- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
فرنسا؛ البحث عن المنفعة في ظل نظام مفلس، فلماذا نحن؟
(مترجم)
الخبر:
ماكرون يصعد حربه ضد الإسلام.
التعليق:
إن مطاردة فرنسا الأخيرة للمسلمين ليست سوى واحدة من أساليبها في تاريخها الطويل من الكراهية للإسلام والمسلمين. دماء المسلمين لا تزال تقطر من أياديهم وهم يهتفون بشعارهم الفارغ: "حرية، مساواة، أخوة"! ومن وراء هذه الواجهة يستعمرون ويذبحون ويضطهدون الآخرين. ومع ذلك، عندما يحين موعد الانتخابات، ينجذب بعض المسلمين إلى التصويت للأحزاب العلمانية في النظام العلماني على أمل العثور على نوع من الراحة أو المنفعة للجاليات الإسلامية. إلى جانب المنظور الشرعي الواضح لهذه القضية، ما مدى المنطقية في ذلك من منظور الواقع؟
الفكرة الأساسية لفلسفة التنوير الغربي العلماني هي فكرة مضادة لمفهوم تدخل الله في حكمهم وتنظيم حياتهم. يتم التسامح مع الديانات المختلفة وأتباعها طالما أن معتقدهم مجرد إيمان سياسي ويذوب داخل النظام العلماني، وإلا فإنه يطلب من أتباع ذلك الدين تغيير دينهم (مثل المطالبة بإسلام ليبرالي) والاندماج في الثقافة العلمانية السائدة، حتى لو كان التابعون لا يعملون على تغيير المجتمعات الغربية ويلتزمون بالقوانين في المحيط العام؛ لأن الشرط المسبق لقبولك في الدول العلمانية هو أنه ليس عليك فقط الالتزام بسيادة القانون ولكن عليك أيضاً الإيمان بالقيم العلمانية وإظهار الولاء لها. بعبارة أخرى: العلمانية ليست مرادفاً لشعارهم الرخيص "الحرية، المساواة، الأخوة" بل هي مرادف للاستيعاب القمعي.
هذا هو السبب في أنهم يثيرون عمداً مشاعر الناس ضد الإسلام من أجل تبرير سياساتهم القمعية والتمييزية، وكلما كانت سيادة القانون تتعارض مع سياستهم، فإنهم ببساطة يغيرون أو يعدلون القانون. مثل عبدة الأصنام في شبه الجزيرة العربية في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، كانوا يعبدون آلهة من التمر يصنعوها بأيديهم وكلما جاعوا كانوا يأكلونها!
بل إنهم يجبرون المسلمين على قبول الإساءة لنبينا الحبيب ﷺ، وقد بدأوا مبادرات "لتغيير" القرآن الكريم وإنشاء "إسلام فرنسي أو ليبرالي". أصبحت هذه العقلية العلمانية الراديكالية أرضية مشتركة لجميع الدول الغربية في سياساتها ضد الإسلام والمسلمين. لذا، فإن فكرة "الدولة المحايدة" فيما يتعلق بالأديان والجماعات المختلفة في المجتمع، وشمولية الجميع بغض النظر عن خلفيتهم، قد ثبت أنها كذبة كبرى.
عندما يحدث هذا، كيف يمكن للمسلمين الذين يعيشون في الغرب أن يتوقعوا نوعاً من المنفعة للجاليات المسلمة من خلال المشاركة السياسية في هذا النظام المفلس بشكل علني ضد الإسلام؟
المحزن أن المسلمين قد ضُللوا مراراً وتكراراً في المشاركة السياسية والتصويت في هذا النظام الفاسد. ففي فرنسا؛ صوت المسلمون بأغلبية كبيرة لصالح مرشح الوسط المعتدل إيمانويل ماكرون، لأنهم كانوا يخشون من وصول حزب مارين لوبان اليميني المتطرف إلى السلطة.
قبل الانتخابات، انتقد الزعيم اليميني المتطرف لوبان الصلاة في الشارع، واصفاً إياها بـ"غزو الإسلام" للمجتمع الفرنسي، إلا أن الرئيس ماكرون هو من حظر صلاة الشارع وأمر بمداهمة المساجد في جميع أنحاء فرنسا، وقامت السلطات بإغلاق 73 مسجداً ومدرسة إسلامية خاصة على الأقل في جميع أنحاء فرنسا منذ كانون الثاني/يناير في محاولة لمكافحة "الإسلام المتطرف".
قبل الانتخابات، أطلق ماكرون على حزب لوبان لقب "حزب الكراهية" وقال "لن أقبل أن يُهان الناس لمجرد أنهم يؤمنون بالإسلام". والآن فهو يتأكد من أن الرسوم الكاريكاتورية المثيرة للاشمئزاز يتم عرضها على مبنى حكومي. حتى إنه أغلق مسجد بانتين الكبير لأنه شارك مقطع فيديو ينتقد الرسوم الكاريكاتورية للنبي عليه الصلاة والسلام.
وصف لوبان المسلمين بأنهم "خطر مميت" على فرنسا، واتهمهم ماكرون بتقسيم فرنسا وإشعال "حرب أهلية". يعلن ماكرون الآن أن "الإسلام في أزمة" ويتعهد بمحاربة المسلمين ويصفهم بأنهم "انفصاليون إسلاميون".
حتى التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا (CCIF) غير الربحي الذي يوثق حوادث الإسلاموفوبيا، فإنه مدرج في قائمة المنظمات المستهدفة التي سيتم حلها. وتنص فقرة بارزة في تقرير التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا السنوي لعام 2016 على ما يلي:
"بجانب وجوده داخل المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، يقدم التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا بياناته كل عام إلى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والتي تستخدمها في تقريرها السنوي عن جرائم الكراهية. ويشارك التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا أيضاً في المؤتمرات السنوية لدائرة المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يتم فيها فحص التقدم (والنكسات) في مجال حقوق الإنسان. وتشارك في تلك الدورات 57 دولة، بما في ذلك فرنسا".
لذلك، حتى لو كانت المنظمات والجمعيات الإسلامية تعمل في نطاق الإطار العلماني، فلا يمكن التسامح معها ولا بد من حلها. هذه هي الرسالة التي ترسلها فرنسا والدول الغربية الأخرى إلى المسلمين.
المفارقة أن ماكرون وصل إلى السلطة بأصوات المسلمين، مما يجعلهم للأسف مشاركين في حملة الكراهية ضد الإسلام. مع علمنا بهذا، فكيف ننخدع مراراً وتكراراً ليتم استدراجنا للمشاركة السياسية في نظام مفلس، يعتبر الإسلام عدواً له، لتحقيق نوع من المنفعة للجاليات الإسلامية؟!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أوكاي بالا
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في هولندا