- الموافق
- 1 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
الجيل المسروق من أطفال الصين الإيغوريين
(مترجم)
الخبر:
يواصل النظام الصيني وضع أطفال مسلمي الإيغور الذين تم احتجاز أهليهم في معسكرات "التركيز" في المعتقلات أو الذين يعيشون في المنفى بسبب ما تعرضوا له من اضطهاد من الدولة، في عشرات من دور الأيتام التي تديرها الدولة في جميع أنحاء تركستان الشرقية. ويقال بأن هناك 500 طفل من أبناء الإيغور المحتجزين في مدرسة "مغلقة" في مقاطعة كاشغار وحدها، حيث لا يُسمح لهم بأي اتصال بالعالم الخارجي. في هذه الملاجئ، يُعلّم هؤلاء الأطفال المسلمين الثقافة الشيوعية ليتخلوا عن معتقداتهم الإسلامية، ويتبنوا المذهب الاشتراكي ويكونوا موالين للدولة. وقد وجدت مراجعة لإشعارات التوريدات في تركستان الشرقية قامت بها وكالة أسوشيتدبرس، بأنه منذ بداية عام 2017، خصصت الحكومة الصينية أكثر من 30 مليون دولار لبناء أو توسيع ما لا يقل عن 45 دار أيتام مع ما يكفي من الأسرّة لإيواء حوالي 5 آلاف طفل. ووفقا لصحيفة الإندبندنت، فقد دعا النظام في تموز/يوليو، وآب/أغسطس من العام الماضي، إلى تقديم عطاءات لبناء مراكز في مدن عديدة في المقاطعة. وقد دعا أحد الإشعارات إلى بناء دار للأيتام في مقاطعة مويو مع مهاجع من أربعة طوابق ستكون أكبر في الحجم من ثلاثة ملاعب كرة قدم.
التعليق:
هذا الفصل القسري لأطفال الإيغور عن آبائهم وأسرهم هو جزء من الحملة الوحشية التي تنتهجها بكين من أجل فصل ارتباط الشباب المسلم بدينه على نحو منهجي وإعادة تشكيل هويته - الجذر والفرع - لخلق جيل كامل من الإيغور يكونون بيادق مطيعة للحزب الشيوعي وأعداء للإسلام. وإلى جانب سجن أطفال الإيغور في دور الأيتام التي تديرها الدولة، بنى النظام الصيني أيضاً آلاف رياض الأطفال "ثنائية اللغة" بهدف التلقين الثقافي للأطفال المسلمين. كما تم بناء أو تجديد بناء 4300 مبنى من رياض الأطفال هذه في عام 2017 وفقاً لرواية الحكومة. في هذه المؤسسات، يتم تعليم الأطفال "حب الوطن الأم" وأن دين آبائهم دين شاذ وراديكالي ولذلك لا بد من القضاء عليه. ويقال بأن المسؤولين كثيراً ما يزورون رياض الأطفال هذه ويسألون الطلاب عما إذا كان أهلهم يقرأون الآيات القرآنية في المنزل أو يشاركون في أنشطة دينية أخرى - ما يجبر الأطفال على التجسس على آبائهم وعائلاتهم. بالإضافة إلى ذلك، أنشأ النظام الآلاف من المدارس ثنائية اللغة، وكثير منها مدارس داخلية يجبر أطفال الإيغور على حضورها، ما يحد من الوقت الذي يقضونه مع عائلاتهم، فتنتقل سيطرة تنشئة أسرهم المسلمة من أيديهم إلى يد الدولة الملحدة، التي تجبرهم على العيش مثل الصينيين غير المسلمين. وذكرت صحيفة "ذي إندبندنت" أن "إشعاراً حكومياً نشر في شباط/فبراير 2018 في كاشغار ينص على أنه يجب إرسال الأطفال في الصف الرابع وما فوق من الذين يقبع والداهم في الحجز إلى المدرسة الداخلية على الفور - حتى إذا كان أحد الوالدين لا يزال طليقا يعيش في البيت. يجب أن تُغرس في الطلاب قيم الاشتراكية، كما جاء في الإشعار، وأن يتم تعليمهم "أن يكونوا ممتنين للتعليم وحب الوطن الأم والوفاء له"، وتجنب "75 نوعاً من السلوك الذي يظهر التطرف الديني". ويتراوح هذا السلوك ما بين الدعوة إلى "الحرب المقدسة" إلى إطالة اللحى والإقلاع عن التدخين وعن شرب الخمر لأسباب دينية، كما تقول الحكومة". ويخشى العديد من الإيغور من أن هذه الإجراءات تمس ثقافة وهوية أطفالهم الإسلامية، طفلا طفلا في كل مرة. ما يشبه "الأجيال المسروقة" من أبناء الشعوب الأصلية الذين أُبعدوا قسراً عن أسرهم من الحكومات الأسترالية المتعاقبة في القرن العشرين، ووضعوا في مؤسسات تديرها الدولة لمحو الهوية الأصلية.
أثار هذا غضبا عارما وتظاهر عامة الناس في جميع أنحاء العالم اعتراضا على ما يجري من تطهير عرقي صيني واعتقال جماعي وتثقيف قسري للمسلمين الإيغور في تركستان الشرقية... لكن أية حكومة أو مؤسسة تلك التي ستسمع حقا صرخاتهم فتتحرك فعلاً لوقف هذه الجريمة البشعة؟! هل يمكننا حقا أن نتوقع أي شيء من هيئات كالأمم المتحدة التي لا تفعل شيئا إلا استخدام شعارها المألوف بإطلاق تصريحات الإدانة دون تقديم شيء ملموس لإنهاء هذه المأساة؟ إنها أداة لا تعمل إلا لتحقيق مصالح القوى الكبرى في مجلس أمنها، والصين واحدة من هذه القوى. لم يكن إرث مجلس الأمن إلا الفشل الذريع في حماية أرواح المسلمين الأبرياء - سواء في سوريا أو فلسطين أو كشمير أو ميانمار أو أفريقيا الوسطى أو أي مكان آخر. كما أننا لا نتوقع أي شيء من الحكومات الغربية أو الأنظمة الحالية في العالم الإسلامي الذين يشعرون بالرعب خوفا من أن تتعرض مصالحهم الاقتصادية مع الصين للخطر، والذين أظهروا فلسفتهم الرأسمالية مراراً وتكراراً - تلك التي تقول بأن تحصيل المكاسب المالية تعلو دوما على ضرورة إنهاء المعاناة الإنسانية والظلم.
هناك مثل إنجليزي شهير يقول "الجنون هو أن تفعل ما اعتدت أن تفعله مرارا وتكرارا ثم تتوقع نتائج مختلفة". بالتأكيد، إننا كمسلمين، نحتاج إلى الاعتراف بأن تعليق آمالنا على الأمم المتحدة، والدول الغربية التي تسعى لتحقيق مصالحها والحكومات أو الأنظمة غير الإسلامية في العالم الإسلامي لحماية إخوتنا وأخواتنا في تركستان الشرقية لن تكون نتيجته إلا الفشل واستمرار معاناتهم. إن ما نحتاجه لتحرير الإيغور المسلمين من براثن النظام الصيني القمعي، دولة لا تبني أفعالها بناء على ما تحققه من مكاسب اقتصادية وإنما بناء على أسس متينة من أحكام الله وأوامره وحده التي تتضمن أمره سبحانه بوجوب الذود عن المؤمنين، بغض النظر عن التكلفة المادية. إن ما نحتاجه دولة تمثل وتدافع بحق عن مصالح الإسلام والمسلمين، عوضا عن هيئات وحكومات لا تقدم إلا الشفقة لإنهاء المعاناة الإنسانية. هذه الدولة هي الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، والتي وصفها الرسول r بأنها الدرع والحامي للأمة والدين. وقد رأينا على سبيل المثال كيف أنه في ظل هذه القيادة الإسلامية، قام الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، في القرن الثامن الهجري، بتعبئة جيش قوي، قوامه آلاف، تحت قيادة القائد الشجاع محمد بن القاسم، لمحاربة الملك الهندوسي راجا ضاهر في السند، الهند، عندما أسر هذا الأخير بعض نساء وأطفال المسلمين. واجه الجنود المسلمون هناك جيشاً تعداده أضعاف عددهم لكنهم هزموهم، وأنقذوا النساء والأطفال المسلمين من آسريهم وحرروا جميع السند من الحكم الهندوسي الاستبدادي. لم يقم المسلمون بذلك من أجل أي مكسب مالي، ولكن تنفيذا لأمر الله سبحانه وتعالى بوجوب تخليص المسلمين من الظلم والاضطهاد. إذا ما أردنا حقا إنهاء معاناة أمتنا في تركستان الشرقية وفي جميع أنحاء العالم، فإن علينا أن نصب اهتمامنا وجهودنا كلها من أجل إقامة الخلافة الراشدة في أسرع وقت ممكن.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
وسائط
1 تعليق
-
اللهم عجل بالفرج لأهلنا في تركستان الشرقية ولكل الأمة