- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 185) واقع التجارة الخارجية, والميزان التجاري
الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد. أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة الخامسة والثمانين بعد المائة, وعنوانها: "واقع التجارة الخارجية, والميزان التجاري". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة التاسعة بعد الثلاثمائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.
واقع التجارة الخارجية:
يقول رحمه الله: "للتجارة الدولية فائدة كبرى، لما ينجم عنها من ربح حقيقي عظيم. ومما يزيد المرء يقينا بأهمية التجارة الدولية هو التطاحن الشديد، والتنافس الحاد، بين الدول الكبرى، في سبيل اكتساب الأسواق الجديدة، والاحتفاظ بالأسواق القديمة التي كانت تصرف فيها بضائعها، وتستورد منها المواد الخام دون عائق. وللتجارة الدولية خصائص، وميزات، ونتائج خاصة. والسبب الرئيسي لقيام التجارة الدولية، هو الاختلاف في نسب تكاليف السلع المختلفة بين دولة وأخرى. ومن صالح الدول أن تقوم التجارة الدولية بينها، متى اختلفت فيها التكاليف النسبية.
الميزان التجاري:
الميزان التجاري هو المقارنة بين قيمة الصادرات المنظورة، والواردات المنظورة. فلو وضعنا قيمة الصادرات في جهة، ثم وضعنا قيمة الواردات في جهة أخرى لحصلنا على الميزان التجاري. فإن فاقت قيمة الصادرات قيمة الواردات كان الميزان التجاري في صالحنا؛ لأن الدول تكون مدينة لنا بالفرق بين قيمة صادراتنا، وقيمة وارداتنا. فيكون طلب الخارج على عملتنا لتسديد قيمة البضائع، يفوق طلبنا على العملات الأجنبية لنفس الغرض. إلا أن الميزان التجاري لا يعطي الصورة الصحيحة عن الاقتصاد الأهلي؛ لأن الدخل الأهلي ليس مقصورا على أرباح التجارة الخارجية، بل هناك أشياء أخرى تدر واردات، وتعتبر من الدخل الأهلي. ولكن الميزان التجاري يعطي الصورة الصحيحة عن تجارتنا الخارجية. ولا يصح أن يحرص على أن يكون الميزان التجاري لصالحنا، إلا إذا لم تكن للدولة أغراض أخرى. أما إذا كان لها أغراض أخرى تتعلق بالمبدأ، أو الدعوة له، أو تتعلق بالإعداد الصناعي، أو تتعلق بسد الحاجات، أو تتعلق بأمور سياسية، بالنسبة لموقف الدولة التي نتعامل معها تجاريا، وما نريده أن يكون عليه، أو بالنسبة للموقف الدولي وما يؤثر فيه، فإنه يتبع الغرض المقصود، ويضحى بأن يكون الميزان التجاري في غير صالحنا. فالنظرة التجارية، وإن كانت نظرة ربح، ولكنها في نفس الوقت نظرة دولة، لا نظرة فرد، فيراعى فيها هدف الدولة وكيانها، قبل الربح التجاري".
وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:
واقع التجارة الخارجية:
1. للتجارة الدولية فائدة كبرى، لما ينجم عنها من ربح حقيقي عظيم.
2. أهمية التجارة الدولية تبرز من خلال التطاحن الشديد، والتنافس الحاد بين الدول الكبرى، في سبيل اكتساب الأسواق الجديدة، والاحتفاظ بالأسواق القديمة التي كانت تصرف فيها بضائعها، وتستورد منها المواد الخام دون عائق.
3. للتجارة الدولية خصائص، وميزات، ونتائج خاصة.
4. السبب الرئيس لقيام التجارة الدولية، هو الاختلاف في نسب تكاليف السلع المختلفة بين دولة وأخرى.
5. من صالح الدول أن تقوم التجارة الدولية بينها، متى اختلفت فيها التكاليف النسبية.
تعريف الميزان التجاري:
1. الميزان التجاري هو المقارنة بين قيمة الصادرات المنظورة، والواردات المنظورة.
2. لو وضعنا قيمة الصادرات في جهة، ثم وضعنا قيمة الواردات في جهة أخرى لحصلنا على الميزان التجاري.
متى وكيف يكون الميزان التجاري في صالحنا؟
إن فاقت قيمة الصادرات قيمة الواردات تحدث الآتية:
1. يكون الميزان التجاري في صالحنا.
2. تكون الدول مدينة لنا بالفرق بين قيمة صادراتنا، وقيمة وارداتنا.
3. يكون طلب الخارج على عملتنا لتسديد قيمة البضائع يفوق طلبنا على العملات الأجنبية للغرض نفسه.
هل يعطي الميزان التجاري الصورة الصحيحة عن الاقتصاد؟
1. الميزان التجاري لا يعطي الصورة الصحيحة عن الاقتصاد الأهلي؛ لأن الدخل الأهلي ليس مقصورا على أرباح التجارة الخارجية، بل هناك أشياء أخرى تدر واردات، وتعتبر من الدخل الأهلي.
2. الميزان التجاري يعطي الصورة الصحيحة عن تجارتنا الخارجية.
هدف الدولة وكيانها قبل الربح التجاري:
1. لا يصح أن يحرص على أن يكون الميزان التجاري لصالحنا إلا إذا لم تكن للدولة أغراض أخرى.
2. قد يكون للدولة أغراض أخرى تتعلق بالمبدأ، أو الدعوة له، أو تتعلق بالإعداد الصناعي، أو تتعلق بسد الحاجات.
3. قد يكون للدولة أغراض تتعلق بأمور سياسية، بالنسبة لموقف الدولة التي نتعامل معها تجاريا، وما نريده أن يكون عليه، أو بالنسبة للموقف الدولي وما يؤثر فيه.
4. إن كان للدولة غرض مقصود, فإنه يتبع الغرض المقصود، ويضحى بأن يكون الميزان التجاري في غير صالحنا.
5. النظرة التجارية، وإن كانت نظرة ربح، ولكنها في الوقت نفسه نظرة دولة، لا نظرة فرد، فيراعى فيها هدف الدولة وكيانها، قبل الربح التجاري.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.