منذ أسابيع شُغل أهل لبنان بالجدل الدائر داخل الطبقة السياسية وفي الصحافة ووسائل الإعلام: هل يشارك لبنان في القمة، أم يقاطع؟ وإن شارك فمن الذي سيمثله؟ وما حجم مشاركته؟... وراح كل فريق يحشد من المسوغات والمبررات ما يثبت رأيه، سواء في المشاركة أم في المقاطعة. واللافت في هذا المشهد أن أياً من طرفي المعارضة والموالاة لم يستقر على رأي موحد في هذا الشأن، حتى الأيام الأخيرة التي سبقت القمة. فلما اتضح موقف كل فريق بفعل الوحي الآتي من الخارج، راح كل منهما في ربع الساعة الأخيرة ينتقد بشكل لاذع موقف الآخر، ليثبت الطرفان من جديد أن النزاع وتسجيل المواقف بات في حد ذاته مطلباً، ولو خالياً من الخلفية المبدئية أو حتى السياسية.
انعقدت القمة أم لم تنعقد، حضر لبنان أم قاطع، ما الفرق؟ ومتى كان لهذا المسلسل السنوي من القمم فائدة وفعالية؟! وما الذي استفاده أهل لبنان وسائر البلاد (العربية) من هذه القمم التي تحولت إلى بروتوكول ممل؟!
- من المبررات التي أعطتها الحكومة للمقاطعة "تعطيل انتخاب رئيس للبنان". فما هذه الدولة التي يتعطل انتخاب رئيس فيها بإرادة دولة أخرى، ولا يُنَصّب إلا بعد مساومات واتفاقات خارج حدودها؛ المصطنعة طبعاً؟!
- ومن المبررات "إصرار رفض (اللبنانيين) التكيف مع الواقع القائم". عن أي لبنانيين يجري الكلام؟ وهل هناك "شعب لبناني" واحد يشار إليه بالإصبع، تنحو أغلبيته على الأقل باتجاه معين، ليتحدث أحد عن "إرادة لبنانية"؟! أم إن الكيان الذي اصطنعته فرنسا هو مزيج من القبائل المسماة طوائف، والتي تتناحر وتتحالف وتنشق، بين يوم وآخر، وفقاً لتقلبات المصالح الفئوية والرياح العابرة فيه من الجوار الإقليمي أو البعد الدولي؟!
- ومن المسوغات "التأكيد على أن لبنان يتمثل برئيس جمهورية مسيحي"، إشارة إلى هوية بقية الرؤساء "المسلمين"، وطمأنةً للنصارى الذين يرون حفاظهم على رئاسة الجمهورية ضمانة لهم. فنقول: على الرغم من التصنع في الإصرار على أن يكون الرئيس الذي يمثل لبنان مارونياً، فليس الإسلام هو القاعدة التي ينطلق منها الرؤساء المجتمعون في قمم الضجر العربية، إذ فَصَل هؤلاء الدين عن السياسة والمجتمع والتشريع منذ عشرات السنين، وباتوا ينطلقون من قاعدتين اثنتين: تثبيت العروش، ورعاية مصالح الدول الكبرى في بلادهم، ولا يخطر في بالهم رعاية شؤون شعوبهم بأنظمة الإسلام. ولو أنهم اعتمدوا الإسلام في رعاية شؤون الناس لحلت مشكلات أهل البلاد من مسلمين وغيرهم. وأما عن طمأنة النصارى في لبنان من خلال حفظ موقع رئاسة الجمهورية لهم، فنقول: إن طمأنينة النصارى وسائر أهل لبنان لن يكفله منصب هنا أو هناك، وإنما النظام الصالح الذي يرعى شؤون الناس، بوصفهم أناساً تحتاج مشكلاتهم إلى علاج. وهذا في اعتقادنا الجازم لن يأتي إلا من خلال تطبيق النظام الإسلامي الذي أنزله الله تعالى رحمة للعالمين.
- وعلى الرغم من أن الحكومة أعلنت أن "المقاطعة هي مناسبة لتأكيد ضرورة احترام سيادة لبنان واستقلاله ورفض التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية". فإن الساسة فيه من موالاة ومعارضة يكررون كل يوم أن الحل لن يأتي إلا من الخارج الإقليمي والدولي!
والسؤال الأخير: لو كانت القمة التي قررت الحكومة مقاطعتها معقودة في عاصمة أخرى، هل كانت المعارضة لتغار عليها تلك الغيرة، إذ أعلنت "أن الدولة التي تقاطع القمة ستكون هي الخاسرة"؟!
وبالتالي ولما كانت كل المواقف المعلنة حول المشاركة في القمة أو مقاطعتها من هذا الفريق أو ذاك، منطلقة من منطق المكايدة وتسجيل المواقف، وإذ نتحرك بمعزل عن الاصطفاف في هذا الصف أو ذاك، يهمنا أن نذكّر الرأي العام بالحقائق الواقعية والمبدئية التالية:
1- إن جامعة الدول العربية، على الرغم من تسميتها "جامعة"، لم يكن الهدف منها في أي يوم من الأيام الجمع بين هذه الدول، بل كانت الغاية منها أن تكون بديلاً عن الدولة الواحدة الجامعة للأمة الواحدة، وبالتالي فهي أُنشأت لتكريس التقسيم الذي جاء مع المستعمر منذ حقبة ما بعد الحرب العالمية الأولى.
2- إن هذا الإطار المسمى الجامعة العربية، لم يقدم يوماً - ولن يقدم - للبنان أي حل لمشكلته، إذ مشكلة لبنان كامنة في أصل نشوئه، حين أسست فرنسا كياناً بلا مجتمع، ليكون بؤرة توتر في خاصرة هذه المنطقة الإسلامية.
3- إذا كانت مشكلة لبنان قد بدأت مع نفوذ الدول الأوروبية في جبل لبنان، في سياق تآمرها على دولة الخلافة زمن العثمانيين، ثم تفاقمت بإعلان فرنسا إنشاء كيان جديد اسمه "لبنان" لا يمتلك مقومات الدولة، فإن مشكلته لن تحل إلاّ بعودته إلى محيطه الطبيعي وانتمائه الحضاري الذي كان جزءاً منه طوال مئات السنين الماضية. وريثما تحل معضلة هذا الكيان، نكرر النداء إلى جميع النافذين والمتحكمين بمصائر الناس في هذا البلد، أن يتقوا الله فيهم، ويكفّوا عن استخدامهم وقوداً لمخطط القوى المحلية والإقليمية والدولية.
ولا يفوتنا أن نعلن اشمئزازنا، فضلاً عن شجبنا، لظاهرة إطلاق الرصاص، بل والقنابل، كلما ألقى زعيم من الزعماء، من هذا الفريق أو ذاك، خطاباً يستجير الناس من مفاعيله التي تتجلى قتلى وجرحى أصيبوا بالرصاص الطائش وخسائر في الممتلكات. فهل خلت الساحة من عقلاء يلجمون هؤلاء الذين لا يعرفون لغة يخاطبون بها خصومهم سوى الرصاص والقنابل؟!
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية لبنان |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: +961 3 968 140 |
فاكس: +961 70 155148 E-Mail: tahrir.lebanon.2017@gmail.com |