الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الذكرى المئوية لحصول النساء على حق التصويت في بريطانيا  تذكير بعطب الديمقراطية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الذكرى المئوية لحصول النساء على حق التصويت في بريطانيا

تذكير بعطب الديمقراطية

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

شهد يوم 6 شباط/ فبراير من هذا العام مرور 100 عام على صدور قانون تمثيل الشعب في بريطانيا والذي منح حق التصويت للنساء فوق سن الثلاثين ممن يمتلكن مؤهلات معينة. ولم يتغير الأمر إلا بعد عام 1928، أي بعد عشر سنوات، وقبل 90 عاما عندما حصلت المرأة على حقوق التصويت ذاتها التي يمتلكها الرجال في البلاد. في هذه الذكرى المئوية لما يسمى بـ"الاقتراع العام"، كان العديد من السياسيين، بمن فيهم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وكذلك النسويات، ومعلقو وسائل الإعلام وغيرهم، يشيدون بـ "شجاعة" و"بطولة" "سوفراجيتس" التي كافحت ولفترة طويلة، ضد هذه المعارضة الشديدة من قبل حكومتها والعديد من المؤسسات الأخرى داخل الدولة، لضمان الحق في انتخاب رئيسهم والذين يمثلونهم من النواب.

 

التعليق:

 

على مدى عقود، حاولت سوفراجيتس بوسائل سلمية إقناع أصحاب السلطة بأن للمرأة الحق في انتخاب ممثليها السياسيين والتعبير عن آرائها السياسية داخل المجتمع. ومع ذلك، تم تجاهلها من قبل من هم في السلطة. هربرت أسكويث على سبيل المثال، رئيس وزراء بريطانيا ما بين 1908 إلى 1916، ذكر مرة أن النساء "جاهلات ميؤوس منهن، وساذجات إلى أبعد الحدود، مترددات في ميولهن كالشمعة في مهب الريح"، وبالتالي كان من الجنون منحهن حق التصويت. ونتيجة لذلك، تحولت الكثيرات ممن هن في حركة سافراغيت إلى العمل المسلح، اعتقادا منهن بأن هذه هي الوسيلة الوحيدة لجعل قضيتهن مسموعة من قبل المؤسسة البريطانية. فقمن بتعطيل الاجتماعات العامة، وخربن الممتلكات، وارتكبن أعمال الحرق المتعمد، وربطن أنفسهن بالسلاسل احتجاجا. حتى إن إحدى النساء، إميلي دافيسون، ألقت بنفسها تحت حصان الملك في سباق ديربي للخيل، ما أدى لموتها، على أمل منها أن تلتفت النخبة الحاكمة لقضيتهن. في طريق نضالهن، تمت شيطنة الشجاعة، وتم التجسس عليهن على يد المخابرات، وضُرِبن من قبل الشرطة، وسُجنَّ، وعُذَّبن، وأُجبرن على الأكل بالقوة في السجن. في الواقع، تم تسجيل أن أكثر من 1300 امرأة ممن تبعن سوريجيت تعرضن للاعتقال ما بين 1906 و1914. وتحت الضغط الشديد، غيرت الحكومة البريطانية في نهاية المطاف القانون، ومنحت فئة معينة من النساء حق التصويت.

 

إن حقيقة أن على حركة سوفراجيتس أو حركة الحقوق المدنية أن تنخرط في مثل هذه النضالات المكثفة في مواجهة مثل هذه المعارضة الشديدة من حكوماتها لتأمين ما كان ينبغي اعتباره حقوقا سياسية واقتصادية وتعليمية أساسية لكل فرد في أي دولة (الذكور أو الإناث، السود أو البيض) - يسلط الضوء بالتأكيد على واحد من العيوب الأساسية الجوهرية للنظام العلماني الديمقراطي: أنه لا يضمن حقوق الناس بشكل تلقائي ذاتي. بدلا من ذلك، يتعين على الأفراد "الشجعان" محاربة النظام لتأمين ما كان ينبغي منحه لهم بشكل افتراضي. حتى إن 5 ملايين رجل من الطبقة العاملة الأفقر لم يمنحوا حق التصويت حتى عام 1918 لأن الانخراط في العملية السياسية كان يعتبر امتيازا لنخبة الذكور الأكثر ثراء في المجتمع. كل هذا مثال واضح على عطب الديمقراطية، في ظل هذا النظام، حيث يتم وضع القوانين وكسرها وفقا لأهواء النخبة الحاكمة، وبالتالي تخضع لأفكارهم المتقلبة والمحدودة والمنحازة. حتى يومنا هذا، نرى كيف أن الدول الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، تحد من حقوق الرعايا والفئات الدينية الصغيرة، التي يُفترض أن يُنظر إليها على أنها ثوابت لا يمكن المساس بها، وذلك كالحريات الدينية والحق في التعبير السياسي والخصوصية الفردية، من قبل من هم في السلطة. وهذا هو السبب في وجود خط رفيع خطير بين الديمقراطية والدكتاتورية.

 

وعلى عكس الاعتقاد السائد في العديد من الدول الغربية، فليست النساء في الغرب من كُنَّ أول من مُنح حق التصويت في أواخر القرن التاسع عشر أو أوائل القرن العشرين. لا! فقبل ألف وأربعمئة سنة مضت، أكد الإسلام أن للرجل والمرأة الحقوق الاقتصادية والقضائية والتعليمية والسياسية ذاتها، بما في ذلك انتخاب الحاكم ومن يُمثلها، وأن تكون النساء أعضاء في الأحزاب السياسية، وأن يكون عندهن ممثلات منتخبات عنهن ليحاسبن الحاكم. وكان هذا دون الحاجة إلى "نضال المرأة" أو "حركات نسوية". على سبيل المثال، في بيعة العقبة الثانية، شاركت امرأتان؛ نسيبة بنت كعب أم عمارة وأسماء بنت عمرو بن عدي - وكانتا في وفد مسلمي يثرب الذين بايعوا النبي r بيعة النصرة. وبعد البيعة، طلب النبي e من الوفد انتخاب 12 نقيبا من بينهم ليمثلوا قومهم. ولم يقيد هذه الأمر بالرجال فقط. وعلاوة على ذلك، عندما كان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يستشير رعايا دولة الخلافة فيمن يرغبون أن يكون خليفتهم بعد وفاة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، سعى للحصول على آراء النساء والرجال على حد سواء.

 

والأهم من ذلك أنه في ظل النظام الإسلامي، لا يخضع توفير هذه الحقوق للتغيير وفقا لمن هو في السلطة في الوقت الذي تكون فيه السيادة للشريعة لا للحاكم أو البرلمانات أو الشعب. هذا هو الفرق بين نظام مثالي من خالق الكون سبحانه وتعالى، العليم، الخبير، الذي يضع أحكاما عادلة منصفة لكل إنسان، وبين نظام معيب يقوم على عقول ناقصة عاجزة منحازة للرجال (أو النساء). وعلاوة على ذلك، فإن هذه هي الحقوق المضمونة التي يمكن للمرأة أن تتطلع إليها في المستقبل في ظل الخلافة الراشدة. تنص المادة 115 من مشروع دستور حزب التحرير في دولة الخلافة على أنه "يجوز للمرأة أن تُعَيَّنَ في وظائف الدولة، وفي مناصب القضاء ما عدا قضاء المظالم، وأن تنتخب أعضاء مجلس الأمة وأن تكون عضواً فيه، وأن تشترك في انتخاب الخليفة ومبايعته".

 

﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. نسرين نواز

مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آخر تعديل علىالإثنين, 12 شباط/فبراير 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع