الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
أزمة فرنسا أزمة مبدأ

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أزمة فرنسا أزمة مبدأ

 

 

 

الخبر:

 

تحت عنوان "السترات الصفراء مرغت أنف ماكرون في التراب" ذكرت مجلة التايمز البريطانية أن احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا مرّغت أنف الرئيس إيمانويل ماكرون بالتراب، وأجبرته على التراجع 180 درجة عن الضرائب التي قررها ضمن رؤيته لإصلاح اقتصاد بلاده المتصلب والتي تعهد من قبل بعدم التراجع عنها أبدا.

 

وأضافت الصحيفة في افتتاحية رئيسية لها أن ماكرون يبدو حاليا مثل رؤساء فرنسا التقليديين الذين يتهاوون أمام الاحتجاجات الشعبية. [الجزيرة]

 

التعليق:

 

المسألة أكبر من رئيس دولة، وسياسة حزب أو مشروع إصلاح... إنها أزمة مبدأ من الدرجة الأولى وعلى أعلى المستويات الشعبية.

 

لقد بلغت الاحتجاجات الشعبية مبلغا أرغم الرئيس ماكرون على التراجع عن كل أقواله ومشاريعه ووعوده بتحسين المستوى المعيشي للفئة المغلوبة على أمرها التي خرجت تطالب بإسقاطه بعد أن أحست أن لا نفع ولا فائدة من المطالبة السطحية بالتراجع عن برنامج الضرائب الذي أعلن عنه الرئيس في مضمار مشروع الإصلاح الاقتصادي لفرنسا.

 

قد يقول مناصر للديمقراطية إن هذا النهج الشعبي لإجبار الرئيس على التراجع عن برنامج سياسي أو اقتصادي مرفوضٍ شعبيا هو نهج صحيح ومشروع و"ديمقراطي". وهنا لا بد من الإجابة على أسئلة متعلقة بالمبدأ ذاته:

 

- أليس هذا الرئيس نفسه هو الذي تم انتخابه شعبيا قبل عام واحد لتنفيذ وعوده وبرنامجه الإصلاحي ففاز شعبيا، لكنه سرعان ما سقط أيضا شعبيا، فما هو المعيار الذي تم انتخابه بناء عليه؟!

 

- أليست الأغلبية التي انتخبته هي ذاتها الأغلبية التي اعترضت على نهجه، فهل كانت وعوده خادعة؟!

 

- ألم يكن الرئيس وأعوانه ومساعدوه على اطلاع على حال الشعب عندما سطروا مشروعهم وأعلنوه على الملأ؟!

 

- إذا كان الرئيس قادرا على الوفاء بوعده الذي أخذه على عاتقه تحت ضغط الشارع بإنفاق ما يقارب 10 مليارات لتحسين معيشة طبقة "السترات الصفراء"، فلماذا لم يفعل ذلك من قبل ويتجنب الاحتجاجات وما تسببت من أضرار في الاقتصاد والاستقرار السياسي في فرنسا؟!

- هل يستطيع الرئيس الوفاء بهذا التحسين على مدى طويل أم أنه سيكون مجرد ذر للرماد في عيون المتظاهرين حتى حين آخر؟!

 

هناك من يستغل هذه الاحتجاجات ليس من باب حرصه على رعاية شؤون الفقراء والمستضعفين، بل للحصول على مكاسب حزبية ربما يقفز من خلالها إلى مركز سياسي يستغله لحساباته الخاصة، وعلى وجه الخصوص الأحزاب اليمينية التي تتربص لتنقض على الحكم مستغلة هذه الاحتجاجات الشعبية فتركب الموجة، وهي لا تختلف في جوهرها عن بقية الأحزاب سواء الحاكمة أو المعارضة، لأنها جميعها تنهل من مبدأ واحد، ويسيرها أصحاب رؤوس الأموال الذين وعدهم ماكرون بتخفيف الضرائب عنهم لتشجيعهم على الاستثمار وإيجاد فرص للعمل أكثر حسب تقديره.

 

تساؤلات تضع المبدأ الرأسمالي في قفص الاتهام شعبيا، غير أن هذه الشعوب المغلوب على أمرها لا تعرف سبيلا للخلاص من هذا المبدأ، ولا ترى له بديلا.

 

غير أن المستغرب والمستهجن أن نرى الشعوب الإسلامية التي تحمل أعظم مبدأ وتؤمن به تتمسك بالمبدأ الرأسمالي وتُعرض عن الإسلام الذي أرسله الله رحمة للعاملين!! فمتى يدرك المسلمون معنى أنهم "شهداء على الناس"؟!

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

م. يوسف سلامة – ألمانيا

آخر تعديل علىالسبت, 15 كانون الأول/ديسمبر 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع