- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي
(ح 68)
القيمة الحقيقية للسلعة
الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لِلنَّاسِ أحكَامَ الرَّشَاد, وَحَذَّرَهُم سُبُلَ الفَسَاد, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ هَاد, المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعِبَاد, الَّذِي جَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ الجِهَادِ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَطهَارِ الأمجَاد, الَّذِينَ طبَّقُوا نِظَامَ الِإسلامِ فِي الحُكْمِ وَالاجتِمَاعِ وَالسِّيَاسَةِ وَالاقتِصَاد, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ يَومَ يَقُومُ الأَشْهَادُ يَومَ التَّنَاد, يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العِبَادِ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا إِروَاءُ الصَّادِي مِنْ نَمِيرِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي, وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّامِنَةِ وَالسِّتِينَ, وَمَوضُوعُنَا القِيمَةُ الحَقِيقِيَّةُ لِلسِّلْعَةِ. نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَفحَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ بَعدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي فِي الإِسلامِ لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "وَالحَقِيقَةُ الَّتِي هِيَ فِكْرٌ لَهُ وَاقِعٌ فِي الحِسِّ، هِيَ أنَّ قِيمَةَ أيَّةِ سِلْعَةٍ هِيَ مِقدَارُ مَا فِيهَا مِنْ مَنفَعَةٍ، مَعَ مُلاحَظَةِ عَامِلٍ النُّدرَةِ. وَمَعَ أنَّ هَذِهِ المَنفَعَةَ، يَكُونُ العَمَلُ وَسِيلَةً لِلحُصُولِ عَلَيهَا، وَقَد يَكُونُ وَسِيلَةً لإِنتَاجِهَا، وَلَكِنَّهُ لا يُلاحَظُ مُطلَقًا عِندَ تَبَادُلِهَا، وَلا عِندَ الانتِفَاعِ بِهَا. وَلِذَلِكَ كَانَتِ النَّظرَةُ الحَقِيقِيَّةُ لأيَّةِ سِلْعَةٍ، هِيَ النَّظرَةُ إِلَى المَنفَعَةِ، مَعَ مُلاحَظَةِ عَامِلِ النُّدرَةِ، سَوَاءٌ مَلَكَهَا الإِنسَانُ ابتِدَاءً كَالصَّيدِ مَثَلاً، أمْ مُبَادَلَةً كَالبَيعِ. وَلا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَينَ المُجتَمَعِ فِي مُوسكُو، وَالمُجتَمَعِ فِي بَارِيسَ، وَالمُجتَمَعُ فِي المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ، فَإِنَّ الإِنسَانَ فِي كُلِّ مَكَانٍ حِينَ يَسعَى لِلحُصُولِ عَلَى السِّلْعَةِ يُقَدِّرُ مَا فِيهَا مِنْ مَنفَعَةٍ مَعَ مُلاحَظَةِ النُّدرَةِ. هَذِهِ هِيَ قِيمَتُهَا مِنْ حَيثُ هِيَ عِندَ الإِنسَانِ. وَهِيَ القِيمَةُ الحَقِيقِيَّةُ لِلسِّلْعَةِ. أمَّا القِيمَةُ الفِعلِيَّةُ لِلسِّلْعَةِ، فَإِنَّهَا تُقَدَّرُ بِمِقدَارِ بَدَلِهَا بِشَيءٍ آخَرَ مِنْ سِلعَةٍ أو نَقْدٍ. وَتَبقَى قِيمَتُهَا هَذِهِ عَلَى هَذَا الوَجْهِ ثَابِتَةً مَهْمَا تَغَيَّرَ الزَّمَانُ، وَالمَكَانُ، وَالظُّرُوفُ. أمَّا ثَمَنُ السِّلعَةِ فَهُوَ مَا يُعطَى مِنَ النُّقُودِ، مُقَابِلَ وِحْدَةٍ مِنْ سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ، وَمَكَانٍ مُعَيَّنٍ، وَظُرُوفٍ مُعَيَّنَةٍ. وَيَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الأزْمِنَةِ وَالأمكِنَةِ وَالظَّرُوفِ، وَبِعِبَارَةٍ أخرَى، هُوَ نِسبَةُ المُبَادَلَةِ بَينَ كَمِّيةِ النُّقُودِ وَالكَمِّيةِ المُقَابَلِةِ لَهَا مِنَ السِّلَعِ. فَلَو تَزَوَّجَ رَجُلٌ امرَأةً وَجَعَلَ مِنْ مَهرِهَا خِزَانَةً مُعَيَّنَةً مَوصُوفَةً، وَذَكَرَ أنَّ قِيمَتَهَا خَمْسُونَ دِينَارًا وَسَلَّمَهَا الخِزَانَةَ بِالفِعْلِ، تَعَيَّنَتْ قِيمَةُ الخِزَانَةِ بِتَسَلُّمِهَا لَهَا عَينًا. فَلَو أنَّهُ أخَذَهَا مِنهَا بَعدَ ذَلِكَ، وَادَّعَتْ عَلَيهِ بِهَا، فَإِنَّ عَلَيهِ تَسلِيمَ عَينِ الخِزَانَةِ لا ثَمَنَهَا، فَإِنْ ثَبَتَ هَلاكُ الخِزَانَةِ، أوِ ادَّعَى هَلاكَهَا دَفَعَ لَهَا خَمسِينَ دِينَارًا، لأنَّهَا قِيمَةُ الخِزَانَةِ، سَوَاءٌ أكَانَ مِثْلُ الخَزَانَةِ عِندَ الدَّعْوَى يُسَاوِي أكثَرَ مِنْ خَمسِينَ دِينَارًا أمْ أقَلَّ، لأنَّهَا القِيمَةُ المُقَدَّرَةُ فِعْلاً، وَلا يُعتَبَرُ ثَمَنُ مِثْلِ الخِزَانَةِ. بِخِلافِ مَا لَو ذُكِرَ فِي العَقدِ أنَّ ثَمَنَهَا خَمسُونَ دِينَارًا، وَسَلَّمَهَا الخِزَانَةَ بِالفِعْلِ، ثُمَّ أخَذَهَا مِنهَا، وَادَّعَتْ عَلَيهِ بِهَا، فَإِنَّ لَهُ تَسلِيمَ الخِزَانَةِ، وَلَهُ دَفْعُ ثَمَنِهَا خَمسِينَ دِينَارًا، وَلَهُ أنْ يَشتَرِيَ لَهَا خِزَانَةً بِخَمسِينَ دِينَارًا، سَوَاءٌ أكَانَتِ الخِزَانَةُ عِندَ الدَّعْوَى تُسَاوِي أكْثَرَ مِنْ خَمسِينَ أمْ أقَلَّ. فَإِنَّ الوَاجِبَ عَلَيهِ دَفْعُ خِزَانَةٍ ثَمَنُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا فِي كُلِّ وَقْتٍ. وَذَلِكَ لأنَّ القِيمَةَ لا تَتَغَيَّرُ، وَالثَّمَنُ يَتَغَيَّرُ. فَالقِيمَةُ الفِعْلِيَّةُ لِلسِّلْعَةِ هِيَ مِقْدَارُ بَدَلِهَا حِينَ التَّقدِيرِ، وَثَمَنُ السِّلْعَةِ هُوَ مَا يُدفَعُ مُقَابِلَهَا مُبَادَلَةً فِي السُّوقِ. وَهَذَا التَّفرِيقُ بَينَ القِيمَةِ وَالثَّمَنِ، إِنَّمَا هُوَ فِي البَيعِ، وَسَائِرِ أنوَاعِ المُبَادَلَةِ. أمَّا إِجَارَةُ الأجِيرِ، فَهِيَ المِقدَارُ الَّذِي تُقَدَّرُ فِيهِ مَنفَعَةُ جُهدِهِ عِندَ العَقْدِ، وَتُقَدَّرُ مَرَّةً أخْرَى عِندَ انتِهَاءِ مُدَّةِ الإِجَارَةِ. وَمِنْ هُنَا يَظهَرُ أنَّهُ لا تُوجَدُ عَلاقَةٌ بَينَ أُجرَةِ الأجِيرِ، وَقِيمَةِ السِّلْعَةِ، وَلا بَينَ أُجرَةِ الأجِيرِ وَتَكَالِيفِ الإِنتَاجِ، وَلا بَينَ أُجرَةِ الأجِيرِ وَمُستَوَى المَعِيشَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ شَيءٌ آخَرُ مُنفَصِلٌ، إِذْ هِيَ مِقْدَارُ مَا تَستَحِقُّهُ المَنفَعَةُ الَّتِي يَحصُلُ عَلَيهَا مِنهُ مُستَأجِرُهُ، وَيَكُونُ تَقدِيرُ هَذِهِ المَنفَعَةِ لَيسَ رَاجِعًا للِمُستَأجِرِ، بَلْ رَاجِعًا لِلحَاجَةِ لِهَذِهِ المَنفَعَةِ. فَوِحْدَةُ تَقدِيرِ أُجرَةِ الأجِيرِ هِيَ هَذِهِ المَنفَعَةُ المَوصُوفَةُ بِهَذَا الوَصْفِ. وَهَذِهِ الأُجرَةُ تَختَلِفُ بِاختِلافِ الأعْمَالِ، وَتَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ الإِتقَانِ فِي العَمَلِ الوَاحِدِ. فَأُجرَةُ المُهَندِسِ تَختَلِفُ عَنْ أُجرَةِ النَّجَّارِ، وَأُجرَةُ النَّجَّارِ المَاهِرِ تَختَلِفُ عَنْ أُجرَةِ النَّجَّارِ العَادِيِّ. وَإِنَّمَا يَرتَفِعُ أجْرُ النَّاسِ فِي العَمَلِ الوَاحِدِ، بِحَسَبِ مَا يُؤَدُّونَ مِنْ إِتقَانٍ لِمَنفَعَةِ الجُهْدِ، وَلا يُعتَبَرُ هَذَا تَرقِيَةً لَهُمْ وَإِنَّمَا هُوَ أجْرُهُمُ الَّذِي استَحَقُّوهُ بِتَحْسِينِهِمْ لِمَنفَعَتِهِ".
وَقَبلَ أَنْ نُوَدِّعَكُمْ أحبتنا الكِرَامَ نُذَكِّرُكُمْ بِأَبرَزِ الأفكَارِ التِي تَنَاوَلهَا مَوضُوعُنَا لِهَذَا اليَومِ:
إِنَّ قِيمَةَ أيَّةِ سِلْعَةٍ هِيَ مِقدَارُ مَا فِيهَا مِنْ مَنفَعَةٍ، مَعَ مُلاحَظَةِ عَامِلٍ النُّدرَةِ.
العَمَلُ وَسِيلَةٌ لِلحُصُولِ عَلَى المَنفَعَةِ، وَقَد يَكُونُ وَسِيلَةً لإِنتَاجِهَا.
لا يُلاحَظُ العَمَلُ مُطلَقًا عِندَ تَبَادُلِ المَنفَعَةِ، وَلا عِندَ الانتِفَاعِ بِهَا.
النَّظرَةُ الحَقِيقِيَّةُ لأيَّةِ سِلْعَةٍ، هِيَ النَّظرَةُ إِلَى المَنفَعَةِ، مَعَ مُلاحَظَةِ عَامِلِ النُّدرَةِ.
المَنفَعَةُ يَملِكُهَا الإِنسَانُ ابتِدَاءً كَالصَّيدِ مَثَلاً، أو مُبَادَلَةً كَالبَيعِ.
القِيمَةُ الحَقِيقِيَّةُ لِلسِّلْعَةِ: يُقَدِّرُ الإِنسَانُ مَا فِي السِّلْعَةِ مِنْ مَنفَعَةٍ مَعَ مُلاحَظَةِ النُّدرَةِ.
القِيمَةُ الفِعلِيَّةُ لِلسِّلْعَةِ، فَإِنَّهَا تُقَدَّرُ بِمِقدَارِ بَدَلِهَا بِشَيءٍ آخَرَ مِنْ سِلعَةٍ أو نَقْدٍ.
تَبقَى قِيمَةُ السِّلعَةِ عَلَى هَذَا الوَجْهِ ثَابِتَةً مَهْمَا تَغَيَّرَ الزَّمَانُ، وَالمَكَانُ، وَالظُّرُوفُ.
ثَمَنُ السِّلعَةِ هُوَ مَا يُعطَى مِنَ النُّقُودِ، مُقَابِلَ وِحْدَةٍ مِنْ سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ.
ثَمَنُ السِّلعَةِ يُعطَى فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ، وَمَكَانٍ مُعَيَّنٍ، وَظُرُوفٍ مُعَيَّنَةٍ.
يَتَغَيَّرُ ثَمَنُ السِّلعَةِ بِتَغَيُّرِ الأزْمِنَةِ وَالأمكِنَةِ وَالظَّرُوفِ.
ثَمَنُ السِّلعَةِ هُوَ نِسبَةُ المُبَادَلَةِ بَينَ كَمِّيةِ النُّقُودِ وَالكَمِّيةِ المُقَابَلِةِ لَهَا مِنَ السِّلَعِ.
الفَرقُ بَينَ القِيمَةِ وَالثَّمَنِ:
القِيمَةَ لا تَتَغَيَّرُ، وَالثَّمَنُ يَتَغَيَّرُ.
القِيمَةُ الفِعْلِيَّةُ لِلسِّلْعَةِ هِيَ مِقْدَارُ بَدَلِهَا حِينَ التَّقدِيرِ.
ثَمَنُ السِّلْعَةِ هُوَ مَا يُدفَعُ مُقَابِلَهَا مُبَادَلَةً فِي السُّوقِ.
هَذَا التَّفرِيقُ بَينَ القِيمَةِ وَالثَّمَنِ هُوَ فِي البَيعِ وَسَائِرِ أنوَاعِ المُبَادَلَةِ.
فَرَّقَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ تَفرِيقًا دَقِيقًا بَينَ القِيمَةِ وَالثَّمَنِ عِندَ تَحْدِيدِ المُهُورِ فِي عُقُودِ الزَّوَاجِ:
أولا: القيمة: تَزَوَّجَ رَجُلٌ امرَأةً وَجَعَلَ مِنْ مَهرِهَا خِزَانَةً ذُكِرَ فِي العَقدِ أنَّ قِيمَتَهَا خمسُونَ دِينَارًا.
القِيمَةُ المُقَدَّرَةُ فِعْلاً لِلخِزَانَةِ خَمسُونَ دِينَارًا.
سَلَّمَهَا الخِزَانَةَ بِالفِعْلِ. وَتَعَيَّنَتْ قِيمَةُ الخِزَانَةِ بِتَسَلُّمِهَا لَهَا عَينًا.
لَو أخَذَهَا مِنهَا بَعدَ ذَلِكَ، وَادَّعَتْ عَلَيهِ بِهَا، فَإِنَّ عَلَيهِ تَسلِيمَ عَينِ الخِزَانَةِ لا ثَمَنَهَا.
إِنْ ثَبَتَ هَلاكُ الخِزَانَةِ أوِ ادَّعَى هَلاكَهَا وَجَبَ عَلَيهِ دَفَعُ خَمسِينَ دِينَارًا لَهَا لأنَّهَا قِيمَةُ الخِزَانَةِ.
سَوَاءٌ أكَانَ مِثْلُ الخَزَانَةِ عِندَ الدَّعْوَى يُسَاوِي أكثَرَ مِنْ خَمسِينَ دِينَارًا أمْ أقَلَّ.
الخمسون دينارًا هِيَ قِيمَةُ الخِزَانَةِ وَلا يُعتَبَرُ ثَمَنُ المِثْلِ لِخِزَانَةٍ أُخرَى غَيرِ الخِزَانَةِ الَّتِي تَمَّ تَعيِينُهَا.
ثانيا: الثمن: تَزَوَّجَ رَجُلٌ امرَأةً وَجَعَلَ مِنْ مَهرِهَا خِزَانَةً وذُكِرَ فِي العَقدِ أنَّ ثَمَنَهَا خَمسُونَ دِينَارًا.
سَلَّمَهَا الخِزَانَةَ بِالفِعْلِ، ثُمَّ أخَذَهَا مِنهَا، وَادَّعَتْ عَلَيهِ بِهَا فَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الحُلُولِ الثَّلاثَةِ الآتِيَةِ: إمَّا أنْ يُعِيدَ تَسلِيمَ الخِزَانَةِ لَهَا. وَإِمَّا أنْ يَدَفْعَ ثَمَنِهَا خَمسِينَ دِينَارًا. وَإِمَّا أنْ يَشتَرِيَ لَهَا خِزَانَةً بِخَمسِينَ دِينَارًا سَوَاءٌ أكَانَتِ الخِزَانَةُ عِندَ الدَّعْوَى تُسَاوِي أكْثَرَ أمْ أقَلَّ مِنْ خَمسِينَ دِينَارًا.
إِجَارَةُ الأجِيرِ هِيَ المِقدَارُ الَّذِي تُقَدَّرُ فِيهِ مَنفَعَةُ جُهدِهِ عِندَ العَقْدِ.
إِجَارَةُ الأجِيرِ تُقَدَّرُ مَرَّةً أخْرَى عِندَ انتِهَاءِ مُدَّةِ الإِجَارَةِ.
لا تُوجَدُ عَلاقَةٌ بَينَ أُجرَةِ الأجِيرِ وقِيمَةِ السِّلْعَةِ, أو تَكَالِيفِ الإِنتَاجِ, أو مُستَوَى المَعِيشَةِ.
أُجرَةُ الأجِيرِ شَيءٌ آخَرُ مُنفَصِلٌ عَنِ قِيمَةِ السِّلْعَةِ, وتَكَالِيفِ الإِنتَاجِ, ومُستَوَى المَعِيشَةِ.
أُجرَةِ الأجِيرِ هِيَ مِقْدَارُ مَا تَستَحِقُّهُ المَنفَعَةُ الَّتِي يَحصُلُ عَلَيهَا مِنهُ مُستَأجِرُهُ.
يَكُونُ تَقدِيرُ المَنفَعَةِ لَيسَ رَاجِعًا للِمُستَأجِرِ، بَلْ رَاجِعًا لِلحَاجَةِ لِهَذِهِ المَنفَعَةِ.
الأُجرَةُ تَختَلِفُ بِاختِلافِ الأعْمَالِ، وَتَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ الإِتقَانِ فِي العَمَلِ الوَاحِدِ.
يَرتَفِعُ أجْرُ النَّاسِ فِي العَمَلِ الوَاحِدِ، بِحَسَبِ مَا يُؤَدُّونَ مِنْ إِتقَانٍ لِمَنفَعَةِ الجُهْدِ.
لا يُعتَبَرُ هَذَا تَرقِيَةً لَهُمْ وَإِنَّمَا هُوَ أجْرُهُمُ الَّذِي استَحَقُّوهُ بِتَحْسِينِهِمْ لِمَنفَعَتِهِ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الَمولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الراشدة على منهاج النبوة في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.