- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
فتوى دائرة الشؤون الدينية التركية بخصوص إدارة التطوير العقاري
(مترجم)
الخبر:
"قام المجلس الأعلى للشؤون الدينية بتقييم شامل للفتوى الدينية، بسبب العديد من التساؤلات التي طرحها مواطنونا بما يتعلق بـ"مشروع إسكان المجلس الاجتماعي" والذي نفذته إدارة التطوير العقاري. وقد بيّن مجلسنا وبشكل حاسم في الفتوى التي أصدرها، أن الربا حرام دون أي شك وأنه من الحرام الاستفادة من القروض الربوية لشراء مسكن أو مركبة. وقد توصل المجلس إلى خلاصة أن المشروع المذكور يخاطب الناس ذوي الدخل المنخفض أو المتوسط؛ والذين لا يستطيعون أو أنهم بالكاد يستطيعون دفع تكاليف الحياة إذا دفعوا أجورا، وهم في الوقت نفسه غير قادرين على الاستدانة من أي مكان آخر لشراء منزل، وبالتالي فمن أجل امتلاك منزل من خلال هذا المشروع فإنه لا يمكن تصنيفه على أنه قرض ربوي حرام. ولكن على العكس، فإن الربا هي زيادة متوقعة من أحد الأطراف على الاتفاقية والتي لا يوجد ما يعادلها وتعد ربحا غير مشروع. وبالتالي، فإن الربا الذي يرى فيه الإسلام ربحا غير مشروع، وما هو إلا حرب شرسة تشن ضده، لا يمكن اعتباره نتيجة لهذا المشروع الإسكاني الاجتماعي". (موقع المجلس الأعلى للشؤون الدينية، 2020/01/22م)
التعليق:
إن دائرة الشؤون الدينية نشرت الفتوى المذكورة أعلاه في 16 كانون الثاني/يناير 2020. لكنها لم تنشرها للعامة وهذه من الأساليب والطرق التي تتبعها. وبالنظر إلى تصريحاتها، نرى أن السبب الرئيسي لإصدار هذه الفتوى يكمن بمفهوم "الضرورة". ومرة أخرى، فإن هناك سببا آخر لهم لإصدار فتوى كهذه لأنها تمت من الدولة، ولا تسعى الدولة لتحقيق أي ربح من هذه العملية. إن هذه الأسباب هي التفسير الأساسي إضافة إلى بعض الأسباب الأخرى.
ونحن هنا نريد أن نبين ما يتعلق بفتوى دائرة الشؤون الدينية:
1- إننا لا نعتبر أنه من الضرورة أن نركز على نقد وجهة نظر مجلس الفتوى والتي تعتبر أن فرق التضخم لا يمكن اعتباره زيادة ربوية. لا شك أن الزيادة الربوية حرام. كما أنه في العقود التي جهزتها إدارة التطوير العقاري في تركيا فإنها تضع هذا ضمن بند الزيادة الربوية والتي يوقع عليها كلا الطرفين.
2- إن إدارة الإسكان العام، والتي هي مشروع تملكه الدولة، قد قامت ببناء منازل لسنين عديدة، وتعرضها للبيع تحت شروط معينة. إلا أن عقود البيع التي صاغتها إدارة الإسكان العام التركية تُفحص بعناية، حيث إن سعر العقار المُباع يكون غير واضح. وذلك لأن الأقساط التي يجب دفعها شهريا حسب العقد تزداد حسب معدل مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار الجملة كل عام. وبالتالي، لا يكون هناك جزم في العقد بطرق عدة.
3- العقار الذي يتم شراؤه لا يمكن بيعه إلى شخص آخر حتى يتم استكمال كل الدفعات وإصدارها بالتبادل خلال فترة محددة. فقط يمكن الاستفادة من حق الانتفاع. ولكن، حسب الشريعة الإسلامية، فإنها تعطي حق التصرف كاملا بأي بضاعة أو خدمة تم شراؤها.
4- عدد كبير من هذه المشاريع تم عرضها للبيع في وقت لم يكن قد تم فيه وضع الأساسات. وبهذا يكون البيع بيع مجهول وهو أمر محرم تماما في الإسلام.
5- إن من النقاط المهمة فيما يتعلق بهذه القضية هي الآتي: إن السبب وراء هذه المشاكل المتشابهة هو النظام الرأسمالي الظالم نفسه. إن محاولة إصلاح قسوة النظام ببعض الفتاوى هو أمر حرام. فنحن نواجه العديد من الصعوبات في هذه الأوقات بسبب العلماء الذين ينشرون فتاوى حسب رغبة وأهواء الحكام والنظام السياسي الحالي. إلا أنه يجب على العلماء الذين أصدروا هذه الفتوى أن يقفوا في وجه الظلم والاضطهاد الذي سببه السياسيون من خلال الوقوف بحزم مع الحق. حيث تقع عليهم مسؤولية تبيان شرع الله، وفرض ما أحله الله وتحريم ما حرّمه. وما لم يفعلوا، يكونون قد بدلوا حكم الله، فالله سبحانه يقول: ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِندِ اللَّـهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ﴾ [البقرة: 70]
6- مع استمرار النظام الرأسمالي الفاسد الذي نعيش فيه، فإن مشاكل المسلمين لن تنتهي أبدا. حيث إن هذا النظام تم تأسيسه للاضطهاد واستحداث المشاكل. ومن المؤكد أنه من الحرام إصدار فتاوى تتنافى مع مصلحة المسلمين الذين يتمتعون بحد معين من الحسّ الإسلامي، بهدف إرضاء الحكام. فمهما كانت النوايا وأمانة أولئك الذين أصدروا هذه الفتوى، فهم بحاجة إلى التفكير مرة أخرى وتصحيح هذا الوضع. حيث إن أغلب هذه الأمة، والتي على الرغم من كل أنواع المشتتات، ليست بعيدة عن الصلاح، وقد بينت بكل وضوح عدم رضاها وسخطها على هذه الفتوى. فالأمة الإسلامية هي خير أمة أخرجت للناس. وخير هذه الأمة يمكن تجسيده بالكامل بتطبيق الشريعة الإسلامية كاملة عن طريق الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وبهذا، وبدلا من إصدار فتاوى الهدف من ورائها إرضاء الحكام الحاليين، فإن على العلماء عدم الامتناع عن قول الحق والحقيقة، والعمل على إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. فليس من أخلاق العلماء إصدار فتاوى كاذبة يهدمون بها حياتهم الآخرة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد حنفي يغمور