- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
تأملات في كتاب: "من مقومات النفسية الإسلامية"
إعداد الأستاذ محمد أحمد النادي
الحلقة الثامنة والعشرون
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: "من مقومات النفسية الإسلامية". ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية، مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، نقول وبالله التوفيق:
عنوان حلقتنا لهذا اليوم هو "الصبر عند الابتلاء" آيات الصبر في القرآن الكريم كثيرة نذكر منها قوله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}. (البقرة214).
وقوله تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}. (البقرة157).
وقوله تعالى: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}. (آل عمران186). وقوله تعالى: {وبشر الصابرين}. (البقرة155).
وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا اللـه لعلكم تفلحون}. (آل عمران200). وقوله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}. (الزمر10). وقوله تعالى: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}. (الشورى43). وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين}. (البقرة153).
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل إذا أحب قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع" (أخرجه أحمد من طريق محمود بن لبيد). وأخرج أحمد من طريق مصعب بن سعد عن أبيه قال: قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل من الناس يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقـة خفف عنه وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة". وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... والصبر ضياء ..." رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "... ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر" متفق عليه. وعن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" رواه مسلم. وعن أنس رضي الله عنه قال: "مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله واصبري، فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك. فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى" متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة" رواه البخاري. وعن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرها: "أنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء، فجعله الله تعالى رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع في الطاعون، فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر الشهيد". رواه البخاري.
وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عز وجل قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر، عوضته منهما الجنة". يريد عينيه. رواه البخاري. وعن عطاء ابن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى، فقال: "هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله تعالى لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها". متفق عليه. وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، انتظر حتى إذا مالت الشمس قام فيهم، فقال: "يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، ثم قال: اللهم، منـزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم". متفق عليه.
أيها المسلمون:
هكذا يكون الصبر عند الابتلاء، فهلا التزمنا بهذا الخلق كما التزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما التزم الصحابة الكرام رضي الله عنهم ليرضى عنا كما رضي عنهم، وليعزنا كما أعزهم، ولينصرنا كما نصرهم؟ نأمل ونرجو ذلك! وما ذلك على الله بعزيز!
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، على أن نكمل تأملاتنا في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.