- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
اللغة الدبلوماسية الأمريكية، تحت ستار السلام،
تسير في ركب استمرار الحرب في أفغانستان
(مترجم)
الخبر:
في الوقت الذي بدأت فيه الجولة الثامنة من محادثات السلام بين وفدي أمريكا وطالبان في الدوحة، كتب زلماي خليل زاد، الممثل الأمريكي الخاص للمصالحة في أفغانستان، على تويتر: "طالبان تشير إلى أنها ترغب في إبرام اتفاق". وأضاف: "نحن على استعداد للتوصل إلى اتفاق جيد. اتفاق سلام يمكّننا من الانسحاب. وجودنا في أفغانستان يعتمد على الظروف وأي انسحاب سيكون قائماً على الظروف".
التعليق:
على الرغم من أن ضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية من (الجماعات الإرهابية) وكذلك الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية من أفغانستان هي المحاور الأساسية في اتفاق السلام بين وفدي الطرفين، واقتطاع "اتفاقية السلام" من "اتفاق الانسحاب" من جدول الأعمال، فإن ذلك كله لا يكشف عن المكر والخديعة الكبيرين إضافة إلى الدبلوماسية الوهمية أمريكا فحسب، وإنما يتحدث ضمنياً عن الفخاخ التي نصبتها أمريكا لطالبان على طول الطريق. إضافة إلى ذلك، فإن فصل "الحوار الأفغاني" و"المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة" يمثل معضلة كبيرة أخرى تلقي بظلالها على العملية لأن إحدى المراحل الأكثر إثارة للجدل بعد اتفاق أمريكا - طالبان ستكون حول كيفية حدوث اتفاق بين مختلف الفصائل الأفغانية.
كما يمكن للمرء أن يفهم أن "الحوار الأفغاني" سيتم ترتيبه بشكل أساسي لطالبان من أجل جعلهم يعترفون بالإنجازات الغربية التي استمرت 18 عاماً في أفغانستان، مثل الحريات الديمقراطية والدستور الأفغاني العلماني وحقوق الإنسان وحقوق المرأة، وحرية وسائل الإعلام وهلم جرا. هذه هي القيم التي لم تتنازل عنها طالبان بعد. تخيل أنه إذا وقف الطرفان (الفصائل الأفغانية وممثلو طالبان) عند مواقفهم بعد تسوية اتفاق السلام بين أمريكا وحركة طالبان رداً على وقف شامل لإطلاق النار، فإن الجمود سيكون مآل العملية ما سيشعر عامة الناس بأن الأمريكيين قاموا بتفرقتهم، لذا فالأفغان أنفسهم هم الذين يُفشلون عملية السلام في أفغانستان، وليس الأمريكيون. في وقت لاحق، ستكون هناك احتمالات بأن يتخلى عدد من طالبان عن مواقفهم من أجل المساعدة في المضي قدما في عملية السلام، كما فعل حزب الإسلام - ما يداعبه الواقع السياسي لأفغانستان. وسيواصل عدد كبير من طالبان، الذين ظهروا كمعارضة لهذه العملية، الحرب تحت عنوان مشابه أو مختلف في أجزاء مختلفة من أفغانستان.
بالإضافة إلى ذلك، بعد تسوية الاتفاق، سيتم إثارة استياء طبيعي من طالبان سيؤدي بوضوح إلى تجزئة الوحدة بين طالبان على المدى الطويل، ومثل هذا الانقسام الداخلي سيمهد الطريق لأمريكا في النهاية للانسحاب دون جهد من الاتفاق. يمكن للمرء أن يرى احتمالية واضحة للانقسام بين صفوف طالبان. على سبيل المثال، نتيجة للقصف الشديد للمدنيين من القوات الأمريكية والأفغانية، تم إنشاء فجوة كبيرة بين طالبان وعامة الناس - مما أفقد مقاتلي طالبان ثقة سكان الريف. بالإضافة إلى ذلك، فقد قيل بأن النزاعات اندلعت بين مقاتلي طالبان وقيادتهم السياسية في قطر حول كيفية المضي قدما في محادثات السلام مع أمريكا. وبالمثل، لوحظ أن بعض قادة طالبان من الدرجة الثانية في المقاطعات الجنوبية دعوا مقاتلي طالبان إلى تجاهل محادثات السلام في قطر ومواصلة الحرب. إلى جانب ذلك، على جانبي خط دوراند، هناك روايات عن إنشاء فصيل مقاتلين جدد لطالبان لمواصلة الحرب مع أمريكا وحكومة كابول.
على الرغم من أن طالبان كانت تتحدث في ذلك الوقت عن انسحاب أمريكا ورغبة طالبان في الحصول على السلطة، إلا أن بعض القادة السياسيين الذين كان لأمريكا دور في نشرهم في أفغانستان، لاحظوا نوايا الشر الخبيثة لأمريكا في هذه العملية. كان الرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي أحد منتقدي عملية السلام الذي قال مؤخراً بأن محادثات السلام لم تكن أبداً عملية تقودها أفغانستان (تحت سيطرة الأفغان) وبأن العملية اتخذت تدابير ملحوظة لوضع العملية في أيدي أمريكا وباكستان. وقال "دور الهند وإيران ودول الجوار الأخرى مهم في عملية السلام، وعليها ضمان السلام في أفغانستان"، مضيفاً أنه "إذا انسحبت الولايات المتحدة، يجب أن يكون هناك سلام في أفغانستان. يجب على الولايات المتحدة أن تضمن انسحاباً مسؤولاً، ويجب ألا تسمح لباكستان بالتسبب في فوضى أخرى في أفغانستان". مثل هذا التصريح نفسه يعني أنه حتى بعد الاتفاق، ستكون هناك حرب أخرى بالتأكيد يجب أن تكون الدول المجاورة مسؤولة عنها، وليس أمريكا.
نتيجة لذلك، فإن تفاؤل طالبان وثقتها بأمريكا من خلال محادثات السلام الجارية سيكون خطأً تاريخياً لحركة طالبان التي لن يتم تصحيحها بعد الآن. ولأن أمريكا قد انسحبت مرارا وتكرارا من العديد من الاتفاقيات على مدار تاريخها، فإن ذلك يشير إلى أن أمريكا ستنسحب بالتأكيد من اتفاقية السلام بين أمريكا وحركة طالبان كما فعلت مع الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران ومعاهدة القوى النووية متوسطة المدى (INF) مع روسيا. هذه بعض النماذج الحديثة للغاية حول فشل الدول القوية من مثل روسيا والدول الأوروبية وإيران في منع انسحاب أمريكا من تلك الاتفاقيات. لذلك يجب أن يكون واضحاً بأن أمريكا قد حسمت الاتفاقيات باستمرار، وإذا لم يؤمن هذا الاتفاق المصالح الأمريكية، فإن أمريكا ستنتهكه دون عناء. لذلك، لا ينبغي لطالبان أن تترك مصيرها يتلاشى من أجل حملة ترامب الانتخابية لعام 2020. وبالتالي، ففي مثل هذه الحالة الحرجة، فإن الحل الوحيد لهذه المعضلة هو أن تنهي طالبان محادثات السلام مع أمريكا على الفور، وأن تلتزم بالأحكام الإسلامية من خلال تعزيز الجهاد ضد الاحتلال ومواصلة كفاحها ضد المحتل الاستعماري حتى اللحظة الأخيرة. وحده الصبر والمثابرة ما سيضمن النصر في مثل هذه الحالات. ومثلما ساعدت هزيمة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان على القضاء على الشيوعية الاستبدادية من على وجه الأرض؛ فبالمثل، ستضع هزيمة أمريكا حداً للهيمنة الديمقراطية الرأسمالية على العالم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سيف الله مستنير
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية أفغانستان