- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
حكامٌ يعطلونَ الأحكام
نحييكم جميعا أيها الأحبةُ في كلِّ مكانٍ، في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجِكم "مع الحديثِ الشريف" ونبدأ بخيرِ تحيةٍ، فالسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا ». رواه مسلم برقم 977.
أيّها الأحبّة الكرام:
إنّ زيارةَ القبورِ تذكرُنا بالموت، وتذكرُنا بالآخرةِ فتدفعُنا إلى خشيةِ اللهِ سبحانهُ وإلى المبادرةِ بالأعمال، كما وترققُ قلوبَنا فنبتعدُ عن الرياءِ وعن العنادِ والكبرياءِ، ففي القبرِ تزولُ جميعُ أسئلةِ الدنيا: من أنت وابنُ من؟ وماذا تملكُ من المال؟ ما رصيدُكَ في البنك؟ ولا يبقى إلا سؤالٌ واحدٌ: ما عملكُ الصالحُ الذي قدمت؟
أيها المسلمون:
كثيرٌ منا يأتي إلى الدنيا ويخرجُ منها وهو لا يعملُ إلا لدنياه، لا لشيءٍ إلا لأنّ مفهومَ الآخرةِ قد غُيّبَ عنه، فاليومَ نرى الناسَ تلهو وتلعب وقد غابت عنها مفاهيمُ الآخرة، فانطبقَ عليها قولُ الشاعر:
يا بائعَ الدينِ بالدنيا وباطلِها ترضى بدينِك شيئا ليسَ يسواه
حتى متى أنت في لهوٍ وفي لعبٍ والموتُ نحوكَ يهوي فاغرا فاه
تلهو وللموتِ ممسانا ومصبحُنا من لم يصبّحهُ وجهُ الموتِ مساه
نعم؛ مفاهيم غيّبتْ وأعمالٌ للآخرةِ عطّلتْ، وباتَ الناسُ يشكونَ آلامَ الحياةِ وهمومَها، وما ذلك إلا لغيابِ الوعي على فكرةِ الحياةِ والموت، فالحياةُ لا تُعاشُ إلا بالدينِ وبالإسلامِ وأحكامِهِ، فبقدرِ انطباقِ الأحكامِ عليها تكونُ السعادة، وبقدرِ ابتعادِها عنها يكونُ الشقاءُ وتكونُ التعاسةُ، نعم؛ قد غيّبتْ مفاهيمُ الموتِ والقبر، بفعلِ المبدأِ الرأسماليِّ الذي لا يؤمنُ إلا بما يراهُ من النفعيةِ والماديةِ، وبفعلِ الحكامِ اللئامِ الذين طبقوهُ على الأمةِ، فهلّا عادتِ الأمةُ إلى مفاهيمِ دينِها؟ هلّا عملتْ على تطبيقِ شرعِ ربِّها؟ هلّا عملتْ على تنصيبِ خليفةٍ يحكمُها بالقرآنِ فيرفعُ عنها عُبيّةَ الجاهليةِ وتمسّكِها بالحكام؟
اللهمَّ عاجلنا بخلافةٍ راشدةٍ على منهاجِ النبوةِ تلمُّ فيها شعثَ المسلمين، ترفعُ عنهم ما هم فيهِ من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرضَ بنورِ وجهِكَ الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتَنا الكرام، وإلى حينِ أنْ نلقاكم مع حديثٍ نبويٍّ آخرَ، نتركُكم في رعايةِ اللهِ، والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
كتبه للإذاعة: أبو مريم