- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
قضاء الصوم للميت
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها فقال لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها قال نعم قال فدين الله أحق أن يقضى قال سليمان فقال الحكم وسلمة بن كهيل جميعا ونحن جلوس حين حدث مسلم بهذا الحديث فقالا سمعنا مجاهدا يذكر هذا عن ابن عباس، صحيح البخاري.
أيها الأحبّة الكرام
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:
يخبرنا هذ الحديث الشريف عن أمر قد يجهله بعضنا وهو الدَين الذي يكون في أعناقنا ونحن لا نلقي له بالا، فمن المعلوم أن الدَين يورث لمن يستحقون الميراث شرعا، وهذا حق للعباد على العباد، وهذا الدين الذي يرثه الوارث يشمل مما يشمل حق الله على عباده، فيظهر من هذا الحديث الشريف كيف كان جواب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما سُئل عن عبادة هي من أعظم العبادات وهي الصوم، فقد كان جوابه صلى الله عليه وسلم بأن من حُق عليه الصوم ولم يصم لأسباب شرعية أباحها الله سبحانه وتعالى فإن قضاء هذا الصوم حَقٌ على الوارث حتى يسقط العمل عن الميت الذي لم يقم به في حياته، حتى يكون هذا العمل عونا وحجة له يوم القيامة عند قدير مقتدر.
ولا بد أن نعي أنه إن كان الأمر متعلقا بحق الله تعالى وجب علينا نحن أن نؤديه عن الميت، فكيف إن كان هذا الحق علينا ونحن أحياء، أليس الأولى بنا والأجدر ألا نقصر به حتى نلقى الله تعالى بحجة تقينا نار جهنم، ففي هذا الحديث لفتة لا بد من الوقوف عليها وهي أن الله سبحانه وتعالى يغفر للعباد ويتقبل منهم أعمالهم، أما المقصر في فرضه سبحانه وتعالى فلا يغفر له ولا يعفو عنه، فكم من مقصرٍ بأحكام الله وشرعه وعباداته وكم من مسلم لم يفكر حتى في التكفير عن تقصيره هذا بعمل ما افترضه الله عليه أو بقضاء ما يجب عليه قضاؤه؟ فيجب علينا أن نتدبر هذا الحديث ونعيد حساباتنا مع أنفسنا قبل أن نحاسب أمام الله تعالى على تقصيرنا بعلم أو بجهل، فنحن لا تزال لدينا الفرصة لنستدرك ما بدر منا من آثام وخطايا، فيجب على كل مسلم في عنقه حق لعباد الله أو حق لرب العباد أن يكفر ما سلف منه من المعاصي بالأعمال التي تكفر الذنوب، وعليه أن يجتهد في التوبة والعمل الصالح والبعد عن المعاصي.
فالله نسأل أن يعيننا على تكفير سيئاتنا وأن يرشدنا ويحفظ علينا ديننا وأن يسهل علينا التوبة ويتقبل منا أعمالنا كلها خالصة له، إن ذلك ليس على الله بعزيز.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح (رحمه الله)