- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
أعلن اتحاد علماء الدين الإسلامي في إقليم كردستان / العراق بتاريخ 17/11/2015 عن فتوى مشتركة له ولدارَيْ الفتوى في مصر والأردن بشأن الجرائم التي ارتكبها تنظيم "الدولة" الإرهابي ضد اليزيديين والمسيحيين خصوصا استرقاق، وبيع، واغتصاب النساء، عادّاً "التنظيم" جماعة خارجة عن الدين الإسلامي.
الخبر:
أعلن اتحاد علماء الدين الإسلامي في إقليم كردستان / العراق بتاريخ 17/11/2015 عن فتوى مشتركة له ولدارَيْ الفتوى في مصر والأردن بشأن الجرائم التي ارتكبها تنظيم "الدولة" الإرهابي ضد اليزيديين والمسيحيين خصوصا استرقاق، وبيع، واغتصاب النساء، عادّاً "التنظيم" جماعة خارجة عن الدين الإسلامي. وأن "ما قام به هؤلاء الإرهابيون، إنَّما هو بيعٌ للحرائر وتقنين للاغتصاب وإكراه على البغاء وحِرابة وإفسادٌ في الأرض، ونقضٌ لذمة الله تعالى ورسوله". (شفق نيوز).
وجاء ذلك الإعلان خلال مؤتمر صحفي عقد بمقر المكتب التّنفيذي للاتحاد، في أربيل بحضور رئيسه عبد الله الكردي، وعدد من أعضاء المكتب التّنفيذي والمجلس المركزي للاتّحاد، إلى جانب شخصيات دينيّة وثقافية واجتماعيّة يزيدية ومؤسسات تابعة لليزيديين لكي تكون هذه الفتوى بمثابة وثيقة تاريخية تدوَّن من قبل هاتين المؤسستين العريقتين - في مصر والأردن - ويكون العالم الإسلامي كله على بصيرة لما حدث لهؤلاء الضحايا من جرائم باسم الإسلام.
التعليق:
لا بد - للتعليق على هذه الفتوى وأمثالها - من القول:
1- أن الأصل في علماء الإسلام أن تكون تقوى الله تعالى هي رفيقهم في كل ما يصدر عنهم، ذلك أنهم "ورثة الأنبياء"، والقدوة الحسنة للناس، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾. وأن الفتوى هي الرواية عن الله سبحانه، فلا مناص - إذن - من التكييف الفقهي الدقيق لجرائم تنظيم "الدولة" أو غيرها من المستجدات، وفهم واقعها بوضوح وتحقيق مناط الحكم الشرعيّ ليتسنى دراسة النصوص الشرعية ذات الصلة في الكتاب والسنة، ثم إنزال تلك النصوص الصحيحة أو الصريحة على الواقع، وإلا فقد وقع المفتي في ما حذَّر الله تعالى منه: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.
2- لسنا - في هذا البحث - بصدد الدفاعِ عن فظائع وفضائح ذلك "التنظيم" أو تبريرها، بعد تواتر الأنباء عنها، لكن أليس من الواجب معرفة الباعث على ارتكاب تلك الأفعال: هل هو تأوُّلٌ للنصوص وقِصَرُ النظر والفهمُ الخاطئ لها؟ أم هو العِناد والإصرار منهم على مخالفة ما هو معلوم من الدين بالضرورة، واتباع الهوى وتعدِّي حدود الله؟ حتى يُحْكمَ عليهم بكُفرٍ أو إيمان؟ فما بالكم أيها (العلماء) ترمونهم بتُهَمِ التكفير ثم تمارسونه أنتم.. ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾؟!
3- لا يليق بأهل العلم من الفقهاء أن يكونوا أداة بأيدي حكامهم الظلمة، فيُصدِروا الفتاوى طلبا لمرضاتهم أو لنيل شيء من حطام الدنيا لديهم - كما هي فتواكم المشتركة - يا علماءَ كردستان وأحفادَ صلاح الدين الأيوبيّ، أنتم ومَن معكم من علماء مصر والأردن وباقي بلاد المسلمين، ونحن نُنشِدكمُ اللهَ: أيُّ الفريقين أشد بأساً وتنكيلاً بالمسلمين؟ حكامُ دُويلات الضِّرار كحُسني اللامبارك، والسيسيّ، وصدام والمالكيّ وبارزانيّ وبشار والقذافيّ، وملوك الفساد والعمالة مِن آل سعود (والهاشميِّين) حكام الأردن، وأمثالِهم، الذين سفكوا الدم الحرام، وهتكوا الأعراض وسجنوا وعذَّبوا وهدموا المباني على رؤوس أهلها، وتآمروا على الأمة وجعلوا بلاد المسلمين مسرحاً لقواعد الكفار الحاقدين، وأهلَها وقودا لحروب عبثيةٍ بالنيابة عنهم، وأعانوا على نهب خيرات المسلمين بذرائع شتى؟ أهؤلاء أظلمُ؟ أم تنظيم الدولة الطارئ ومَن اخترقهم مِن أعداء ديننا ونكاية بنا، والذين قلما تربطهم بنا رابطة؟!
4- فأينَ فتاواكم بحق أولئك الجبابرة والظالمين؟ ﴿أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾، فأعِدُّوا جوابا يُرضِي ربكم سبحانه في يومٍ ﴿تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾، أو بادروا بالتوبة النصوح، وكونوا كأسلافكم من علماء المسلمين الأعلام، لانتشال الأمة من درك الضعفِ والبؤس والتمزُّق والتبعية لكل كَفَّارٍ أَثِيمٍ، بسبب أنظمة كفرٍ مفروضةٍ، وحُكامٍ عملاءَ نُصِّبوا قسراً عليها. أعلِنوا أن لا مخرج للأمة ولا نجاة من تلك الشرور إلا بتحكيم شرع ربهم كاملا غير منقوص بدولة إسلامية خلافةٍ راشدةٍ على منهاج النبوة كما أسَّسّها رسول الله r، ومضى عليها خلفاؤه الراشدون فمَن بعدهم تنفيذا لأمر الله عز وجل: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ، فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾، فإن استجبتم لنداء ربكم عز وجل - كما هو ظننا بمَن شرَّفه الله بالعلم الشرعيّ - فكونوا كما أراد ربكم سبحانه، وأخذ العهد عليكم تفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة، وتذكركم الأجيال من بعدكم، فهذا أوانُ التوبة فقد بانَ الحقُ وأهلهُ بإذن الله تعالى، وافتُضِحَ الباطلُ وزبانيته من كفار أمريكا وروسيا وأوروبا وأذنابهم من الأتباع والأذيال، أعداءِ ديننا وعقيدتنا الإسلامية الناصعة، فالنصر حليفنا ومصيرنا ولو طال الزمن، قال الله عز وجل: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الرحمن الواثق - بغداد
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية العراق