الثلاثاء، 03 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الأردن بين الإصلاح والتغيير

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الأردن بين الإصلاح والتغيير

 

 

 

الخبر:

 

وكالات أنباء - اجتازت حكومة الملقي التصويت على حجب الثقة في مجلس النواب الأردني يوم الأحد 2018/2/18 بعد أن قدم مجموعة من النواب مذكرة تطالب بحجب الثقة عن حكومة الملقي، وقد صوت ضد قرار حجب الثقة 67 نائبا.

التعليق:

 

ليس هناك شك أن الأردن يعاني من أزمة مالية واقتصادية حقيقية سواء من خلال رفع أسعار الخبز والأدوية والمحروقات ورفع الضرائب أو من خلال زيادة المديونية حيث زادت قيمة فوائد وخدمة الدين التي ترتبت على الحكومة عن 95% من حجم الناتج المحلي. فهذه أمور لا شك أصبحت مصدر قلق للحكومات المتعاقبة ومنبع ضنك وشظف عيش للشعب، ودافع أساس للبحث عن حلول جذرية للمشكلة والأزمة. ولا يظنن أحد أن الاحتجاجات والاعتصامات التي انتشرت في بعض المدن كالسلط والكرك أو التصويت في مجلس النواب لحجب الثقة عن حكومة الملقي أو إجراء تغيير وزاري على حكومته أو تغيير الحكومة بقرار ملكي سيادي، أنها يمكن أن تأتي بالبلسم الشافي، بل إن غاية ما يمكن أن تصل إليه هذه الإجراءات هي تخدير موضعي لبعض أجزاء المجتمع إلى أن تبدأ دورة جديدة من زيادة أسعار وضرائب ترهق كاهل الإنسان ثم تنتهي بتخدير آخر وهكذا.

 

إن مشكلة الأردن الاقتصادية تكمن في أمور عدة كلها بحاجة إلى حل جذري كي يخرج الأردن من عنق الزجاجة.

 

الأمر الأول يكمن في النظام الاقتصادي المستمد من النظام الرأسمالي، والذي يكمن في عدم مقدرته على توزيع الثروة بشكل عادل، ما يؤدي إلى اتساع طبقة الفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر، وتقليص الطبقة الوسطى التي تستطيع أن تتكيف مع الظروف المعيشية. وبالتالي فإن أي خلل في الثروة العامة للبلد يتحمل كبدها وعناءها الفقراء في الوقت الذي لا يحس بوجودها الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة. والنظام الرأسمالي في أصله لا يعتبر الفقر مشكلة رئيسة بحاجة إلى حل إلا بقدر ما يؤدي شظف العيش إلى اضطرابات بين الناس قد تؤثر على استقرار الحكم في الدولة. ولما كانت هذه الاضطرابات تحت السيطرة من قبل الأجهزة الأمنية فإن مشكلة الفقر تبقى خارج نطاق الجدية في الحل.

 

من هنا فإن النظام الاقتصادي في الأردن ليس بمقدوره تقديم الحلول الناجعة لما يمر به البلد من أزمة خانقة. ومن المتوقع استمرار زيادة رقعة الفقر واستشراء شظف العيش ما لم يتم تغيير النظام الاقتصادي من أساسه.

 

أما الأمر الثاني، فإن الواقع الاقتصادي في الأردن والمتعلق بالإنتاج وزيادة الثروة، وإن كان غير متعلق بالنظام الاقتصادي، فإن هذا الواقع لا يزال يعاني من الضعف الشديد وقلة الإنتاج. ويتمثل ذلك بمحدودية الإنتاج الصناعي والزراعي وضعف التصدير وبالتالي النقص الشديد في الثروة المالية. ولم يتمكن الأردن من بناء قاعدة صناعية صلبة، ولا حتى مجرد بناء صناعات قوية قادرة على اختراق الأسواق العالمية. وفي الوقت نفسه تخلى الأردن عن مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة التي كانت مصدرا مهما للحبوب والمواد الغذائية. ما جعل الأردن يعتمد على استيراد غالبية مواده الغذائية من الخارج.

 

وأما الأمر الثالث فهو استشراء الفساد في الإدارة العليا المسؤولة على النشاط الاقتصادي والمالي. حتى غدا الحديث عن الفساد بكافة أنواعه مادة للتندر والسخرية بين مختلف فئات المجتمع. وبالرغم من تشكيل دائرة لمكافحة الفساد، وتدخل أجهزة رقابة مختلفة، إلا أنه لم يتم إيقاف الفاسدين أو المفسدين بالرغم من معرفتهم اسما وهوية ومرتبة. ما يجعل فرص الخروج من المأزق والأزمة شحيحة، بل تكاد تكون مستحيلة.

 

والمحصلة أن مشكلة الأردن الاقتصادية وحلها يكمن في تغيير يطال أساس النظام، ويطال البنية التحتية للاقتصاد، ويطال القائمين على شؤون البلد من الفاسدين. وهذه أمور لا يمكن أن تعالج بتغيير حكومة الملقي، أو بإجراء تعديل ولو واسع على الحكومة، بل لا بد من التفكير جديا في الأساس الذي بنيت عليه الدولة ونشأ عنه نظامها الاقتصادي، والبنية التحتية للاقتصاد، والأهم من كل ذلك وجود فئة من الحكام تقدم الجباية على الرعاية، وترعى الفساد بدلا من أن تحاربه.

 

﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُون

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. محمد الجيلاني

آخر تعديل علىالأحد, 25 شباط/فبراير 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع