- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
نظام مصر يُكرّم الأموات ويُنكّل بالأحياء!
الخبر:
بعد نقل 22 مومياء ملكيّة من المتحف المصري بميدان التحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصريّة وسط حرص وتكاثف جميع مؤسسات الدولة بقيادة عبد الفتّاح السيسي في حفل مهيب واستعراضات عسكريّة وتجهيزات بآلاف الدولارات، وُصفت مصر بواحة الأمن والأمان ومنارة الإنسانيّة.
التعليق:
يُحاول السيسي أن يصنع لنفسه تاريخا وبطولات من خلال هذا الحفل الضخم، بينما تاريخه الحقيقي ملطّخ بدماء أبناء مصر وبناتها، ولعنات المسجونين ظلما وبهتانا وصرخات العجائز والمشايخ من الفقر والعوز.
ولا يخفى على أحد الحال الذي وصلت إليه مصر سياسيّا واقتصاديّا والتي ما فتئت تتردّى منذ الانقلاب العسكري ووصول السيسي للحكم عام 2014 والذي وأد الحراك الشعبي إلى حدّ بعيد، حتى وصلت نسبة الفقر في مصر إلى 32.5% ممّا يعني أن ثلث الشعب يعيش تحت خطّ الفقر الرسمي، لكنّ أسلوب القمع المميت والقبضة الأمنيّة الشديدة وسياسات الترهيب والتخويف التي يُمارسها نظام السيسي منذ سبع سنوات قوّت ديكتاتوريّة الحاكم وجعلت من الشعب يعيش حالة من اليأس والإحباط وخيبة الأمل.
ولعلّ حفل المومياوات الذي رصدته 400 محطّة فضائيّة عبر العالم خاصّة بعد دعوة السيسي التي وجّهها لمتابعة نقل المومياوات، يُذكّرنا بالحفل الضخم الذي أقامه "الشّاه أضخم" بإيران لإحياء ذكرى مرور 2500 عام على قيام مملكة فارس وسط حالة من الاحتقان الشعبي ثمّ ما لبثت أن قامت الثورة في إيران وأطاحت بأعتى الديكتاتوريّات وجعلت عائلة الشّاه تهرب في جنح الظلام!
فهل يُكرّم الموتى ويُذَلّ الأحياء؟!
وهل يستحقّ ملوك الفراعنة التكريم والاقتداء بسيرتهم وإحياء قصصهم وأساطيرهم وهم الذين استعبدوا شعوبهم واستحلّوا الظلم والجور وحاربوا الأنبياء والصّالحين؟!
هل يصلح الاحتفاء بحضارة بائدة أخرجت من صلبها فرعون الذي علا واستكبر ثم الافتخار بهم كأجداد لأهل مصر واعتبارهم فخرا للبشريّة وتكريم جثث مُحنّطة وصرف الملايين عليها في حين تُقطع رقاب شباب مصر على المشانق أن قالوا ربّنا الله؟!
في الوقت الذي تُنتهك فيه أعراض المئات من نساء مصر في السّجون وتُحرَم فتيات من العيش الطبيعي وسط عوائلهنّ وتُكتَم صرخاتهنّ ويُعتّم عليهنّ خلف القضبان، تضجّ الفضائيّات بالحديث عن شَعر ملكة مُحنّطة ومجوهرات جُثّة أخرى!
لطالما كانت الديكتاتوريّات في بلادنا الإسلاميّة ماهرة في الاستعراضات وإحياء الأساطير وخلق هوّة بين الشعوب وحاضرها وهذا قد يُسرّع في نهاية ملكهم وجبروتهم فليس بعد الحكم الجبري إلاّ الخلافة على منهاج النبوة التي بشّر بها رسولنا الأكرم ﷺ.
يقول الله سبحانه: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [الروم: 9]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نسرين بوظافري