- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
جفاف وقحط في أوروبا
الخبر:
ضربت درجات الحرارة "القياسية" أوروبا هذا الصيف بشكل غير مسبوق، مما أدى إلى جفاف أماكن عدة.
وتشهد مناطق شمال أوروبا موجة حر غير عادية تسببت باندلاع حرائق غابات في دائرة القطب الشمالي، فيما لحق الجفاف بالمزارع وسجلت المستشفيات زيادة في أعداد المصابين بضربات الشمس.
ونبه المزارعون إلى تراجع المحاصيل، فيما يؤثر تراجع نوعية العشب على كمية الحليب والعلف.
وفي ألمانيا التي شهدت موجة جفاف في أيار/مايو وحزيران/يونيو حذر قطاع المنتجات الزراعية من تراجع المحاصيل هذا العام بين 20 إلى 50 بالمئة. [مصراوي]
التعليق:
تقول المجلة في معرض نقل الخبر إن "محنتهم شديدة لكنها تردد القلق في أنحاء أوروبا إثر أسابيع سجلت فيها درجات حرارة مرتفعة وكميات قليلة من المطر".
امتنع المطر عنهم أسابيع وارتفعت درجات الحرارة بضع درجات، فراحوا يصرخون ويندبون ويترقبون ما سيحل بهم. والسبب في ذلك هو تعودهم على حياة البذخ والترف والإسراف في الماء والموارد الطبيعية والمنتجات الزراعية والحيوانية، في الوقت الذي يعملون فيه جاهدين على حرمان بقية العالم من أدنى مستويات الرفاهية، حيث يرى البعض فيما يسمونه العالم الثالث، أن مجرد الحصول على الماء الصالح للشرب قمة السعادة وإن كان الحصول عليه من بئر قريبة فيعد ذلك رفاهية، ولهذا يعرف قيمة الماء فلا يسرف فيه ولا يتلفه في أوجه الترف، كغسيل السيارات أو إرواء عشب الملاعب، أو غير ذلك من كماليات الكماليات.
لم يتعرف هؤلاء المسرفون الرأسماليون على القيمة الحقيقية للمنافع لأنها فائضة عندهم، ولا يُقدِّرون أنها ربما تنقطع يوما عنهم لأن فلسفتهم عن الحياة لا تحمل مثل هذه الأفكار. ولهذا استغلوا الطبيعة وأنهكوا البيئة حتى ارتفعت درجات الحرارة، وتقلَّب الطقس وأخلُّوا بالتوازن البيئي في صور متعددة، يُقرُّون ببعضها ويُخفون أكثرها، فآل بهم الحال إلى هذه الكوارث الطبيعية من أعاصير وفيضانات وصقيع وجفاف وغير ذلك. وقد عقدوا لأجل الإحاطة بهذه الكوارث مؤتمرات ودراسات وتوصيات على سبيل المثال لخفض الغازات العادمة أو لمنع الكيماويات الحارقة للعشب الضار أو الحد من استخدام المبيدات الحشرية وغير ذلك من الوسائل التي استحدثوها لزيادة الإنتاج وأصبحت تهدد الطبيعة والتوازن البيئي.
وفي المقابل يعلمنا ديننا الحنيف كيف نحافظ على البيئة فلا نفسدها، كقوله تعالى في ذم المشركين والمنافقين ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾...
ورسول الله عليه الصلاة والسلام يرشدنا كيف نتعامل مع النعم ويحذرنا من الإسراف فيها، يروى عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللهِ r مَرَّ بِسَعْدٍ بن أبي وقاص وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ: «مَا هَذَا السَّرَفُ؟» فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ».
وقد صح عن قتادةَ، قال: سَمِعْتُ أبا عثمان يقولُ: أتانا كتابُ عُمَرَ ونحنُ بأذْرَبِيجَانَ مَعَ عُتْبَةَ بنِ فرقد: أما بَعْدُ: فاتَّزِرُوا وارتَدُّوا، وانْتَعِلُوا وارْمُوا بالخِفاف، واقْطَعُوا السَّرَاويلاتِ، وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إسْمَاعِيلَ، وإيَّاكُمْ والتَّنَعُّمِ وَزِيِّ العَجَمِ، وعليكُمْ بالشَّمسِ، فإنها حَمَّامُ العَرَبِ، واخْشَوْشِنُوا واخْلَوْلِقُوا وارْمُوا الأَغْرَاضَ، وانْزُوا نَزْواً...
هكذا وبصور بسيطة مفهومة مقنعة، يعلمنا ديننا كيف نتعامل مع الطبيعة وكيف نحافظ على النعم ونحمد الله عليها، نعبد الله المنعم ونستغفره ليرسل السماء علينا مدرارا.. كما جاء على لسان نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام في سورة نوح: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾...
نسأل الله أن يهيئ للإنسانية خلافة راشدة تعيد الحياة إلى طبيعتها، وينتفع كل الناس بالنعم والخيرات، لا يتقدم قوي على ضعيف، ولا غني على فقير..
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. يوسف سلامة – ألمانيا