- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾
الخبر:
في معظم أنحاء العالم تفرض الدول إجراءات صارمة في محاولة لمنع انتشار فيروس كورونا مثل لبس الكمامات وعدم المصافحة والتزام البيوت بل وحتى حظر التجول وحبس المخالفين وتعنيفهم.
التعليق:
إجراءات وقائية لم تشهد البشرية مثيلها في التاريخ، وإن كانت قد مرت على الناس من قبل أوبئة وأمراض فتاكة مثل الطاعون والكوليرا والإنفلونزا الإسبانية وغيرها مما أودى بحياة ملايين الناس.
لكن الأمر هذه المرة يختلف، مع أن أعداد الموتى المتأثرين بالمرض هذا أقل بكثير من سابقاته عبر التاريخ.
باختصار شديد أود التنبيه إلى أمر في غاية الأهمية كشفته هذه الظاهرة العامة في العالم أجمع، ألا وهو التزام الناس بالإجراءات الصارمة المفروضة عليهم طوعا أو كرها رغم أنها تحت ظروف أخرى لم تكن الدول قادرة على فرضها على الناس، وخاصة بعد تعودهم على ما يسمى الحريات المنبثقة من المبدأ الرأسمالي.
في بداية الأمر اتخذت الصين إجراءات حاسمة وحازمة وصفها الغرب بأنها متطرفة وقاسية وتعدٍ على حقوق الإنسان، حيث فرضت سجنا جماعيا على الملايين من سكان مدنها الكبيرة. واتخذت لتحقيق ذلك أقصى الإجراءات الأمنية حتى ضرب واعتقال من يخالفها.
بعدما انتقلت العدوى وأصبحت تشكل خطرا على المجتمعات اعترف الساسة والحقوقيون في العالم أجمع بأنه لا بد من التنازل عن الحقوق الشخصية والحريات كلها مقابل الحفاظ على حياة الناس واستقرار المجتمع.
لقد كان المطبلون لحقوق الإنسان لا يقبلون حتى النقاش في صحة هذه الحريات أو نفعية تطبيقها في المجتمع لقصر نظرهم وعدم فهمهم لحقيقة المجتمع وما يبنى عليه المجتمع السليم المعافى من الأوبئة والآفات المجتمعية، والآن نراهم يتنازلون حتى عن وظائفهم وعن حرية خروجهم في الطرقات ويقبلون بوضع الكمامات والأقنعة الواقية ولا يعترضون على ضرب الشرطة للمخالفين وحجزهم وتغريمهم مبالغ طائلة لمخالفات كانت بالأمس حقاً من حقوقهم. فسبحان الله القائل ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
هكذا أدرك الكل أن لا حياة لهم بدون تضحية وتنازل عن الحق الشخصي لضمان حياة المجتمع. ولكن هل سيدرك الناس أن الأوبئة التي تنبعث من قوانين الحريات في المجتمع هي أيضا قاتلة وفتاكة؟ مثل وباء الشذوذ الجنسي والزنا، ووباء الاستغلال والربا ووباء تعاطي المخدرات والخمر ووباء سفور النساء وتبرجهن ووباء التحرش بالنساء والأطفال وغيرها من الأوبئة المعدية المهلكة للمجتمع والإنسانية؟
لقد آن الأوان ليعيد الناس نظرتهم إلى هذه المفاسد في المجتمع وإجراء حجر صحي وتقييد هذه الأوبئة حتى لا تنتشر في المجتمع فتنتقل العدوى للبشرية فتهلكها. وقد أصبح من أوجب الواجبات أن ننهى عن هذه التصرفات المريضة في المجتمع للحفاظ عليه وإعادة بنائه من جديد على ما يرضي الله العليم الحكيم.
ويُصدِّق هذا قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه النعمان بن البشير: «مَثَلُ القائِمِ علَى حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا علَى سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا علَى مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقاً ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وإنْ أخَذُوا علَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعاً». [صحيح البخاري]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. يوسف سلامة – ألمانيا
#كورونا Covid19# #Korona