- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي
(ح 64)
اختلاف البيع والثمن عن الإجارة والأجرة
الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لِلنَّاسِ أحكَامَ الرَّشَاد, وَحَذَّرَهُم سُبُلَ الفَسَاد, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ هَاد, المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعِبَاد, الَّذِي جَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ الجِهَادِ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَطهَارِ الأمجَاد, الَّذِينَ طبَّقُوا نِظَامَ الِإسلامِ فِي الحُكْمِ وَالاجتِمَاعِ وَالسِّيَاسَةِ وَالاقتِصَاد, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ يَومَ يَقُومُ الأَشْهَادُ يَومَ التَّنَاد, يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العِبَادِ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا إِروَاءُ الصَّادِي مِنْ نَمِيرِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي, وَمَعَ الحَلْقَةِ الرَّابِعَةِ وَالسِّتِينَ, وَعُنوَانُهَا: "اختِلافُ البَيعِ وَالثَّمَنِ عَنِ الإِجَارَةِ وَالأُجْرَةِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَفحَةِ الخَامِسَةِ بَعدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي فِي الإِسلامِ لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
"وَمِنْ هُنَا يَختَلِفُ البَيعُ عَنْ إِجَارَةِ الأجِيرِ، وَيَختَلِفُ الثَّمَنُ مِنْ حَيثُ التَّقدِيرُ الفِعْلِيُّ عَنِ الأُجرَةِ. عَلَى أنَّهُ لَيسَ مَعنَى اختِلافِ البَيعِ عَنِ الإِجَارَةِ، وَالثَّمَنِ عَنِ الأُجرَةِ هُوَ انعِدَامُ الصِّلَةِ بَينَهُمَا، بِلْ مَعنَى اختِلافِهِمَا هُوَ أنْ لا تُبنَى الإِجَارَةُ عَلَى البَيعِ، وَلا البَيعُ عَلَى الإِجَارَةِ، فَلا يُقَدَّرُ الثَّمَنُ بِنَاءً عَلَى تَقدِيرِ الأُجرَةِ، وَلا تُقَدَّرُ الأُجرَةُ بِنَاءً عَلَى تَقدِيرِ الثَّمَنِ؛ لأنَّ بِنَاءَ أحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ يُؤَدِّي إِلَى تَحَكُّمِ أثْمَانِ السِّلَعِ، الَّتِي يُنتِجُهَا الأجِيرُ بِالأُجرَةِ الَّتِي يَتَقَاضَاهَا، مَعَ أنَّ أثْمَانَ السِّلَعِ إِنَّمَا تَتَحَكَّمُ بِالمُستَأجِرِ، لا بِالأجِيرِ، فَإِذَا جُعِلَتْ تَتَحَكَّمُ بِالأجِيرِ، أدَّتْ إِلَى تَحَكُّمِ المُستَأجِرِ بِالأجِيرِ، يُنْزِلُ أُجرَتَهُ وَيَرفَعُهَا كُلَّمَا أرَادَ، بِحُجَّةِ نُزُولِ الأسعَارِ، أوِ ارتِفَاعِهَا، وَهَذَا لا يَجُوزُ؛ لأنَّ أجْرَةَ الأجِيرِ بَدَلَ مَنفَعَةِ عَمَلِهِ، فَهِيَ تُسَاوِي قِيمَةَ مَنفَعَتِهِ مَا دَامَتِ الأُجرَةُ مُقَدَّرَةً بَينَهُمَا. فَلا تُربَطُ أُجرَةُ الأجِيرِ بِأثْمَانِ السِّلْعَةِ الَّتِي يُنتِجُهَا، وَلا يُقَالُ: "إِنَّ إِجبَارَ المُستَأجِرِ عَلَى إِعطَاءِ الأُجرَةِ المُقَدَّرَةِ، فِي حَالِ هُبُوطِ أسعَارِ السِّلعَةِ الَّتِي يُنتِجُهَا، تُؤَدِّي إِلَى خَسَارَتِهِ، وَهَذِهِ تُؤَدِّي إِلَى إِخرَاجِ العَامِلِ؛ لأنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ إِذَا حَصَلَ هُبُوطٌ لِلسِّلعَةِ فِي السُّوقِ كُلِّهَا. وَهَذَا يَرجِعُ لِتَقدِيرِ الخُبَرَاءِ لِمَنفَعَةِ العَامِلِ لا لِلمُستَأجِرِ؛ لأنَّهُمْ يَنظُرُونَ إِلَى مَجْمُوعِ مَنفَعَةِ الأجِيرِ بِشَكْلٍ عَامٍّ، لا إِلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. وَلِهَذَا لا يُربَطُ تَقدِيرُ الأُجرَةِ بِثَمَنِ السِّلعَةِ وَإِنَّمَا يُربَطُ بِتَقدِيرِ الخُبَرَاءِ. وَفَوقَ ذَلِكَ، فَإِنَّ بِنَاءَ الإِجَارَةِ عَلَى البَيعِ، وَالبَيعِ عَلَى الإِجَارَةِ، يُؤَدِّي إِلَى تَحَكُّمِ أثْمَانِ الحَاجِيَاتِ بِأُجرَةِ الأجِيرِ، مَعَ أنَّ أثْمَانَ الحَاجِيَاتِ إِنَّمَا تَتَحَكَّمُ بِكِفَايَةِ الأجِيرِ لا بِأُجرَتِهِ، فَإِذَا جُعِلَتْ أثُمَانُ الحَاجِيَاتِ تَتَحَكَّمُ بِأُجرَةِ الأجِيرِ، أدَّتْ إِلَى جَعْلِ كِفَايَةِ الأجِيرِ عَلَى المُستَأجِرِ يَضْمَنُهَا لَهُ، مَعَ أنَّ كِفَايَةَ كُلِّ إِنسَانٍ إِنَّمَا هِيَ جُزْءٌ مِنْ رِعَايَةِ شُؤُونِهِ، وَهِيَ عَلَى الدَّولَةِ، لا عَلَى المُستَأجِرِ. وَلا يَجُوزُ رَبطُ كِفَايَةِ الأجِيرِ بِإنتَاجِهِ مُطْلَقًا، إِذْ قَد يَكُونُ الأجِيرُ ضَعِيفَ البُنيَةِ، لا يَقدِرُ إِلاَّ عَلَى إِنتَاجِ القَلِيلِ الَّذِي هُوَ دُونَ حَاجَتِهِ، فَإِذَا رُبِطَتْ أُجرَتُهُ بِمَا يُنتِجُ، أو بِالحَاجِيَاتِ الَّتِي يَحتَاجُهَا حُرِمَ مِنَ العَيشِ الهَنِيءِ، وَهَذَا لا يَجُوزُ، فَحَقُّ العَيشِ يَجِبُ أنْ يُوَفَّرَ لِكُلِّ إِنسَانٍ مِنْ رَعَايَا الدَّولَةِ، سَوَاءٌ أأنتَجَ كَثِيرًا أمْ قَلِيلاً، وَسَوَاءٌ أكَانَ قَادِرًا عَلَى الإِنتَاجِ، أمْ غَيرَ قَادِرٍ. فَأجرُهُ يُقَدَّرُ بِقِيمَةِ مَنفَعَتِهِ، سَوَاءٌ وَفَتْ بِحَاجَاتِهِ، أمْ لَمْ تَفِ".
ونَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: دَولَةُ الخِلافَةِ الراشدة الثانية دَولَةُ رِعَايَةٍ, وَلَيسَتْ دَولَةَ جِبَايَةٍ, وَهِيَ دَولَةُ المَرحَمَةِ, وَلَيسَتْ دَولَةَ المَلْحَمَةِ, تَسُوسُ الرَّعِيَّةَ سِيَاسَةً حَكِيمَةً, تَجعَلُ العَلاقَةَ المَالِيَّةَ بَينَ أفرَادِ الرَّعِيَّةِ خُصُوصًا بَينَ المُستَأجِرِ وَالأجِيرِ, تَقُومُ عَلَى المُسَامَحَةِ وَالكَرَمِ, وَالأُلفَةِ وَالمَحَبَّةِ, وَالشَّفَقَةِ وَالعَطْفِ, لا عَلَى المُشَاحَّةِ وَالبُخْلِ, وَالتَّنَافُرِ وَالبُغْضِ, وَالقَسوَةِ وَامتِصَاصِ دِمَاءِ العُمَّالِ وَالأُجَرَاءِ كَمَا فِي الأنظِمَةِ الرَّأسمَالِيَّةِ العَفِنَةِ! دَولَةُ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ يَشعُرُ فِيهَا كُلُّ فَردٍ مِنْ أفرَادِ رَعِيَّتِهَا أنَّ الدَّولَةَ دَولَتُهُ, تَرعَاهُ حَقَّ الرِّعَايَةِ, وَتَحرِصُ عَلَيهِ أشَدَّ الحِرْصِ, وَتُوَفِّرُ لَهُ الحِمَايَةَ الَّلازِمَةَ مَهْمَا كَانَتْ تَكَالِيفُ الحِمَايَةِ, تُعطِيهِ وَثِيقَةَ سَفَرٍ يَجُوبُ بِهَا العَالَمَ مُعتَزًّا وَمُفَاخِرًا بِهَا الدُّنيَا بِأسرِهَا, وَقَدْ كُتِبَ عَلَيهَا: "حَامِلُ هَذَا الجَوَازِ نُسَيِّرُ لَهُ الجُيُوشَ لَوْ مَسَّهُ ضَرَرٌ!"
لَيسَ هَذَا فَحَسْبُ, بَلْ وَتَمنَحُهُ كَافَّةَ حُقُوقِهِ الَّتِي كَفِلَهَا لَهُ الشَّرعُ. بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ مِقدَارِ إِنتَاجِهِ, سَوَاءٌ أأنتَجَ كَثِيرًا أمْ قَلِيلاً، وَسَوَاءٌ أكَانَ قَادِرًا عَلَى الإِنتَاجِ، أمْ غَيرَ قَادِرٍ. وَتَدعُو دَولَةُ الخِلافَةِ بَلْ ثَحَثُّ أهْلَ الغِنَى وَالدُّثُورِ أنْ يُحَقِّقُوا مُرَادَ اللهِ جَلَّ وَعَلا مِنْ آيَةِ الافتِتَاحِ الَّتِي نَفتَتِحُ بِهَا كُلَّ حَلْقَةٍ مِنْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا وَهُوَ أنْ يَبتَغُوا فِيمَا آتَاهُمُ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ, وَأنْ لا يَنسَوْا نَصِيبَهُمْ مِنَ الدُّنيَا, وَأنْ يُحسِنُوا كَمَا أحْسَنَ اللهُ إِلَيهِمْ؛ فَيُوَظِّفُوا وَيُشَغِّلُوا ذَوِي الحَاجَاتِ الخَاصَّةِ, وَالقُدْرَاتِ الضَّعِيفَةِ مُقَابِلَ تَسهِيلاتٍ وَامتِيَازَاتٍ تَمْنَحُهَا دَولَةُ الخِلافَةِ تَشجِيعًا وَتَحفِيزًا لَهُمْ!
وَفِي مُقَابِلِ مَا تَقُومُ بِهِ دَولَةُ الخِلافَةِ مِنْ حُسْنِ الرِّعَايَةِ وَالحِمَايَةِ وَمَنحِ الحُقُوقِ لأصْحَابِهَا فَإِنَّ أفرَادَ الرَّعِيَّةِ يَقَابِلُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِخَلِيفَةِ المُسلِمِينَ فِي مَنشَطِهِمْ وَمَكرَهِهِمْ, وَعُسْرِهِمْ وَيُسرِهِمْ, وَيُقَدِّمُونَ لَهُ النُّصْحَ وَالمَشُورَةَ, وَلا يُفَكِّرُونَ مُجَرَّدَ تَفكِيرٍ بِالانقِلابِ عَلَيهِ بَلْ يَفْدُونَهُ بِمُهَجِهِمْ وَأروَاحِهِمْ, وَيَتَعَاوَنُونَ مَعَهُ عَلَى إِدَارَةِ شُؤُونِ الدَّولَةِ, وَالحِفَاظِ عَلَيهَا, وَحِمَايَتِهَا وَدَرْءِ الأخَطَارِ عَنهَا مَهْمَا كَانَتِ التَّكَالِيفُ, وَبَلَغَتِ التَّضحِيَاتُ!
وَقَبلَ أَنْ نُوَدِّعَكُمْ مُستَمِعِينَا الكِرَامَ نُذَكِّرُكُمْ بِأَبرَزِ الأفكَارِ التِي تَنَاوَلهَا مَوضُوعُنَا لِهَذَا اليَومِ:
أولاً: يَختَلِفُ البَيعُ عَنْ إِجَارَةِ الأجِيرِ، وَيَختَلِفُ الثَّمَنُ عَنِ الأُجرَةِ.
1) لَيسَ مَعنَى اختِلافِ البَيعِ عَنِ الإِجَارَةِ، وَالثَّمَنِ عَنِ الأُجرَةِ هُوَ انعِدَامُ الصِّلَةِ بَينَهُمَا.
2) لا تُبنَى الإِجَارَةُ عَلَى البَيعِ، وَلا البَيعُ عَلَى الإِجَارَةِ.
3) أثْمَانُ السِّلَعِ تَتَحَكَّمُ بِالمُستَأجِرِ لا بِالأجِيرِ.
ثانيًا: لا يُقَدَّرُ الثَّمَنُ بِنَاءً عَلَى تَقدِيرِ الأُجرَةِ، وَلا تُقَدَّرُ الأُجرَةُ بِنَاءً عَلَى تَقدِيرِ الثَّمَنِ لِسَبَبَينِ.
1) إِذَا قُدِّرَتِ الأُجرَةُ بِنَاءً عَلَى الثَّمَنِ أدَّى إِلَى تَحَكُّمِ أثْمَانِ السِّلَعِ بِالأُجرَةِ الَّتِي يَتَقَاضَاهَا الأجِيرُ.
2) إِذَا جُعِلَتْ أثْمَانُ السِّلَعِ تَتَحَكَّمُ بِالأجِيرِ أدَّتْ إِلَى تَحَكُّمِ المُستَأجِرِ بِالأجِيرِ.
ثالثًا: لا يَجُوزُ لِلمُستَأجِرِ أنْ يُنْزِلَ أُجرَةَ الأجِيرِ وَيَرفَعَهَا كُلَّمَا أرَادَ بِحُجَّةِ نُزُولِ الأسعَارِ أوِ ارتِفَاعِهَا.
رابعًا: أجْرَةُ الأجِيرِ بَدَلَ مَنفَعَةِ عَمَلِهِ، فَهِيَ تُسَاوِي قِيمَةَ مَنفَعَتِهِ مَا دَامَتْ مُقَدَّرَةً بَينَهُمَا.
خامسًا: تَقدِيرُ مَنفَعَةِ العَامِلِ يَرجِعُ لِلخُبَرَاءِ لا لِلمُستَأجِرِ لِلأسبَابِ الآتِيَةِ:
1) لأنَّهُ لا يُربَطُ تَقدِيرُ أُجرَةِ الأجير بِثَمَنِ السِّلعَةِ الَّتِي يُنتِجُهَا وَإِنَّمَا يُربَطُ بِتَقدِيرِ الخُبَرَاءِ.
2) لأنَّ الخُبَرَاءَ عِنْدَ التَّقدِيرِ يَنظُرُونَ إِلَى مَجْمُوعِ مَنفَعَةِ الأجِيرِ بِشَكْلٍ عَامٍّ، لا إِلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ.
3) لأنَّ إِجبَارَ المُستَأجِرِ عَلَى إِعطَاءِ الأُجرَةِ المُقَدَّرَةِ فِي حَالِ هُبُوطِ الأسْعَارِ لَيْسَ سَبَبَ خَسَارَتِهُ.
4) لأنَّ إِخرَاجَ العَامِلِ يَحْصُلُ إِذَا حَصَلَ هُبُوطٌ لِلسِّلعَةِ فِي السُّوقِ كُلِّهَا.
سادسًا: لا يَجُوزُ بِنَاءُ الإِجَارَةِ عَلَى البَيعِ، وَالبَيعِ عَلَى الإِجَارَةِ للأسباب الآتية:
1) لأنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تَحَكُّمِ أثْمَانِ الحَاجِيَاتِ بِأُجرَةِ الأجِيرِ.
2) لأنَّ أثْمَانَ الحَاجِيَاتِ تَتَحَكَّمُ بِكِفَايَةِ الأجِيرِ لا بِأُجرَتِهِ.
3) لأنَّ تَحَكُّمَ أثْمَانِ الحَاجِيَاتِ بِأُجرَةِ الأجِيرِ تَجَعَلُ المُستَأجِرَ يَضْمَنُ كِفَايَةَ الأجِيرِ.
4) لأنَّ كِفَايَةَ كُلِّ إِنسَانٍ هِيَ جُزْءٌ مِنْ رِعَايَةِ شُؤُونِهِ، وَهِيَ عَلَى الدَّولَةِ لا عَلَى المُستَأجِرِ.
سابعًا: لا يَجُوزُ رَبطُ كِفَايَةِ الأجِيرِ بِإنتَاجِهِ:
1) لأنَّهُ قَدْ يَكُونُ ضَعِيفَ البُنيَةِ لا يُنتِجُ إِلاَّ القَلِيلَ دُونَ حَاجَتِهِ.
2) لأنَّهُ إِذَا رُبِطَتْ أُجرَتُهُ بِمَا يُنتِجُ حُرِمَ مِنَ العَيشِ الهَنِيءِ وَهَذَا لا يَجُوزُ.
3) لأنَّ حَقَّ العَيشِ يَجِبُ أنْ يُوَفَّرَ لِكُلِّ إِنسَانٍ مِنْ رَعَايَا الدَّولَةِ، سَوَاءٌ أأنتَجَ كَثِيرًا أمْ قَلِيلاً.
4) لأنَّ أجرَ الأجِيرِ يُقَدَّرُ بِقِيمَةِ مَنفَعَتِهِ سَوَاءٌ وَفَتْ بِحَاجَاتِهِ، أمْ لَمْ تَفِ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلمَوضُوعِ تَتِمَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الَمولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الراشدة على منهاج النبوة في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.