- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
العنصرية نتيجة حتمية لهيمنة الرأسمالية
الخبر:
نشر موقع العربية نت يوم الخميس الأول من تشرين أول، خبراً بعنوان: "فيديو عنصري في كندا.. امرأة تحتضر والطاقم الطبي يضحك". حيث كانت امرأة ثلاثينية قد دخلت مشفى في مدينة جولييت في كيبيك يوم الاثنين، تشكو آلاماً في المعدة، إضافة إلى أمراض أخرى في القلب.
التعليق:
عبر بث مباشر في فيسبوك، شرحت أم الأطفال السبعة ما حدث معها، وقالت إنه ومع تفاقم ألمها لم يبالِ الموظفون في المشفى التي دخلتها أبداً بتعبها كما لم يستجيبوا لطلباتها المتكررة بالمساعدة. بل كانت الممرضات في المستشفى قد تعاملن معها باحتقار وأسمعنها كلاماً مهيناً، وتركها العاملون هناك تعاني حتى سقطت ميتة.
هذه الحادثة أثارت موجة غضب في الشارع، اضطرت معه إدارة المستشفى لفصل إحدى الممرضات وفتح تحقيق في الحادثة، حسب تصريح رئيس وزراء كيبيك. بينما قدم وزير الخدمات الفيدرالي في كندا تعازيه للشعب.
والسؤال هنا هل هذه الحادثة هي الوحيدة ليتم التعامل معها بهذه الإجراءات المتهاونة، ويُكتفى بتقديم الاعتذارات الرسمية بشكل آلي كأن الأمر هين؟
إن العنصرية التي تجعل أساس التعامل مع الطرف الآخر هو جنسه أو لونه أو قبيلته أو حتى جنسيته/موطنه، دون النظر لكرامته الإنسانية، والتي تحول دون معاملته بالشكل اللائق بل ويتم التهجم على الضحايا ووصفهم بأقذع الأوصاف بلا ذنب منهم. هذه العنصرية المقيتة تنتشر في ظل هيمنة المبدأ الرأسمالي انتشار النار في الهشيم، وسقط ضحاياها في أمريكا قتلى بسبب لونهم الأسود، وفي كندا تتعرض امرأة للموت في مستشفى بسبب أصولها العرقية!
أي انحطاط خلقي وفكري أصاب أصحاب هذا المبدأ ليؤدي بامرأة أن تموت في أكثر الأماكن التي يفترض بها أن تكون ملجأً لها ومكاناً أمناً ورعاية؟
لا ننفي انتشار هذه الظاهرة في بلاد المسلمين، لكننا نؤكد أن هذه الظاهرة ليست من الإسلام، بل هي ظاهرة غربية بامتياز تغذيها العقلية الرأسمالية التي تجعل المادية والنفعية قيماً مقدسة، وتفتح الباب على مصراعيه للحريات بما فيها حرية التعبير الفضفاضة لتتضمن شتم الآخرين وإهانتهم لمجرد اختلافهم في المظهر.
بينما الإسلام يقر أن الله كرم بني آدم، وحرم قتل الناس والاعتداء عليهم وإهانتهم ووضع لذلك حدوداً صارمة. ويجعل معيار التفاضل هو التقوى، ويلغي كل الفوارق الأخرى من جنس أو لون أو عرق... وحتى غير المسلمين من غير المُعادين فقد جعل لهم كراماتهم وحفظ عليهم أمنهم ومنع المساس بهم بأي شكل.
هذه الحضارة الراقية التي نعمت في ظلها البشرية بالأمن والأمان هي الحل الوحيد لما يعانيه العالم من شقاء، ولن تنعم البشرية مرة أخرى بالهناء إلا بتطبيق شريعة الله سبحانه، والتخلص من ظلمات الرأسمالية والانعتاق من ربقتها.
فقط في ظل الإسلام يكون بلال الحبشي مؤذناً لجماعة المسلمين وهو ابن امرأة سوداء. ويكون صهيب الرومي وسلمان الفارسي صحابة لرسول الله كعمر وأبي بكر القرشيين. وفقط في ظل الخلافة يكون الأفريقي عدلَ الآسيوي، والأبيض أخا الأسود سواء بسواء أمام القانون. ويكون الناس سواسية كأسنان المشط أمام القانون، ويتفاضلون بتقواهم لا أشكالهم، فإن الإسلام يعلنها صراحة: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ».
وفي ظل الإسلام وحده يُجعل واجب الرعاية الصحية فرضاً على الدولة، ومسؤولية عظمى يحاسب كل مقصر في تقديمها للمحتاجين أيّاً كانوا، ويكون الطب عبادة لله - بأنه إغاثة ملهوف، وعون للمحتاجين، وحفظ لنفوس الناس وأبدانهم - قبل أن يكون وظيفة لأجل المال.
وفي ظل الإسلام وحده يتم نشر الثقافة اللازمة لحماية الناس من الإرهاب الفكري والانحطاط الخلقي الذي يخلق العداوة والبغضاء ويولد التصرفات العنصرية البغيضة، الثقافة القائمة على تكريم بني آدم، وضرورة احترام إنسانية الطرف الآخر. فحتى في الحروب يُمنع التمثيل في الجثث أو الغدر أو انتهاك الأعراض، حفظاً للكرامة الإنسانية وترفعاً بالمسلم عن كل قبيح ودنيء.
فما أحوج البشر للإسلام وما أشد اشتياق الأرض لحكم ربها!
﴿هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بيان جمال