- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
العلاج لا بد أن يكون جذرياً لا ترقيعياً
الخبر:
تناقلت وسائل الإعلام قصة الفتى؛ بائع الشاي؛ الذي قامت شرطة النظام العام، بمحلية الخرطوم بحري، بفرض غرامة مالية قدرها (2000) جنيه سوداني، الأمر الذي دفع أحد المتابعين للواقعة بنقلها وتداولها على وسائط الميديا، مرفقاً الخبر بمستند مالي، يثبت أن الشاب قد دفع ألفي جنيه، عبارة عن مخالفة (حسب زعمهم) لأوامر المحلية. هذه الحادثة وجدت تجاوباً من المتابعين، وأثارت كثيراً من التساؤلات، حول دور المحليات في الحياة العامة، وهل هي محليات لدعم ابن البلد وحمايته، أم أنها أُنشئت لقهره ومطاردته في رزقه.
وفي رد على تداعيات هذا الحادث، قام معتمد محلية بحري بالاعتذار لبائع الشاي، وإعادة مبلغ الغرامة، حيث قدم له الاعتذار شخصياً، بحضور قيادات المحلية، وإدارة المخالفات، والنظام العام، واعتبر أن هذا سلوك شخصي، مع وضع معالجات في إظهار العاملين بالنظام العام، وفق شروط ومواصفات، وتدريبهم للتعامل مع مواطني المحلية. (صحيفة الجريدة 2018/02/10م).
التعليق:
قد أحسن صنعاً معتمد محلية بحري، بأن يسلك سلوكاً راقياً، ويعتذر لأحد رعاياه، ويعيد له المال الذي أخذ منه عدواناً وظلماً، ومع ذلك يظل هذا السلوك سلوكا شاذاً، ليس بين المسؤولين السودانيين فحسب، بل بين المسؤولين في العالم الإسلامي قاطبة، وأقرب دليل على ذلك، ففي اليوم ذاته الذي نشر فيه هذا الخبر، وفي محلية أخرى في رد لوالي ولاية جنوب دارفور، قال: (هناك صحفي سألني ما في مساكين وجوعانين في أطراف المدينة، فقلت ليه، الوالي ما بيطوف على الناس في أطراف المدينة)، ثم سأل الصحفي الوالي، كم يبلغ عدد الفقراء في الولاية؟ فأجاب: (نحن في مجلس وزراء نحصر الإحصاء العام، أما التفاصيل الدقيقة فتوجد عند الوزارات، لكن من قال لكم إن ولاية جنوب دارفور بها فقراء، مدللاً بأن نيالا حتى الأسبوع الماضي بلغت جملة الودائع المالية فيها عبر بنك السودان أكثر من ترليون و365 ملياراً، وأضاف "يبقى الفقر وين؟ ورينا مدينة في السودان فيها 22 بنكاً غير الخرطوم". هذه هي الطريقة التي عهدناها من المسؤولين في التعامل مع الناس.
وبالعودة إلى موضوع المعتمد، فحقيقة الأمر أن المشكلة تنحصر في كيفية تعامل الناس مع الذين يجبون الإتاوات، مع أن الأسلوب الذي تجبى بها الضرائب لا يخلو في كثير من الأحيان من التزلف. وأيضاً لا تنحصر المشكلة في الإتاوات التي تحصلها المحليات من الناس، وإن كانت تتسبب في كثير من المعاناة، لكن المشكلة الأكبر، تتمثل في النظام الاقتصادي المطبق برمته، فهذا النظام يجعل من الضرائب المصدر الرئيس والأول في الميزانية العامة، حيث بلغت نسبة الضرائب حوالي 63% من مجمل إيرادات ميزانية 2018.
إن الدولة تطبق على الناس النظام الرأسمالي، في أبشع صوره، حيث أوصلت الناس إلى قاع الفقر، إن كان للفقر قاع. فالعلاج لا يكمن في التعامل مع حادثة فريدة، أو حادثتين، وإنما العلاج هو في اقتلاع النظام الرأسمالي من جذوره، وبجميع صوره؛ الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وغيرها، وإحلال نظام الإسلام محله؛ ذلك النظام الذي هو عدل كله، وخير كله، وكله رحمة.
نسأل الله أن يكرمنا به، ويجعلنا من العاملين على إيجاده.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس حسب الله النور – الخرطوم