لقد جعلت أمريكا من العراق نموذجاً ولكن للقتل والخراب، وغابة لا وجود للقانون فيه
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
\n
نشرت صحيفةُ «الحياة» وغيرُها يوم الأحد 19 تموز 2015 خبر المجزرة المروِّعة التي حدثت في محافظة ديالى (شرق العاصمة بغداد) جاء فيه:
\n
1- شهد العراق في أول أيام عيد الفطر أعنف هجوم انتحاري منذ انتشار تنظيم «الدولة» قبل عامين، وذلك عندما فجّر انتحاري منهم سيارة مفخخة بثلاثة أطنان من مواد متفجرة، في سوق شعبية مكتظة بالمتسوقين في منطقة «خان بني سعد» في محافظة ديالى، راح ضحيته - كحصيلة أولية - نحو 100 شهيد، بينهم 15 طفلاً، و160 جريحاً، فيما لا يزال البحث جارياً عن 20 آخرين، كما خلف دماراً كبيراً وأدى الى إحراق عشرات المحالِّ والمباني التجارية.
\n
2- وأوضح الرائد أحمد التميمي من قوات الشرطة أن أشلاء جثث الضحايا تطايرت فوق أسطح المباني القريبة نتيجة قوة الانفجار، وأن «بعض الناس استخدموا أقفاص الخضروات لجمع أشلاء جثث الأطفال».
\n
3- واعترف «التنظيم» - على «تويتر» - أمس بمسؤوليته عن التفجير، فيما أعلن محافظ ديالى الحِدَاد ثلاثة أيام. وأدان رئيسا الوزراء والبرلمان التفجير الإرهابي وأكدا: «أن الهجوم يزيد من إصرارنا على تطهير البلاد من إرهاب «تنظيم الدولة».
\n
\n
التعليق:
\n
رغم فظاعة الحادث المذكور والذي تسبب في حصول مجزرة بشعة لكنَّه لا يعدو أن يكون حلقة في سلسلة من الأوضاع المأساوية التي حلت بالبلاد والعباد، فالموت أصبح هو القاعدة والمصير المحتوم للناس، إما بأيدي \"تنظيم الدولة\" الذي فاقت قسوته حتى جرائم (التتار) التي ذكرها التاريخ، فقد قتلوا (1500) إنسان في يوم واحد، وأخبار جرائمهم امتلأت بها مواقع الشبكة العنكبوتية. وإما بأيدي المليشيات الطائفية التي نالت بأذاها الكثير من (أهل السُّنة)، بالخطف والقتل على الهوية وتفجير المساجد والبيوت، وحرق أو تجريف البساتين العامرة وقطع المياه عنها وغير ذلك.
\n
والحال أن الكفار المحتلين أوجدوا في بلاد المسلمين أوضاعا كارثية عبر احتلالها بالقوة، أو استخدام الحكام العملاء الذين نصَّبوهم على رقاب الشعوب، أو إيجاد التنظيمات المسلحة التي تسببت في دمار شامل لمقومات الحياة بحمل الناس بالقوة على أحد خِيارين لا ثالث لهما: فإما الخضوع لهم أو مواجهة الموت بحُجة الكفر أو الرِّدة. ومن تلك الأوضاع المدَمِّرة: ظهور تنظيم \"الدولة\" في العراق وسوريا، وما ينضوي تحت لوائهم هنا وهناك من التنظيمات الجهادية. فظهور \"التنظيم\" أفرز تداعيات خطيرة تؤثر سلبا على مستقبل الأمة الإسلامية إن لم يُدرك أبناؤها ذلك، ويتداركوا ضررها بالعمل الجادِّ والمخلص لفضح مؤامرات الأعداء، وإزاحة أنظمتهم السياسية التي جُعلت بديلا لشرعة الإسلام الحنيف. ومن تلك التداعيات:
\n
1. إدخال المنطقة برُمَّتها في نفق مظلم يوفر فرصة سانحة لأسراب الساسة والسفراء والمستشارين العسكريين الأجانب للتدخل في شؤون المسلمين، وتوجيه أوضاعهم لما يخدم أغراض الكفار الخبيثة، بل باتوا هم من يدير دفَّة الحكم حقيقة في كثير من البلاد لكن من وراء ستار.
\n
2. استنزاف طاقات الأمة البشرية ومقدَّراتها المادية والمعنوية من أجل محاربة (وَهْمٍ) سمَّوه إرهاباً هم في الحقيقة صانعوه، وصار لزاماً على المسلمين بخِسَّة حُكامِهم:
أ. أن يدفعوا فواتير ضخمة من قوت أبنائهم لإقامة القواعد العسكرية للكافرين لدفع الخطر الداهم، وهي في الحقيقة قيود إضافية لإخضاع الأمة وتركيعها، والحيلولة دون انعتاقها،
\n
ب. تشغيل مصانع السلاح الغربية والشرقية لشراء الأسلحة بمليارات الدولارات للحفاظ على الأمن المزعوم، ومحاربة المتشددين الأشرار، ولتؤول في النهاية - أعني تلك الأسلحة - إلى فقدان الصلاحية بعد سنين كالصواريخ البعيدة المدى لدول كإمارات الخليج مثلاً لا حصراً، أو لقتل الإخوة والأبرياء بذريعة أو أخرى بدل أن تُوَجَّهَ إلى صدور وقواعد الأعداء الحاقدين،
\n
ت. إهمال المشاريع الصناعية والزراعية والإنتاجية والسكنية، وعرقلة إقامة الجامعات والانخراط في البحوث العلمية التي ترفع من شأن الأمة ليحسب الكافر لها كل حساب، فضلا عن تعطيل طاقات الشباب الخلاقة ورفع مستواهم الاقتصادي ليُقلِعوا عن ركوب الأخطار والتوقف عن الهجرة إلى بلاد الكفر طلبا للقمة العيش،
ث. إشعال الحروب العبثية لإشاعة الخراب والدمار في بلاد المسلمين بدلا من السعي في صناعة الحياة الكريمة، وتطويع وسائل المدنية الحديثة لتذليل صعوبات الحياة بما لا يُعارض أحكام الإسلام، ومن ثم إبراز صورة ناصعة عن حياة المسلمين بدل إظهارهم في صورة الضعفاء والكسالى الذين يعتاشون على أوساخ المساعدات الدولية التي تفاقم من أزماتنا السياسية والاقتصادية.
\n
3. إشغال الأمة عن قضيتها المصيرية ألا وهي استئناف الحياة الإسلامية، ووضع العقبات في طريق إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي ستستعيد بإذن الله عز وجل مقاليد السيادة والريادة للعالم أجمع باعتلاء مركز الدولة الأولى، وإقامة صروح العدل والحق والإنسانية بتطبيق شرع الله تعالى في الداخل، وحمل الإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد، ورمي المنظومة الفكرية الغربية الخاطئة في هاوية سحيقة.
\n
وفي الختام، فإن المُشاهَدَ أن أوضاع العراق - خصوصاً - لن تستقِر حتى تسوية الأوضاع في سوريا لارتباط البلدين جغرافيا وتشابه ظروفهما، ولن يكون ذلك الاستقرارُ حقيقياً ودائماً ما دام الغزاة الكفار يُمسكون بزمام الأمور، وما دامت أفكارهم وأنظمتهم سائدة. وأن مشكلة تنظيم \"الدولة\" ستُحَلّ ولن يُعجز أمريكا ذلك، ولكن ليس باستئصاله تماماً كما صرح بذلك أوباما بقوله: أن أمريكا أو التحالف لا يعمل على استئصال \"التنظيم\"، والمعنى أنه سيُفتح له جبهات أخرى في الخليج أو مصر وشمال أفريقيا بدليل ما يجري الآن فيها لتنفيذ الأغراض الآنفة \"التداعيات\" وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا، وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
\n
\n
\n
\n
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الرحمن الواثق - بغداد
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية العراق
\n