- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
معايير مزدوجة أبدية للمسلمين في قضية "الفصل العنصري"
(مترجم)
الخبر:
إن رفض ماليزيا للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (ICERD) في 8 كانون الأول/ديسمبر، والمعروفة بالمبادرة رقم 812، أثار أيضا جدالا في إندونيسيا المجاورة.
حتى إنه كان هناك نقاش محتدم بين المقدم التلفزيوني آري أونتنغ والمخرج السينمائي إرنست براكاسا على وسائل التواصل الإلكتروني. حيث نشر آري أونتنغ صورة لمبادرة 812 في ماليزيا مرفقة بالاقتباس: "قوة الأخوة. ماليزيا 812". وتلقى هذا المنشور ردا من المخرج إرنست براكاسا عبر تغريدة على حسابه قال فيها: "812 كان احتجاجا على الـ ICERD. الحكومة الماليزية تريد الحد من التمييز، لكن هؤلاء يُعارضونها. فهل أنت شخصيا تشجع الفصل العنصري؟ ولمعلوماتك هنالك العديد من الوظائف (في إحدى محطات التلفاز) رئيسها صيني".
وكما نعلم فإن الاتفاقية تم تبنيها وعرضها للتوقيع من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 كانون الأول/ديسمبر 1965، ودخلت حيز التنفيذ في 4 كانون الثاني/يناير 1969. وحتى كانون الثاني/يناير 2018 فقد حظيت بـ88 موقّعا عليها و179 مشاركا. ولكن كما ورد في صحيفة ملايو ميل فإنه إضافة إلى ماليزيا، فإن عددا من البلاد رفضت توقيع الاتفاقية، من بينها ميانمار وكوريا الشمالية وجنوب السودان وبروناي ودار السلام.
التعليق:
لا يوجد أي ضمان على أن الدولة التي تقر بالاتفاقية بأنها ستصبح متوافقة عرقيا أو ضد العنصرية، فعدم فعالية الاتفاقية أمر واضح جدا عندما أقرت الصين بالاتفاقية لكنها استمرت بالممارسات العنصرية ضد مسلمي الإيغور، كما أن الهند أقرت بها لكنها استمرت باضطهاد مسلمي كشمير، وكيان يهود أيضا أقر بالاتفاقية على الرغم من معرفة العالم بأجمعه أنه يحتل فلسطين ويعامل أهلها بكل وحشية. وبينما تم ذبح مسلمي الروهينجا لم يكن ذلك لأن ميانمار لم توقع على الاتفاقية بل لأن النظام الاستبدادي في ميانمار كان حقيقة معادياً للإسلام، أضف إلى ذلك صمت حكام المسلمين في المنطقة.
ونحن المسلمين لنا كل الحق برفض الاتفاقية. لماذا؟ لأن هذه الاتفاقية هي منتج قانوني من الأمم المتحدة، والتي هي مؤسسة علمانية تلعب دورا سلبيا في حل صراعات المسلمين والتمييز العنصري ضدهم. أضف إلى ذلك أن الاتفاقية جاءت من وحي قيم وحقوق إنسان تتعارض مع الإسلام. إعلان حقوق الإنسان يدعم الحرية والمساواة في كل شيء، أما الإسلام فينظم كل شؤون الحياة. وكما يبدو فإن الأمم المتحدة تُظهر اهتماما "بالعرق" وليس "الدين". فالتمييز ضد الدين يُعتبر غير موجود. وبالتالي فمن الطبيعي أن الحساب الرسمي في تويتر لمجلس الإيغور العالمي @UyghurCongress والذي عبّر مرة عن خيبة أمله من أسلوب الحكومة الإندونيسية بما يتعلق بالتمييز ضد مسلمي الإيغور في 15 تشرين الثاني 2018: "Indonesia Kemlu Rl لم يذكر أبدا التمييز الديني أو الاضطهاد الديني أو الاحتجاز العشوائي الضخم للإيغور في مخيمات الاحتجاز. مرة أخرى، يظهر أن المهمة الإندونيسية تبدل مبادئها لأجل الصين".
وهذا هو المبدأ الازدواجي الأبدي الذي كان دائما يُبتلى به المسلمون في مختلف بقاع العالم. فمن الواضح أن المسلمين لا يتعرضون للتمييز على خلفيتهم العرقية فقط، بل أيضا بسبب دينهم، بعيدا عن كونهم جزءا من الأقلية أو الأغلبية.
ومما لا شك فيه أن حوادث حرق راية التوحيد في تشرين الأول/أكتوبر 2018 في إندونيسيا تسبب بجرح المسلمين حول العالم، ومن بينهم مسلمو ماليزيا. ونما رد الفعل أكثر وأكثر، متجليا في إعادة توحيد احتجاجات 212 في جاكارتا، والتي بدأت في أيلول/سبتمبر ولكن بشكل بطيء تنامت إلى حركة شعبية كانت وحيا للاحتجاجات الضخمة في ماليزيا في 8 كانون الأول/ديسمبر، على الرغم من الاختلافات في المحتوى السياسي وهيكلية القضية. وبالتالي فإنه من الطبيعي أن يتحرك مسلمو إندونيسيا وماليزيا دفاعا عن الإسلام ودفاعا عن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما يؤكد على وحدة وصحوة الأمة. وعلى صعيد آخر فإن هناك العديد من الأطراف المهتمة بتشتيت والتلاعب بقوة صوت الأمة لصالح أجندتهم السياسية العلمانية.
وبسبب هذا فإن روح الأمة لأجل الوحدة والدفاع عن التوحيد هي ما يجب حمايته. وحمايتها تكون بالأخوة الإسلامية الكاملة والوعي والفهم الحقيقي للإسلام. أما نبذ التعصب فلن يتم إدراكه بشكل حقيقي بالإقرار على الاتفاقية أو بأي منتج قانوني آخر من الأمم المتحدة، ولكن يكون فقط بالعودة إلى حكم الإسلام الذي أثبت قيامه بحماية الاختلاف العرقي والديني في القرون التي حكمت فيها الخلافة.
﴿وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ * وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [يونس: 40-41]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير