- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبْطُ بِلَالٍ". قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
جاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي بتصرف يسير:
"قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَقَدْ أُخِفْت): مِنْ الْإِخَافَةِ أَيْ هُدِّدْت وَتُوُعِّدْت بِالتَّعْذِيبِ وَالْقَتْلِ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَا يُخَافُ) أَيْ مِثْلَ مَا أُخِفْت
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَقَدْ أُوذِيت) مِنْ الْإِيذَاءِ, أَيْ بِالْفِعْلِ بَعْدَ التَّخْوِيفِ بِالْقَوْلِ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِي اللَّهِ) أَيْ فِي إِظْهَارِ دِينِهِ وَإِعْلَاءِ كَلِمَتِهِ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَحَدٌ) أَيْ مِنْ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَقَدْ أَتَتْ) أَيْ مَضَتْ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ: تَأْكِيدٌ لِلشُّمُولِ أَيْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً مُتَوَاتِرَاتٍ لَا يَنْقُصُ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ الزَّمَانِ
وَالْمَعْنَى: أَنَّ بِلَالاً كَانَ رَفِيقِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمَا كَانَ لَنَا مِنْ الطَّعَامِ إِلَّا شَيْءٌ قَلِيلٌ بِقَدْرِ مَا يَأْخُذُهُ بِلَالٌ تَحْتَ إِبْطِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي ضِيقِ مَعِيشَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَسَعَتِهَا فِي بَابِ مَعِيشَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلِهِ."
أحبّتنا الكرام:
عندما رأفتْ أمُّ المؤمنيَنَ خديجةُ بنتُ خوْيلدَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا لحالِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم وهيَ تراهُ يحملُ الرسالةَ الجديدةَ لقومهِ ويتعبُ ويكد ويلقى ما يلقى في حملِها؛ قالتْ لهُ: اِرتحْ يا بنَ عمِّ. فأجابها صلى الله عليه وسلم: لا راحةَ بعدَ اليومَ يا خديجة.
فالأمرُ في نظرِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أعظمُ مِن أن يحسبَ فيه للراحةِ حساباً، وثقلُ همِّ الدعوةِ كثقلِ حملِها، نقيضانِ للراحةِ، إذا أدركَ حاملُ الدعوةُ مسئولياتِه في الدعوةِ، واستشعرَ عظمَ العملِ الذي هوَ بصددِه.
لقد آن الأوان للمسلمين رجالاً ونساءً أن يصلوا الليل بالنهار لتحقيق الهدف العظيم، إقامة الخلافة الراشدة الثانية الموعودة القريبة بإذن الله تعالى، فها هم أعداؤكم، أعداء الإسلام، يُذيقون الأمة شتّى صنوف الذل والعذاب من مسلمات مغتصبات في زنازين أوزبكستان وغيرها إلى حاملي جثامين الرضع في غزة.
وها هم أعداؤكم يصلون الليل بالنهار للقضاء على دينِنا؛ يتجسسون ويعتقلون ويذبحون ويُضللون ويفرضون علينا الحكام الرويبضات لينطقوا باسمنا رغماً عنا، ويتحكمون بإرادتنا، ويُشوّهون مطالبنا، ويلاحقون شرفاءنا، ويعملون على وأد صوت الخلافة قبل أن يولَد. ألسنا أولى بالجِد منهم. ألسنا أولى بتشمير السواعد منهم. أما آن الأوان أن نقول لأنفسنا ولأهلينا كما قالها صلى الله عليه وآله وسلم بعد نزول الوحي عليه مباشرة وهو مدرك لثقل الأمانة: "لا راحة بعد اليوم يا خديجة"، نعم نحن أولى بالبذل منهم. فهم في معسكر الباطل ونحن في معسكر الحق.
هم أهل الكفر والفسق والنفاق. ونحن أهل التقوى والعزّ والشرف. هم عبيد الدنيا، ونحن فرسان الخلافة القادمة بإذن الله. هم يُتاجرون بالذمم والأرواح، يتاجرون بالدماء والشرف، أما نحن فنتاجر بتجارة لن تبور. نتاجر مع من بيده ملكوت السماوات والأرض، فعسانا نفوز بعز الدنيا والآخرة من رب كريم.
أحبّتنا الكرام وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.