خبر وتعليق اعتماد المكتب الاستشارى لسد النهضة نذر الكارثة بين مراوغة حكام إثيوبيا وخيانة حكام مصر والسودان
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
عقد وزيرا المياه والري بمصر وإثيوبيا وممثل عن نظيرهما السوداني، اجتماعًا في العاصمة الإثيوبية، لاعتماد المكتب الاستشاري المعني بإجراء الدراستين الإضافيتين حول تأثير سد النهضة الذي تبنيه أثيوبيا على نهر النيل، وفي 22 أيلول/سبتمبر الماضي، أوصت لجنة خبراء من مصر والسودان وإثيوبيا، بإجراء دراستين إضافيتين حول سد النهضة، الأولى: حول مدى تأثر الحصة المائية المتدفقة لمصر والسودان بإنشاء السد، والثانية: تتناول التأثيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية المتوقعة على مصر والسودان جراء إنشاء هذا السد، وتكونت لجنة الخبراء من 6 أعضاء (اثنان من كل من مصر والسودان وإثيوبيا)، و4 خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية، والأعمال الهيدرولوجية، والبيئة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود..
التعليق:
يعلم كل متابع لهذا السد أنه سد جديد قديم، فقد تم تحديد مكتب السد من قبل مكتب الولايات المتحدة الأمريكية للاستصلاح (أحد إدارات الخارجية الأمريكية) خلال مسح للنيل الأزرق سنة 1964، وفي 2011 وضع رئيس وزراء إثيوبيا السابق ملس زيناوي حجر الأساس للسد وقد تم إنشاء كسارة للصخور جنبًا إلى جنب مع مهبط للطائرات الصغيرة للنقل السريع ولكن واجهت إثيوبيا مشكلةً حسب اتفاقيات موقعة في الأعوام 1959 و1929 والتي تلزم إثيوبيا بالتشاور مع السودان ومصر لإقامة أي سد على النيل الأزرق أو نهر عطبرة، ولأن هذه الاتفاقيات عطلت المناقصات التي طرحتها إثيوبيا لتمويل السد ما لم تتشاور مع دول المصب سعت إثيوبيا لكسر هذه الاتفاقيات وكانت أول خطوة هي اتفاقية عنتيبي عام 2010 والتي وقعتها كل دول حوض النيل ما عدا مصر والسودان، وقد نصت عنتيبي على مراجعة حصة مصر والسودان والتعاون في الاستفادة من مياه النيل، ثم توجت الجهود بالتخاذل من قبل القيادة السياسية لمصر والسودان بتوقيع اتفاقية في الخرطوم أعطت إثيوبيا الضوء الأخضر، وانتزعت إثيوبيا شرعية سد النهضة، وبدأت في المراوغة في موضوع الدراسات الفنية التي التزمت بها في الاتفاقية المبرمة في الخرطوم؛ والتي ظهر بصورة جلية أنها فخ زلّت به الأقدام. لأن الدراسات الفنية لتأثير سد النهضة موجودة لدى إثيوبيا منذ عام 2012م كما صرح خبراء وهي ترفضها جملةً وتفصيلُا، ولكن كسبًا للوقت قامت بالترويج للجنة استشارية من البلدان الثلاثة مصر وأثيوبيا والسودان لتقديم دراسات حول تأثيرات سد النهضة. هذه اللجنة التي ستمضي ما يقارب العام لتصدر نتائج فتكون إثيوبيا حينها قد انتهت من بناء السد. وللمراوغة عقدت لقاءات عدة للجنة الاستشارية مثيرة السخرية. وقد أصرت إثيوبيا على اختيار كلمة احترام الدراسات الفنية التي تجريها اللجنة الاستشارية بدل كلمة التزام التي تمسكت بها مصر، ثم تنازلت عنها وقبلت بالنص على كلمة احترام في الاتفاقية التي وقعها رؤساء الدول الثلاث.
والأدهى والأمر، هو تعليق أحد اجتماعات اللجنة الوطنية التي تضم الدول الثلاث الموقعة على اتفاقية الخرطوم وكان السبب أن وزير الري الإثيوبي مشغول، ثم التأمت اللجنة لتختلف على اختيار مكتب استشاري من أربعة مكاتب لتصر إثيوبيا على المكتب الفرنسي، ومصر على المكتب الهولندي، ورغم تأكيدات وزير الري المصري أن الأمر لا يعدو اختلافًا في وجهات النظر، لكن مصدر داخل اللجنة الثلاثية أكد أن إثيوبيا منذ بداية المفاوضات لا تريد أن تتراجع عن موقفها، وهو ما حدث في استقبال عروض المكاتب والآن في الاختيار.
والهدف من المراوغة فيما يخص المكتب الاستشاري هو أن إثيوبيا لن تقبل بتقرير فني مكتوب يدينها؛ لأن بناء السد يعني وقوع أضرار على مصر، وهو ما يعرفه الجانب الإثيوبي، لذلك لا يريد إقامة أي دراسات فنية تظهر الحقيقة، مؤكدًا أن وثيقة الخرطوم حققت الاعتراف السياسي للسد، وهو ما كانت تحتاجه إثيوبيا، أما فيما عدا ذلك فإنها ستلجأ للمراوغة حتى يتم الانتهاء من بناء السد ليصبح بعد ذلك أمرًا واقعًا لا ينقصه سوى الحماية العسكرية. وقد وقعت إثيوبيا اتفاقيةً للدفاع المشترك مع تركيا، تتضمن منظومة الدفاع الجوي والتكنولوجيا، وهو جزء من تعاون تركي إثيوبي وصل إلى 500 مليون دولارٍ - وفقًا لتصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي هيلاماريام ديسالين.
هكذا يسير سد النهضة نحو الاكتمال وتزداد عمالة حكام مصر والسودان المتآمرين مع الأعداء. وتزداد ثقتنا بالله وإن بعد العسر يسرًا، فالصبح يأتي بعد ظلام الليل الدامس، والإمام الجنة؛ خليفة المسلمين قائد الأمة الذي ليس بخبٍّ، ولا يخدعه الخب، قادم بإذن الله كما بشر النبي صلى الله عليه وسلم «... ثم تكون خلافةً على منهاج النبوة».
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة عبد الجبار / أم أواب