- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الحرّية في ظلال الرّأسمالية حقيقة أم زبد الواقع؟!
الخبر:
أقرت المحكمة الدستورية وهي أعلى سلطة قانونية في فرنسا مساء الخميس 2021/08/05 غالبية بنود قانون توسيع استخدام الشهادة الصحية في غالبية أماكن الترفيه والثقافة، وفي المطاعم والمقاهي ووسائل النقل على كل الفرنسيين، في خطوة غير مسبوقة للتقليل من أعداد الإصابات والحد من تفشي الإصابة بوباء كوفيدـ19. وجاء إقرار هذا القانون في وقت شهدت عدة مدن فرنسية، بما فيها العاصمة باريس، مظاهرات شعبية تنديدا بما وصف بـ"الدكتاتورية الصحية" التي يريد الرئيس ماكرون فرضها على الفرنسيين، حسب تعبير بعض المتظاهرين. (فرانس 24)
التعليق:
"لن أستسلم لعنفهم الراديكالي على الإطلاق... فقدوا صوابهم، يقولون إننا نعيش في ديكتاتورية وإنهم يخلطون الأمور ببعضها..." (أول نيوز)، هذا ما قاله الرئيس الفرنسي منتقدا المتظاهرين المعارضين للتطعيم في إشارة إلى أن سلوكهم تهديد للديمقراطية وأن في رفض تلقّي لقاح كورونا أنانيّة وليس بحرّية، فقد تنقل العدوى، حسب تعبيره، لأشخاص يصبحون "ضحيّة لحرّيتك".
أن تحتكم إلى نظام ديمقراطي ليبرالي يعني أن تحتكم إلى جملة من الأفكار الغريبة المتناقضة وأن تُصاب بضرب من الجنون والانفصام. فإنما هي حرب بين ديمقراطيّة بُنيت على حكم الأغلبية بحيث لا تضمن حقوق الأقليّة، وليبراليّة قامت لتسدّ هذا النقص فبنيت على النزعة الفرديّة بحجة ضمان حقوق الأفراد والأقليّات وحرّياتهم. وهذا هو التضارب المعاش في الغرب؛ فإنما هي حرب بين ديكتاتوريّة الأغلبيّة وديكتاتوريّة الأقليّة، حرب بين علمانيّة تفصل الدين عن الحياة ولا تحتكم لأي قيمة فتصبح حياة الإنسان عبثيّة لا مقصد من وجوده وبين ليبراليّة تشرعن لحرّيات مطلقة فيعيش الإنسان في ذبذبة وعشوائيّة. وما يعيشه الشارع الفرنسي الآن هو ترجمة مختصرة لتناقضات النظام الحاكم؛ رئيس يمدّد فرْض التطعيم تحت لواء الديمقراطيّة بعد مصادقة مجلس الشيوخ على بنود قانون توسيع استخدام الشهادة الصحية (199 صوتا بنعم و123 بلا) والذي يقر بإلزامية الشهادة الصحية في المرافق والأماكن العامة، وأقلّية بنسبة 17% تطالب بحرّيتهم في رفض التطعيم تحت لواء الليبراليّة.
هذا المبدأ الديمقراطي الرّأسمالي إن هو إلا نظام بشري محدود يهب الحريات ويصادرها ويروّج لقيم ومن ثمّ يجرّم ويحاكم معتنقيها. وفي مقاضاة ماكرون شخصا شبهه بهتلر وتغاضيه عن المسيئين للنبي ﷺ مثال قريب للعاقلين. إن هذا النظام كعيرٍ عاره وتده يزعم إصلاح الناس بإفساد ويجرّهم إلى الهلاك، مثله مثل الحمار إذا شد حبله في وتدٍ كان أحرى أن يكون محفوظاً، ولكن أتى هذا العير الإضاعة من قبل وتده لأنه إذا أتته مهلكة وجد نفسه مقيّدا!
ولكن يا ليت قومي يعلمون...! وإنه ليحزّ في النفس أن ترى من أمّة الإسلام من يدافع باستماتة عن هذا النظام وحرّياته الكاذبة بالرّغم من كل عواره، ويتنازل عن مبدأ ربّاني، الشريعة الإسلاميّة، ويتعالى أن يكون عبدا لله العليم المشرّع وأن يسيّر أعماله وفقا لأوامر الله ونواهيه.
قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥] وقال سبحانه: ﴿وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: ٨٩]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. درة البكوش