- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
هل اللاجئ الباحث عن ملاذ آمن هو المجرم
أم الأنظمة القومية التي تخلت عن المسلمين المظلومين بل وتضطهدهم؟
(مترجم)
الخبر:
في السابع من أيلول/سبتمبر، وصل ما يقرب من 300 لاجئ من الروهينجا إلى الشاطئ في إندونيسيا بعد أن ظلوا في البحر لمدة 6 أشهر تقريباً. وقد ضمت المجموعة 181 امرأة و14 طفلاً حيث أنقذهم مسلمون محليون على الساحل الشمالي لسومطرة. وأبحر اللاجئون من جنوب بنغلادش متجهين إلى ماليزيا، على أمل الحصول على ملاذ في الدولة ذات الأغلبية المسلمة بعد تعرضهم للاضطهاد في ميانمار، لكن تم إبعادهم فور وصولهم، بحجة إغلاق الحدود بسبب جائحة فيروس كورونا. ويعتقد أن أكثر من 30 من اللاجئين قد لقوا حتفهم خلال الرحلة. في اليوم التالي لهذه الحادثة، ظهرت أنباء عن شهادة بالفيديو من جنديين فرّوا من جيش ميانمار. وقدموا أدلة تؤكد الحقيقة المعروفة بالفعل عن نية جيش ميانمار القضاء على مسلمي الروهينجا في حملة إبادة جماعية. وصف الجنود إطلاق النار العشوائي على المدنيين والإعدامات والدفن الجماعي ومحو القرى والاغتصاب ضد الروهينجا من جيش ميانمار، بالإضافة إلى توجيهات من رؤسائهم: "أطلق النار على كل ما تراه وكل ما تسمعه!"، "اقتل كل ما تراه!" سواء أكانوا أطفالاً أم بالغين، وتعليمات لـ "إبادة" الروهينجا.
التعليق:
على الرغم من حجم الاضطهاد المروع الذي واجهه مسلمو الروهينجا في ميانمار وما زالوا يواجهونه، فإن الأنظمة القومية القائمة في البلاد الإسلامية في المنطقة تواصل دفعهم بعيداً، أو وضعهم في معسكرات بائسة ومليئة بالأمراض، أو تجريم وحتى سجن هؤلاء العاجزين من اللاجئين. إن الظروف المروعة لمخيم كوكس بازار للاجئين في بنغلادش والحرمان من جميع الحقوق في البلاد هي التي تدفع مئات الروهينجا للمخاطرة بحياتهم بحثاً عن ملاذ في ماليزيا أو بلاد المسلمين الأخرى. يُذكر أن 800 من الروهينجا غادروا بنغلادش هذا العام وحده متجهين إلى ماليزيا، ويُعتقد أن العشرات منهم قد لقوا حتفهم خلال رحلتهم. عند وصولهم إلى ماليزيا، بدلاً من استقبالهم بوصفهم إخوة يستحقون الرعاية والحماية، فإن النظام الماليزي القاسي، الذي أعماه مفهومه السام للحفاظ على الحدود الوطنية، يدفع هؤلاء المسلمين اليائسين إلى الغرق في البحر أو الموت جوعاً. من المؤكد أن المحنة المأساوية لمسلمي الروهينجا ستكسر قلب أي فرد سليم وإنساني، وستؤدي لإدراك حاجة هؤلاء اللاجئين الماسة إلى المأوى والحماية. ومع ذلك، ليس الأمر كذلك بالنسبة لحكام المسلمين. فقد صرحت السلطات الماليزية أنها أعادت 22 قارباً مليئاً بالروهينجا هذا العام وحده، بينما في إندونيسيا في حزيران/يونيو من هذا العام، رفضت السلطة المحلية في آتشيه توفير ملاذ لحوالي 100 من مسلمي الروهينجا الذين كانوا ينجرفون بالقرب من شاطئهم بعد أن تحملوا رحلة 4 أشهر تعرضوا خلالها للضرب على أيدي المتجرين وأجبروا على شرب بولهم للبقاء على قيد الحياة. كان المسلمون المحليون في آتشيه الذين أنقذوا إخوانهم وأخواتهم المسلمين من القارب، غاضبين من موقف المسؤولين المحليين وعدم إنسانيتهم.
مع أحدث وصول للاجئين الروهينجا إلى إندونيسيا، كان المسلمون المحليون هم أيضاً من تبرعوا بالطعام والملابس لهم. وقالت عائشة، إحدى السكان، لرويترز: "نحن قلقون بشأن حالتهم... إنهم بحاجة إلى المساعدة باسم الإنسانية... إنهم بشر مثلنا". هذا هو التمييز الواضح بين الأعمال التي يكون الدافع عليها الإيمان والإسلام التي تجسد الإنسانية والأخوة الإسلامية، مقارنة بالأفعال اللاإنسانية القاسية للأنظمة الوضعية التي تحركها المصالح القومية الأنانية!
لم تكتف هذه الأنظمة القومية الحقيرة بالتخلي عن الروهينجا في محنتهم، بل إن بعضها، مثل الحكومة الماليزية، قد غذى خطاباً مليئاً بالكراهية ضد الأجانب، ضد أولئك الذين تمكنوا من دخول بلادهم، وكذلك اعتقال واحتجاز المئات في سجون غير صحية، وإخضاعهم لفصل جديد من الاضطهاد والإرهاب. تم القبض على ما يقرب من 600 مهاجر غير شرعي في ماليزيا في عطلة نهاية الأسبوع الأولى من شهر أيار/مايو من هذا العام، بينما في حزيران/يونيو، حكمت محكمة في البلاد على 31 رجلاً من الروهينجا و9 نساء من الروهينجا بالسجن 7 أشهر لانتهاكهم قانون الهجرة في ماليزيا. حتى إن بعض الرجال حُكم عليهم بالضرب بالعصا، على الرغم من إلغاء هذه العقوبة فيما بعد. أطفال الروهينجا أيضا وجهت إليهم تهم ويواجهون أحكاماً بالسجن. أصدرت الحكومة الماليزية لوائح جديدة لمنع أصحاب المنازل من تأجير ممتلكاتهم للمهاجرين. هذه هي السلبية الشديدة التي أحدثها النظام ضد الروهينجا، لدرجة أن بعض عمال الإغاثة يخشون الآن تزويد اللاجئين بالطعام والضروريات الأخرى، بسبب تلقيهم تهديدات من المسؤولين الحكوميين.
لقد جردت هذه الأنظمة القائمة في البلاد الإسلامية من الإنسانية تماما في ظل أنظمتها القومية الرأسمالية. في ظل حكمهم القاسي، يعتبر البحث عن ملاذ كضحايا للاضطهاد ويائسين وعاجزين جريمة. في الحقيقة، هذه الأنظمة وأنظمة الحكم التي وضعها الإنسان هم المجرمون الحقيقيون في نظر الأمة وغيرهم ممن عندهم إنسانية، والأهم أمام الله سبحانه وتعالى، الذين يأمرون المؤمنين بدعمهم، وحماية إخوانهم وأخواتهم المسلمين المضطهدين وإعطائهم ملاذاً كريماً. قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾. حقيقة أن الروهينجا مسلمون لا تعني شيئاً لهذه الأنظمة التي تتجاهل كلام الرسول ﷺ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ» وقد تعاملت هذه الأنظمة مع الروهينجا على أنهم مخلوقات لا قيمة لها، بينما جعل الله سبحانه وتعالى حياتهم مقدسة، كما هو الحال مع حياة كل مؤمن. قال النبي ﷺ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ». إن هذه الأنظمة التي تخلت عن هذه الأمة وتنظر إلى المؤمنين المظلومين بازدراء لا تستحق أن تحكم على أراضينا ليوم واحد! ألسنا بحاجة ماسة إلى إقامة نظام الله: الخلافة على منهاج النبوة، التي ستفي بأمر ربنا لتكون درعاً للمؤمنين ووصياً، وتنصر كل المظلومين؟!!
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير