- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
التعليم يجب أن يكون للعلم النافع وليس الشهادة
الخبر:
"أُعلنت مؤخرا نتائج الثانوية العامة في الأردن وفلسطين ومصر، وكان اللافت للنظر عدد الطلبة المتفوقين والحاصلين على معدلات عالية جدا بشكل أكبر من الأعوام السابقة، وكانت معدلات العديد تقترب من العلامة الكاملة في المعدل".
التعليق:
لا ينكر عاقل أن التعليم في بلاد المسلمين يعاني من أزمة كبيرة تؤثّر على أجيال متعاقبة من أبنائنا وبناتنا، وهناك مشاكل عديدة في بلاد المسلمين ناجمة عن نظام التعليم العلماني، الذي هو مستورد من الغرب، وهدفه حفظ المعلومات لاجتياز الامتحانات ونيل الشهادة بدل أن يفسح للطلبة المجال الكافي لهضم المادة والتفكير والتحقيق والتحليل والربط والتطبيق. فيكون التعليم مجرد مادة أو معلومات تفرغ على ورقة امتحان ويأخذ الطالب الشهادة وينتهي الأمر! فالهدف هو المعلومات وليس الطالب، والشهادة وليس العلم النافع. بالإضافة إلى جمود المنهج التعليمي وعدم مواءمته لحاجات الطلاب وتطلعات الأمة، وذلك بشكل ممنهج وليس من قبيل الصدفة، فهو شكل من أشكال الاستعمار والغزو الفكري والثقافي.
ولا ننسى كذلك طرق التدريس وأساليبه العقيمة والتي تنقصها المرونة والإبداع والتنوع والحيوية والتي تؤدي إلى الملل وعدم القدرة على التفكير والإبداع، فهي تقوم على التلقين والتعليم النظري، وتركز على الحفظ المجرد لمعلومات صمّاء غير متصوَّرة في أذهانهم دون ربطها بالواقع أو تحليلها وفهمها.
نأتي لنظام الامتحانات والعلامات والتقييم التي بدل أن يكون فيها ما يميّز المبدعين والقادرين على التفكير والتحليل والربط نجدهم سنة عن أخرى يغوصون في الأسئلة المباشرة التي لا تتعدى المعلومات في الكتاب الذي بين أيدي الطلاب، والتي لا تحتاج إلا إلى حفظ بعد تلقين، خاصة في الثانوية العامة - والتي هي أصلا نظام فاشل يشكل عبئا نفسيا كبيرا على الطلبة وعائلاتهم - وبالتالي يُفرز هذا العدد الكبير من المتفوقين دراسيا والذين هم فعليا ليسوا كذلك بل منهم من يعاني ضعفا في أمور عدة أهمها اللغة العربية والقدرة على التحليل والربط والتفكير، والتي تظهر بوضوح أكبر في الجامعات خاصة الغربية منها. لأن التعليم العالي في البلاد العربية ليس بأفضل حالاً. وهذا ما تسعى إليه الأنظمة التابعة للغرب الذي يملي عليهم المناهج والأفكار والمشاريع التي لا تلائم بلادنا ولا عقيدتنا ولا مجتمعاتنا وطلبتنا. فيكون العلم والتعليم والطلبة حقل تجارب وتفريغ لسيطرة أشخاص يضعون الخطط غير المدروسة والتي تنتهي بذهابهم، ويأتي غيرهم بخطط ومشاريع جديدة يُهدر فيها المال والجهد بلا فائدة ولا نتيجة إلا مزيداً من التراجع في التعليم.
فلن تعود للعلم وللتعليم قيمته ودوره الريادي الحقيقي إلا بوجود الدولة الراعية التي تهتم بنوعية التعليم وتعتبره من المصالح والمرافق الأساسية للرعية، التي يكون فيها المتفوقون فعلا مبدعين قادرين على المساهمة الفعلية في تقدمها العلمي والتكنولوجي، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القائمة قريباً بمشيئة الله تعالى.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مسلمة الشامي ( أم صهيب)