الثلاثاء، 22 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
مع الحديث الشريف: البر والصلة والآداب

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف 

 

البر والصلة والآداب

 

 

 


نحييكم جميعا أيها الأحبة ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


ورد عند مسلم في صحيحه رحمه الله


حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَاناً فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَاناً فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، قَالَ: ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ: إِنِّي أُبْغِضُ فُلَاناً فَأَبْغِضْهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَاناً فَأَبْغِضُوهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ".


قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِعَبْدِهِ هِيَ إِرَادَتُهُ الْخَيْرَ لَهُ، وَهِدَايَتُهُ، وَإِنْعَامُهُ عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ، وَبُغْضُهُ إِرَادَةَ عِقَابِهِ أَوْ شَقَاوَتِهِ وَنَحْوِهِ، وَحُبُّ جِبْرِيلَ وَالْمَلَائِكَةِ يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا اسْتِغْفَارُهُمْ لَهُ، وَثَنَاؤُهُمْ عَلَيْهِ، وَدُعَاؤُهُمْ. وَالثَّانِي أَنَّ مَحَبَّتَهُمْ عَلَى ظَاهِرِهَا الْمَعْرُوفِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، وَهُوَ مَيْلُ الْقَلْبِ إِلَيْهِ وَاشْتِيَاقُهُ إِلَى لِقَائِهِ. وَسَبَبُ حُبِّهِمْ إِيَّاهُ كَوْنُهُ مُطِيعاً لِلَّهِ تَعَالَى، مَحْبُوباً لَهُ.


وَمَعْنَى (يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ) أَيِ الْحُبُّ فِي قُلُوبِ النَّاسِ، وَرِضَاهُمْ عَنْهُ، فَتَمِيلُ إِلَيْهِ الْقُلُوبِ، وَتَرْضَى عَنْهُ. وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ (فَتُوضَعُ لَهُ الْمَحَبَّةُ)


إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَاناً "بِصِيغَةِ الْمُضَارَعَةِ، إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِمْرَارِ ذَلِكَ.


وقال ابن القيم رحمه الله : يكون حب الله للعبد بأمورٍ عديدة:


أحدها: قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد منه


الثاني: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، فإنها توصله إلى درجة بعد المحبة.


الثالث: دوام ذكره على كل حال باللسان والقلب، والعمل والحال. فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر.


الرابع: إيثار مَحَابِّهِ على مَحَابِّكَ عند غَلَبَات الهوى.


الخامس: مشاهدة بره وإحسانه وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة، فإنها داعية إلى محبته.


السادس: وهو من أعجبها؛ انكسار القلب بكليَّته بين يدي الله تعالى.


السابع: الخلوة به وقت نزول رحمة الله لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية ثم ختم ذلك بالاستغفار.


الثامن: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم.


أحبتي في الله:-


لقد ورد في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم العديد من الأسباب الموجبة لمحبة الله لعبده، منها: -


1.التقوى: قال تعالى: (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) سورة آل عمران


2.التوكل على الله: قال تعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران


3.الصبر بأنواعه الثلاثة:


الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصية الله، والصبر على الحوادث المؤلمة. قال تعالى: (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) آل عمران


4.العدل: العدل مع كل الناس كبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، مسلمهم وكافرهم. قال تعالى: (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) المائدة.


5. التوبة: المداومة على التوبة والرجوع إلى الله: قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة.


6. الاتباع: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهديه وسنته في كل شؤون الحياة. قال تعالى: (قلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) آل عمران


7. النوافل: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض. قال تعالى في الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه:


(إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً، فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ،... الحديث) رواه البخاري.


أحبتي في الله:


ان لمحبة الله لعبده آثاراً وثماراً عظيمة منها:


1- التسديد: تسديد الله للعبد في جوارحه فلا يفعل بها إلا ما يرضي الله، ولا يستعملها فيما يغضب الله.


2- استجابة الله لدعائه: قال تعالى في الحديث القدسي الذي الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: (...، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ) رواه البخاري.


3- وضع القبول له في الأرض: قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَاناً فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَاناً فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، قَالَ: ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ) رواه مسلم


يا خير أمة أخرجت للناس:


إن محبة الله دعوى يدّعيها كل واحد فما أسهل الدعوى! وما أعز المعنى! فلا ينبغي أن يغتر الإنسان بتلبيس الشيطان وخداع النفس، فالمحبة شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء وثمارها تظهر في القلب واللسان والجوارح.


فالبحث ليس مقدار حبنا لله – تبارك وتعالى - بل مقدار حب الله لنا. كذلك فإن معنى أن يحبنا الله – عز وجل - أن يغفر لنا، فمن يحب يعفو ويغفر، وقد ورد ذلك في الكثير من الآيات والأحاديث، ومن أمثلة ذلك (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) سورة الأنعام


وإذا أحب الله عبدا جعله شفيقا رحيما على جميع عباده رفيقا بهم شديدا على أعدائه كما قال الله (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) الفتح، وقال عنهم (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) المائدة.
فالإنسان عباد الله لا يدري بما يختم له عند الموت فعليه أن يسأل الله دائما حسن الختام، إن الإنسان يموت على ما عاش عليه ويحشر على ما مات عليه، ولا يظلم ربُك أحداً.

اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك ومن يقربنا إلى حبك، اللهم ألِّف بين قلوبنا، وأصلِح ذات بينِنا، وأعزنا بالإسلام، وبدولة الإسلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها عليك قابلين لها وأتممها علينا.


أحبّتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع