- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
أزمة منوال التنمية الراهنة هي أزمة نظام
الخبر:
تساءلت جريدة المغرب، في افتتاحية عددها 2526 الصادر يوم الأربعاء 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 بقلم الإعلامي زياد كريشان عن جدلية منوال التنمية في تونس، واختار عنوانا لمقاله "ويعود الجدل حول منوال التنمية: دولة اجتماعية أم اشتراكية مقنعة؟"
التعليق:
ويتواصل التخبط والعجز الفكري لوجوه ومنظري النظام العلماني، فالمتمعن في ما كتبه زياد كريشان يلمس ما يعيشه الرجل من ضياع فكري وتشوّه في جملة التصورات التي يحملها تجاه التنمية والدولة بصفة عامة حتى وصل به الأمر إلى الاعتراف بالإفلاس على مستوى وجود أفكار جديدة تعيد النظر في مسألة منوال التنمية.
إن ترقيع المبدأ الرأسمالي من خلال ما يسمى بـ(الدولة الاجتماعية) أو (العدالة الاجتماعية)، هي مخادعة وعلاج طارئ لستر المظالم الناتجة عن تطبيق الحرية الاقتصادية المطلقة المتوحشة. فهذا العلاج المـسَكِّن الواهن هو فقط لإطالة عمر الرأسمالية وحمايتها من السقوط والاندثار.
إن منوال التنمية والحلول المطروحة من هذه الحكومات المتعاقبة علينا هي نفسها حلول العهد البائد: قروض من صندوق النقد والبنك الدوليين أسقطت تونس في دوامة الديون المتراكمة والربا المضاعف منذ سبعينات القرن الماضي، تلك القروض التي تُربط دائماً بشروط قاسية من هاتين المؤسستين الدوليتين الاستعماريتين، ما يؤدي إلى رهن الاقتصاد بإرادة الدول الاستعمارية وأطماعها، ولم تؤدِ هذه الشروط في بلد من البلاد إلى نهضة اقتصادية حقيقية، بل أدت إلى زيادة الضرائب، ورفع الدعم عن السلع الأساسية، وهذا ما يسمونه في قواميسهم بـ"ترشيد الإنفاق"، فازداد الناس فقراً على فقر!! هذه هي الحلول المطروحة للخروج من الأزمة.
والسبب في فشل كل هذه الحلول والخطط في إنعاش الاقتصاد والتغلب على الأزمة هو كونها مأخوذة من النظام نفسه الذي أوجدها وتسبب بها، ألا وهو النظام الرأسمالي، فهم كالمستجير من الرمضاء بالنار، ولقد أصبح مفكرو الغرب أنفسهم وكبار رأسمالييهم يشككون في نجاعة الحلول المطروحة، ويقولون إن هذه الحلول إن نجحت، فستساهم في تأجيل الانهيار فحسب، أما أن تحل المشاكل حلاً جذرياً فهذا ما لن تنجح به.
إنه لمن المحزن حقاً أن نلجأ نحن المسلمين أصحاب هذا المبدأ الإلهي العظيم في حلول مشاكلنا إلى نظم وأفكار وضعية سقيمة، ثبت فشلها عند واضعيها قبل غيرهم، وحري بنا أن نعود إلى إسلامنا العظيم لنفهمه ونجعله هو الأساس الذي تنبثق عنه الحلول لكل مشاكلنا، أفلا يكفينا قول المولى تبارك وتعالى في كتابه الكريم: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: 96]؟!
وهذا النظام ينتج حلولاً لكل المشاكل الاقتصادية في الدولة ضمن المنظومة الإسلامية الكاملة في الحكم والسياسة الخارجية ونظام التعليم والنظام الاجتماعي ومن ثم النظام الاقتصادي؛ ذلك أن النظام الإسلامي هو بنية متكاملة الأركان، وليس بنية ترقيعية من كل واد عصا! ولهذا يمكننا القول إن الأزمة الراهنة هي أزمة نظام، نعم هي أزمة نظام أثبت فشلا منقطع النظير، فيجب لفظه ووضع الإسلام موضع التطبيق بشكل فوري انقلابي شامل.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ممدوح بوعزيز
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس