- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
لا بد من اقتلاع النظام الرأسمالي واستبدال نظام الخلافة الراشدة به
(مترجم)
الخبر:
"رفعت الحكومة يوم الجمعة أسعار جميع المنتجات البترولية بما يقرب من 26 روبية كجزء من تأثير ارتفاع الأسعار الدولية مع المستهلكين". (الفجر الباكستانية)
التعليق:
في 25 حزيران/يونيو، قام نظام باجوا/ عمران برش الملح على جروح شعب باكستان برفعه أسعار البنزين بأكثر من 20٪. ففي الوقت الذي يفقد فيه الناس وظائفهم وأعمالهم بشكل كثيف وسريع، يحرص نظام باجوا/ عمران على الضغط على الناس لآخر طاقتهم، إرضاءً لأداة الاستعمار الأمريكية الرئيسية صندوق النقد الدولي.
إن الزيادة الحالية في أسعار البنزين هي نتاج خضوع كامل لصندوق النقد الدولي. يتطلع هذا النظام إلى فرض ضريبة بقيمة 450 مليار روبية من ضريبة تطوير البترول من أجل تحقيق تحصيل 1000 مليار روبية في شكل ضريبة هذا العام لإلقامها صندوق النقد الدولي.
برامج التكيف الهيكلي التي يقودها صندوق النقد الدولي بعد عام 1988م تركت البلاد مع انخفاض في مستويات التصنيع. لم يؤد ذلك إلى قاعدة تصدير ضيقة تزيد من عجز الحساب الجاري فحسب، بل حالت دون تطور صناعة استبدال الواردات. ألغت السياسة الصناعية المحددة في خطاب المصالح لعام 1988م الذي انتهجته حكومة باكستان، الحماية التي كانت للصناعات، وحررت النظام التجاري مع حوافز التصدير ولكن بوجود نظام تحرير تعريفة الاستيراد، وسحب الدعم عن الغاز والكهرباء والأسمدة وما إلى ذلك. كان الهدف واضحاً - سيكون استيراد العديد من السلع أرخص من الإنتاج المحلي، مما سيؤدي إلى تراجع التصنيع. كان التأثير طويل المدى على فرص العمل كبيراً، حيث استقرت نسبة كبيرة من السكان في حالة من الفقر الدائم، ما أبقاهم خارج نطاق الضريبة.
بالتوازي مع ذلك، أدت سياسة الطاقة التي يقودها البنك الدولي عام 1990م (المنظمة الشقيقة لصندوق النقد الدولي) إلى عكس إنتاج الطاقة لدينا من الطاقة الكهرومائية إلى الوقود الأحفوري، ما أدى إلى الاعتماد على واردات النفط. في عام 2010، بلغت تكلفة الكهرباء المولدة من الهايدل 1.03 لكل كيلو واط روبية، في حين كانت 8.5 روبية لكل كيلو واط مع النفط. الضربة المزدوجة هي أن الصادرات (الصناعة بحاجة إلى الطاقة) لا تصبح أكثر تكلفة فقط، ولكن فاتورة استيراد النفط لتوليد الكهرباء لإنتاج السلع للتصدير لم تؤد إلى تفاقم عجز الحساب الجاري فحسب، وإنما أدت إلى زيادة الدين الدائري الحالي أيضا.
الحل واضح إلى حد ما، وهو الاستثمار في الصناعة لتطوير اقتصاد قائم على الطلب المحلي، لكن هذا يتطلب استثمارات واسعة، وهو أمر يُعد لعنة بالنسبة لمعظم الحكومات. الدكتور عبد الحفيظ شيخ، رجل صندوق النقد المخلص، وصاحب فكر اقتصادي رأسمالي غربي يجري كالدم في عروقه هل سيعكس السياسات التي وضعها صندوق النقد والبنك الدوليان، من أجل بناء قاعدة صناعية قوية؟ هل لديه مجرد إخلاص لقبول فكرة أن المشاكل التي يحاول حلها هي نتيجة السياسة التي يؤمن بها؟ أفراد من أمثال الدكتور عبد الحفيظ شيخ وصفتهم الآية القرآنية وصفا دقيقا ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾.
إن النماذج الاقتصادية التي استخدمها النظام الرأسمالي جميعها مثل نماذج التوازن العام العشوائي الديناميكي، أو الأثر الانتشاري، أو النظرية النقدية الحديثة، إلخ، لا يمكنها حل هذه المشكلة الأساسية. لا يمكنها حل هذه المشكلة لأن الحل قائم على الكفر، لا على أحكام الإسلام.
إن اقتصاديات الإسلام بسيطة إلى حد ما بهذا المعنى. لا توجد نظريات معقدة للنظام الاقتصادي الإسلامي، ولا يوجد سوى أحكام الله سبحانه وتعالى، التي يتعين تطبيقها من الفرد والدولة. لكن المظاهر العملية لهذه القوانين تتناول الحياة الاقتصادية للبشر، وبطريقة مختلفة جذرياً. يركز الإسلام على تلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان؛ المأكل والملبس والمسكن. وتلزم الدولة الرجل على تلبية احتياجات جميع من هم تحت مسؤوليته، فيما تتدخل الدولة لإعالة من لا يستطيعون إعالة أنفسهم. روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: «لَيْسَ لِابْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سِوَى هَذِهِ الْخِصَالِ بَيْتٌ يَسْكُنُهُ وَثَوْبٌ يُوَارِي عَوْرَتَهُ وَجِلْفُ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ».
والنتيجة العملية هي تمكين العنصر الرئيسي في توليد الطلب والحفاظ عليه، أي الإنسان. فمن خلال فرض الجباية على الثروة لا على الدخل، تتم زيادة إجمالي الدخل المتاح للفرد. الدخل المتاح، يعني مقدار المال المتبقي في يد الفرد لإنفاقه بعد دفع الزكاة وما إلى ذلك. هذه نقطة مهمة جداً، لأنها تضمن في الواقع امتلاك الناس المال لإنفاقه، وبالتالي فإن الطلب سيظل موجود دائماً. إن أفراد المجتمع هم الذين يولدون الطلب الكلي. المصادر الدائمة للدخل لبيت المال في الإسلام تشمل الجزية والخراج والزكاة. من خلال فرض الضرائب على الثروة، تحتاج الدولة إلى فرض مستوى ضئيل جداً من الجباية لتوليد نفس مستوى الدخل الذي يتم توليده من فرض الجباية على الدخل.
جانب آخر فريد في النظام الاقتصادي الإسلامي هو مفهوم الملكية العامة. قال النبي ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْكَلَإِ وَالْمَاءِ وَالنَّارِ» (أحمد وابن ماجه)، تحديد فعال للمرافق المجتمعية التي لا غنى عنها للمجتمع ككل، والتي لا يمكن خصخصتها لصالح نخبة قليلة. إن معايير تحديد الأشياء لتكون منفعة عامة هي أنه في حالة عدم توفرها، ستتفرق الجماعة بحثاً عنها. ومن ثم، فإن المياه والنفط والغاز والموارد المعدنية هي مثل تلك التي تقع في وصف الحديث. المفهوم هنا هو أن السلع التي تقع في الممتلكات العامة هي تلك التي تكون ضرورية للبشر لممارسة الحياة. لذلك، سيظل الطلب على هذه العناصر مرتفعاً دائماً، وسيحقق أي مالك لهذه السلع أرباحاً ضخمة. يحدد الإسلام أن هذه الأرباح يجب أن تذهب للدولة لكي تنفق على الناس، ولا يجوز أن تكون في أيدي القطاع الخاص.
ختاما، فإن المشاكل التي تواجه البلاد من النواحي الاقتصادية وغيرها لا يقتصر وجودها على الحُكم السيئ فحسب، بل ترتبط بنظام رأسمالي يمكّن الغرب من تنفيذ سياساته الاستعمارية على يد طبقة ديمقراطية فاسدة. ومن ثم، يجب اقتلاع هذا النظام الكامل، واستبدال نظام الخلافة به، وإقامة حكم الله العادل، لأنه رحمة للبشرية جمعاء.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عادل