- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
هل توجد مبادئ مشتركة بيننا وبينهم
لبناء نهج لمكافحة ما يسمى بالتطرف العنيف؟!
الخبر:
يشارك رئيس الأركان المشتركة الفريق أول ركن كمال عبد المعروف الماحي، بالعاصمة الأمريكية واشنطن، بمؤتمر مكافحة التطرف العنيف الذي تنظمه الولايات المتحدة، بمشاركة رؤساء أركان وقادة جيوش أكثر من 120 دولة، إلى جانب مشاركته في مؤتمر اتحاد الجيش الأمريكي.
وبحث عبد المعروف، يوم الأحد، وفقاً لوكالة السودان للأنباء، مع القائم بالأعمال بالسفارة الأمريكية بالخرطوم، السفير ستيفن كوستيس، بحضور الملحق العسكري الأمريكي، المقدم آدم كورديش، القضايا ذات الاهتمام المشترك والأوضاع الإقليمية والدولية وسبل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والإقليم، وأكد عبد المعروف أهمية التواصل بين الطرفين لتعزيز الثقة والمضي قدماً في مسار تطوير العلاقات بين البلدين، عبر الحوار والعمل المشترك. (وكالة السودان للأنباء، 2018/09/23).
التعليق:
السؤال البديهي: ما هو التطرف العنيف؟ ولماذا يشارك السودان في هذا المؤتمر؟ وما هو الدور المنوط به؟ وكيف تتم مكافحة التطرف العنيف؟ وهل توجد مبادئ مشتركة لبناء نهج لمكافحة التطرف العنيف على أساسها؟
أولا، لا يمكن الإجماع إلى تعريف التطرف تعريفا يقبل عند جميع الناس ولا يمكن إطلاق تعميمات بشأنه، لماذا؟ لأن التعريف اللغوي للتطرف هو تجاوز حد الاعتدال وكل مجتمع له قيمه وأفكاره ومقاييسه التي تعني عنده مفهوم الاعتدال وأخرى تعني التطرف، وعليه فإن ما يعتبره مجتمع ما تطرفاً قد يكون اعتدالا عند مجتمع آخر، وعليه فإن التطرف والاعتدال مرهونان بالمتغيرات الحضارية (الثقافية والدينية والسياسية) التي تسيطر على مجتمع ما، ولكن مصطلح التطرف استخدم حديثا وهو يعني بشكل شائع عند مستخدمي المصطلح الخروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير والسلوكيات الغربية الرأسمالية.
إن "حرب الأفكار" ضد الإسلام بوصفه مبدأ ونظاماً للحياة والتي أفصح الغرب بقيادة أمريكا عنها منذ سنوات عن طريق زعمائهم ومفكريهم، لم يكن لمبدأ الحل الوسط فصل الدين عن الحياة أن يقوم بها ذاتياً. فلقد سارت الرأسمالية بقيادة أمريكا، بسبب العجز الفكري الذاتي، في احتوائها لصعود الإسلام عن طريق الاستباق السياسي - العسكري، ثم ظهر عجز ذلك الخيار سيما بعد احتلال أفغانستان ثم العراق عسكرياً، فتم تطوير خيارات جديدة أهمها "حرب القيم". فما الفرق بين "حرب الأفكار" التي حسمت بخسارة فادحة للرأسمالية أمام أفكار الإسلام، والخيار الجديد الذي هو "حرب القيم"؟
لقد تضمنت خطة عمل الأمم المتحدة، التي قدمها الأمين العام بان كي مون في شهر كانون الثاني/يناير 2015م، موجزاً عن اتساع نطاق ما يندرج تحت مكافحة التطرف العنيف. وقدم "بان" أكثر من 70 توصية للدول الأعضاء لكي يتم تضمينها في برامج مكافحة التطرف العنيف الوطنية، بدءاً من مبادرات سياسات التنمية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان، إلى تمكين الشباب والمساواة بين الجنسين ودور مواقع التواصل الإلكتروني... وسرعان ما أصبحت مكافحة التطرف العنيف نهجاً مؤسسياً داخل البيروقراطيات الوطنية، وعلى الصعيد الدولي من خلال هيئات مثل المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، والصندوق العالمي لإشراك المجتمعات المحلية ومساعدتها على الصمود، فأصبح التحالف ضد (التطرف والإرهاب) الذي يضم الديمقراطيات الليبرالية وأدواتها الديكتاتوريات الاستبدادية ومنها الدول التي ظلت توهم البسطاء أنها محافظة مثل السعودية وإيران مما يدل دلالة قطعية على أن هذه الدول تقوم بدورها الوظيفي الذي أناطه بها الغرب الذي صنعها.
لقد كشفت حملة 2016 الانتخابية في أمريكا عن أن مشاعر معاداة الإسلام ما زالت حية وقوية ومؤثرة سياسيا أكثر من أي وقت مضى. فبالنسبة لترامب، لم يكن ذم المسلمين وتحميلهم مسؤولية أفعال ليس لهم علاقة بها مجرد شعار انتخابي بل كان عبارة عن استراتيجية اعتمدها بنجاح وبنى عليها سياسات تمارَس اليوم ضد الإسلام والمسلمين باستخدام فزاعة (الإرهاب)، وقد دأب ترامب على التحذير من المخاطر التي يشكلها (الإرهاب الإسلامي المتطرف) كما يسميه. ويتمترس في خندق معاداة الإسلام في إدارة ترامب أولئك المسؤولون الذين يعتمدون أكثر الآراء التي عبر عنها الرئيس تطرفاً ستيف بانون مستشار ترامب السابق، الذي كان يدير موقع برايتبارت الإخباري القومي قبل أن يعينه ترامب في موقع بارز في حملته الانتخابية، فهو الذي وصف الإسلام بأنه "أكثر أديان العالم تطرفا"، وحذر من أن المسلمين يشكلون "طابورا خامسا في الولايات المتحدة". وقد سخرت الإدارة الأمريكية كل الإمكانات المتاحة من أجل خوض "حرب القيم" المكلفة، فلا زلنا نذكر ميزانية الـ21 مليار دولار التي سخرتها الإدارة الأمريكية في 2005 على سنوات لوسائل الإعلام العربية ومؤسسات البحث. ويحيط أصحاب القرار الغربيون أنفسهم بخبراء وأفراد من أبناء جلدتنا، عملهم طرق سبل إنجاح تبني التيار الرئيس للمسلمين لقيم الغرب المخرجة في ثوب إسلامي، وقد أطلقوا على تلك المنظومة القيمية الجديدة اسم "الإسلام المعتدل"، وإنصافاً لهذه التسمية يمكن إطلاق "الإسلام المعدَّل!" عليها.
ختاما على كل مسلم غيور على دينه أن يدرك حقيقة هذه الدويلات الوطنية الوظيفية بوصفها حرباً على الإسلام والمسلمين، لذلك كان واجبا علينا جميعا أن نبذل الوسع لتغيير هذه الدويلات وإقامة دولة المسلمين الجامعة الخلافة الراشدة وإن غدا لناظره لقريب.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة عبد الجبار – أم أواب
وسائط
1 تعليق
-
اللهم لا دين الا دينك ولا نرضى الا بحكمك ,اللهم أعزنا بالاسلام