- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
المخابز المصرية وأزمة الخبز في السودان!
الخبر:
أكدت مصر دعمها الكامل للفترة الانتقالية في السودان وقال القنصل العام المصري أحمد عدلي إمام في حديث صحفي يوم السبت 2020/7/4م إن مصر تتطلع دوماً إلى سودان مستقر وموحد وآمن.
وأعلن القنصل عن قرب شحن عشرة مخابز ضخمة تم تجهيزها بالاتفاق مع الجانب السوداني وستنتج هذه المخابز ما يقارب 2 مليون قطعة خبز يوميا. (صحيفة اليوم السابع 2020/7/5م)
التعليق:
إن إنتاج 2 مليون قطعة خبز إضافية أمر قد يدفع الكثيرين للتفاؤل خاصة الذين أعياهم الاصطفاف في الطوابير الطويلة للحصول على الخبز، ولكن هل مشكلة الخبز تكمن في قلة المخابز لنستورد المزيد منها ولو كانت أكثر حداثة؟! إن استيراد هذه المخابز يذكرني بطرح مثله أيام الحكومة البائدة فنال نصيباً واسعاً من الاستنكار والاستهجان.
لقد ذكر معز عبد الوهاب عضو لجنة التغيير أن عدد المخابز في الخرطوم يتراوح بين 2400 إلى 3200 مخبز؛ وهو عدد كاف جداً للاستهلاك اليومي إذا توفرت المدخلات الأخرى، وليس أدل على ذلك من أن هنالك فترات تمر من حين إلى آخر لا تكون هنالك ضائقة في الخبز.
فإذن أين تكمن المشكلة؟ تكمن المشكلة في عدم القدرة على توفير الدقيق الكافي، تكمن المشكلة في انقطاع التيار الكهربائي الذي يؤدي إلى تعطيل المخابز لفترات طويلة، لذلك فإن استيراد المخابز من مصر أو الصين أو غيرهما لا يحل المشكلة.
وثالثة الأثافي أن وزارة التجارة والصناعة أعلنت عن تخصيص مخابز تجارية لدعم المخابز المدعومة أملاً للمساهمة في حل مشكلة الخبز، حيث قال معز عبد الوهاب تم تحديد نسبة 25 في المائة من المخابز العاملة في ولاية الخرطوم لتعمل خارج منظومة الدعم، وأكد أن أسعار الخبز خارج منظومة الدعم ستحددها آلية السوق ورغبة الزبون هي المتحكم في السعر وبمعنى آخر (سعر حر)، والجدير بالذكر أن المخابز التجارية تحصل على الدقيق بسعر (2400) جنيه بينما تحصل المخابز المدعومة على الجوال بسعر (550) جنيهاً، أي أن التجاري يكون سعره أكثر من أربعة أضعاف سعر المدعوم، كما أن المخابز التجارية تحصل على طن الغاز بـ(8000) جنيه أما المدعومة فبسعر (1600) جنيه للطن. أي أن المخابز التجارية تحصل على الغاز بما يعادل خمسة أضعاف المخابز المدعومة وبالتالي يكون سعر رغيف الخبز الذي تسمى تجاريا ما بين 8-10 جنيهات، وهي الخطة المرحلية لسياسة التحرير التي رفع لواءها وزير المالية، فهل هذه سياسة التخلص من الفقر أم من الفقراء لحل مشكلة الخبز؟!
إن الحل لا يكون بسياسة الهروب إلى الأمام والهرولة نحو الصناديق الدولية حيث السراب، وإنما في المقام الأول إيجاد حاكم راعٍ للشؤون وليس موظفاً راهناً إرادة الدولة للسياسة المالية الدولية، حاكم يجوع قبل الناس ويشبع بعدهم. فحينما جاع أبو بكر وعمر وربط كل منهما حجراً في بطنه وذهبا للرسول ﷺ علهما يجدان عنده ما يسد رمقهما، وجداه عليه الصلاة والسلام قد ربط حجرين على بطنه، وحينما قرقرت بطن سيدنا عمر خاطبها قائلاً "قرقري أو لا تقرقري والله لن تشبعي حتى يشبع سائر المسلمين". هذا هو الحاكم الذي في مقدوره أن يحس بالحجم الحقيقي لمعاناة الناس وابتكار الحلول الخلاقة، لا الارتماء في أحضان أعداء الأمة ليجد عندهم الحل!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس حسب الله النور – الخرطوم