خبر وتعليق مؤتمر دافوس الاقتصادي: اشتدي يا أزمة لن تنفرجي!
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
\n
انعقد في عمان يوم الجمعة 2015/5/22 مؤتمر دافوس الاقتصادي الحادي عشر في البحر الميت في الأردن. افتتح المؤتمر الملك عبد الله ملك الأردن وحضره عدد غفير من السياسيين والاقتصاديين وكان أبرز الحضور فرعون مصر عبد الفتاح السيسي.
\n
\n
التعليق:
\n
إن أبرز ما جاء في خطاب ملك الأردن وكذا خطاب السيسي وغيرهما من المتكلمين أنه بعد أكثر من عقد على انعقاد المؤتمر لأول مرة لم يشهد العالم ازدهارا اقتصاديا ولا استقرارا ولا أمنا، وهي الأهداف المعلنة لهذا اللقاء السنوي الذي يستنزف عشرات الملايين من الدولارات من أجل انعقاده. وقد أكد المتحدثون واحدا تلو الآخر أن مشكلة الفقر لا تزال هي الأكثر خطورة في العالم. ومثل هذا المؤتمر كذلك مؤتمر الدول العشرين الذي يعقد سنويا والذي لا يزال يركز على أن العالم يغرق أكثر وأكثر في الفقر والعوز والحرمان. ولو أن المؤتمرين تفحصوا حال مؤتمرهم للحظة واحدة والتفتوا إلى الكم الهائل من الأموال التي ينفقونها على مجرد التحضير لمثل هذه المؤتمرات لعلموا أن قضية الفقر هي من صنعهم وإنتاجهم، وأنى لصانع الفقر أن يدفنه! إن قضية الفقر ومشكلته ليست في قلة الموارد أو شحها، وليست في ضعف الإنتاج أو قلته، بل هي أولا وآخرا في كيفية توزيع ما هو موجود من الثروة. فالرسول عليه الصلاة والسلام حين يقول «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به» فإنه يؤكد على أن الجوع لا يمكن أن يستمر لعشرات السنين وبطون المؤتمرين منتفخة، في حين بطون الفقراء خاوية. فاليمن مثلا والتي تعتبر من أفقر الدول في العالم تبين أن رئيسها المخلوع قد خرج من الرئاسة بأكثر من 60 مليار دولار! كما خرج مبارك وأبناؤه بأكثر من مئتي مليار دولار! ويصيح السيسي الذي أعاد مبارك لحانة النهب والسلب مستنكرا استمرار الفقر والحرمان!
\n
إن الفقر ليس شيئا غريبا على البشر فهو موجود وهناك أسباب كثيرة قد تؤدي إلى فقر الأفراد، كالحروب والقحط والجدب، والزلازل والبراكين التي قد تذهب بثروات بعض الناس. وهذا طبيعي أن يحصل، وطبيعي أن توضع له الحلول وأن تثمر هذه الحلول. أما ما هو غير طبيعي ولا مقبول أبدا فهو أن يكون النظام الاقتصادي الذي ينظم العلاقات المالية بين الأفراد والشعوب هو المسؤول عن إنتاج الفقر وعن حصر الثروات في أيدي قلة ومنع وصول الثروة إلى مستحقيها بشكل منظم، بل ويخلق آلة حربية ضخمة للتمكين من حصر الثروات بأيدي القلة القليلة من البشر. أليست الحرب الطاحنة في ليبيا الآن، وفي اليمن، والصراع المميت في السعودية على الحكم والولاية، وحرب الخليج المستمرة منذ 1979 وحتى الآن كلها حروباً على النفط والثروة والمال؟ والحرب العالمية بقضها وقضيضها وقتلها وتشريدها وتدميرها الشرس، ألم تكن أهم نتائجها وما تمخضت عنه اتفاقية بريتون وود والتي أنشأت أسوأ آلتين من آليات تكريس الفقر؛ البنك الدولي وصندوق الدولي؟ والذي وصفه أحد زعماء أوروبا بأن الصندوق ما دخل بلدا إلا أفقر أهله ونهب ثرواته!
\n
إن المسؤول الأول والأخير عن مشكلة الفقر وعدم الاستقرار وفقدان الأمن هو النظام الرأسمالي الجائر، وما يحويه من نظريات فاسدة وآليات ظالمة، وجشع لا مثيل له. فالربا والاحتكار والأسهم والمال المرتكز على هباء، وما ينتج عنها من اقتصاد وهمي كلها تعمل ليل نهار لإفقار البشر وتجميع الثروة بأيدي قلة ظالمة لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر. وبالتالي فإن مؤتمر دافوس ومثله كثير لا يخدم إلا قضية واحدة ألا وهي صرف الأنظار وتحويلها عن السبب الحقيقي للفقر والحرمان وعدم الاستقرار وفقدان الأمن، وتلبيسها إلى عدو وهمي اصطنعوه بأنفسهم وأطلقوا عليه أسماء ما أنزل الله بها من سلطان كالإرهاب والتطرف.
\n
إن الحل الوحيد لقضية الفقر وعدم الاستقرار وفقدان الأمن هي نظام شامل متكامل يعترف بمشكلة الفقر الحقيقية وهي عدم عدالة توزيع المال، ويحقق علاقات مالية واقتصادية تعمل على توزيع طبيعي للثروة من غير تصنع ولا افتعال أو ارتجال، مثل توزيع الملكيات بشكل صحيح، فبدلا من خصخصة أموال الملكية العامة أو تأميم أموال الملكية الخاصة بدون نظام محدد، فإن النظام الصحيح يبين ما هو من الملكية العامة أصلا فلا يجوز خصخصته وما هو ملكية خاصة لا يجوز تأميمه وما هو ملكية دولة فلا يجوز الاعتداء عليه. والنظام الإسلامي هو عين ذاك النظام الذي به يُقضى على أسباب الفقر ويجعل المال دولة بين الناس وليس حصرا بأيدي الأغنياء.
\n
\n
\n
\n
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد ملكاوي