- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
اتسع الخرق على الراقع، وهل ينفع الرقع في الثوب البالي؟
الخبر:
في جولته في تونس العاصمة وفي حديثه عن قرب تشكيل الحكومة وضرورة إدخال تعديلات على دستور البلاد، قال الرئيس التونسي قيس سعيّد: "إن الدساتير ليست أبدية ويمكن إحداث تعديلات تستجيب للشعب التونسي لأن السيادة للشعب ومن حقه التعبير عن إرادته".
التعليق:
أستاذ القانون قيس سعيّد واحد ممن تربوا في أحضان الغرب ومدارسهم وجامعاتهم ومراكزهم العسكرية لتستخدمهم الأنظمة السياسية والرأسمالية للهيمنة على الشعوب ونهب ثرواتها، فحملوا لواء أفكار الكفر ينادون بها، وكلما جدت مشكلة أو مصيبة نادوا بتعديل الدستور، وكأنهم لا يدركون أن أساس المشاكل وبلاء الأمة هو في هذا النظام الرأسمالي ونظام حكمه الديمقراطي، حيث السيادة الحقيقية هي لأهل المال والتسلط والجبروت ولأهل الظلم ومن يتربون على أياديهم فيخدمونهم لتحقيق مصالح الغرب، حتى إذا ضاق الشعب ذرعاً بحاكمهم ولم يبق مجال لبقائه أو حتى إصلاحه، انقلبوا عليه وأتوا بالبديل مثله.
والواقع في تونس كما في سائر دول العالم، الحاكم فيها مسير في قراراته ولا سيادة له لا على نفسه ولا على شعبه، فكيف يقول قيس سعيد إن السيادة للشعب ومن حقه التعبير عن إرادته؟ فالغرب هو من أوجد هذا الاصطلاح الخادع وأوهم الشعوب أنها حين تنتخب الحاكم تكون ممارِسة لإرادتها وليست مستعبدة. فالعملية الانتخابية يتخللها الكثير من التزوير فلا يصل إلى الحكم إلا الذي يريدون. ولا حق لأحد بعدها في الاعتراض على تصرفات الحاكم ومحاسبته وإلا كان مصيره غياهب السجون أو باطن الأرض.
ليس هناك نظام عادل يحقق للمسلمين بل للبشرية جمعاء الهناءة والسعادة، إلا نظام الخلافة الإسلامية، فالسيادة فيها للشرع وليست للأمة، وإرادة الأمة مسيرة بأوامر الله ونواهيه، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أي ردوه إلى حكم الشرع، كما جعل الشرع السلطان للأمة، تنصب الخليفة فتعطيه السلطان ببيعتها له، والخليفة لا يبايَع كأجير ينفذ للأمة ما تريد، بل تبايعه الأمة على أن يحكمها بكتاب الله وسنة رسوله وتطيعه في ذلك.
والإسلام لم يترك للأمة إمكانية تسييرها لإرادتها بحيث تفعل ما تشاء بل حدد الله لها منهجا تسير بحسبه تعمل بما أمرها به وتتجنب ما نهاها عنه، وإلا كان الخارج عن هذا المنهج منتفيا عنه الإيمان، ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾ ومن يحكمها ينفذ عليها شرع الله وليس ما يريده أفراد الأمة.
أيها المسلمون: لقد أزكمت رائحة الرأسمالية ونظام حكمها الأنوف، وبليت وما عاد يمكن ترقيعها، وإن جرح الديمقراطية قد نفر نفراً مِن عِظَم فساده، وتجاوزَ الفساد والعطبُ كل حد، بحيث لا يجدي معها أي إصلاح.
كالثوب إن أنهج فيه البلى ... أعيا على ذي الحيلة الصانع
كنا نداريها وقد مزقت ... واتسع الخرق على الراقع
فهلا حزمتم أمركم وعملتم مع حزب التحرير الذي عرف العالم أجمع مدى إخلاصه وصدق توجهه في إنقاذ الأمة والبشرية جميعا من ظلم وجور الرأسمالية لتعيد للأمة السعادة والهناءة والعزة التي ليست بعدها عزة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
راضية عبد الله