السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الرئيس الأمريكي بين القوة والضعف في ظل الانقسام وحالة الاتحاد

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرئيس الأمريكي بين القوة والضعف في ظل الانقسام وحالة الاتحاد

 

 

 

الخبر:

 

تشير نتائج معظم استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة إلى تراجُع كبير في شعبية الرئيس الأمريكي، وقد تزايد هذا التدهور في شعبية بايدن بشكل خاص عقب الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان، وتزايد الانتقادات لإدارة بايدن في الداخل الأمريكي، ووفقاً لاستطلاع رأي أجراه المعهد الأمريكي للرأي العام "جالوب" في 23 تشرين الأول/أكتوبر الماضي؛ فقد انخفضت شعبية الرئيس بايدن في الأشهر التسعة الأولى لولايته بنسبة 11.3% لتصل إلى 44.7%، الأمر الذي يُشكل أكبر تدهور لشعبية رئيس أمريكي منذ الحرب العالمية الثانية.

 

التعليق:

 

الدستور الأمريكي الصادر عام 1787م أعطى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية صلاحيات محددة وكبيرة على المستويين الداخلي والخارجي، وتكون له الكلمة الحاسمة في القرارات الكبرى التي تمر عبر عدد من الوزارات والأجهزة، رغم أن الكونغرس يعترض بعضها؛ فمثلا الرئيس الأمريكي هو المسؤول الأول عن السلطة التنفيذية للحكومة الاتحادية، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو من يفرض حالة الطوارئ في البلاد، ويعلن التعبئة في حالات الضرورة، وله حق استخدام سلطته لحفظ النظام بناءً على طلب إحدى الولايات، وبإمكانه أيضاً استدعاء الحرس الوطني للولايات الأمريكية، والكثير من الصلاحيات الخارجية. وهذه الصلاحيات ضخمة وكبيرة ضمن مفهوم تقاسم السلطات الأمريكي، ولأن أمريكا دولة مؤسسات فقد بنت سياستها على تقاسم تلك السلطة بين المؤسسات حتى لا تكون عرضة بيد نزوات رئيس كترامب، فكان في مفهوم النظام الأمريكي أن تقاسم تلك السلطة ضمانة للولايات المتحدة من الدكتاتورية أو النزعات الفردية أو القرارات الخاطئة أو التسرع في أخذها. فكان دور المؤسسات ضمانة قوية لعدم الانحراف. وهذا الكلام مقبول لحد معين إذا كانت هذه المؤسسات تعمل كما تم الدسترة لها وفاعلة ضمن التصور الدستوري، وإذا وجد في هذه المؤسسات وحدة القرار من خلال نخبة سياسية (دولة عميقة) متجانسة وموحدة وتضع مصلحة الكيان في سلّم الأولويات لها، في مثل هذه الحالة نقول إن صلاحيات الرئيس محاطة بضمانات كبرى مهما كانت صلاحياته وتكون الدولة دولة مؤسسات هكذا بني التصور للدستور الأمريكي، ولكن هل الحالة السياسية التي عليها الولايات المتحدة الآن هي كذلك؟

 

يقول فرانسيس فوكوياما: "التحدى الأعظم لمكانة الولايات المتحدة العالمية ينبع من الداخل؛ فالاستقطاب في المجتمع الأمريكي عميق، وأصبح تقريباً من المستحيل الوصول إلى إجماع على أي شيء، هذا الاستقطاب بدأ حول قضايا تقليدية مثل الضرائب والإجهاض، ومنذ ذلك تفاقم إلى صراع حول الهوية الثقافية. مطالبة الجماعات التي تشعر بأنها مهمشة من النخبة بالاعتراف بها هو أمر حددته قبل 30 عاماً بأنه كعب أخيل للديمقراطية الحديثة. كان من الطبيعى أن يدفع وجود تهديد خارجي للناس للتعاضد من أجل الوصول إلى استجابة مشتركة؛ ولكن أزمة كوفيد-19 على العكس أدت إلى تعميق الانقسامات بين أفراد المجتمع في أمريكا، مع قواعد التباعد الجسدي وارتداء الأقنعة، والآن التطعيمات التي ينظر إليها كأداة تخدم أجندات سياسية بدلاً من كونها وسيلة للحفاظ على الصحة العامة".

 

أظهر استطلاع رأي أجراه مركز السياسة في جامعة فيرجينيا الأمريكية، خلال شهر أيلول/سبتمبر المنصرم، نتائج مفاجئة، إذ وافق نحو نصف ناخبي دونالد ترامب و40% من ناخبي جو بايدن في الرئاسيّات الأمريكية لعام 2020، على الاقتراح القائل بأنّ الولايات المتحدة ينبغي لها أن تتفكّك. وفي مقال لكاتب أمريكي بعنوان "الانفصال القومي باهظ الثمن، لكنّه يستحق كل بنس"، حثّ المتخصّص في دراسات الأمن القومي، ديفيد ريبوي "أمريكا الحمراء (الجمهوريين) على التفكير في الاستقلال الاقتصادي والثقافي لنفسها، وما يتطلّبه الأمر للوصول إلى ذلك الهدف".

 

وفي هذا الصدد يقول الكاتب الصحفي ريتش لووري في مقاله المنشور بصحيفة بوليتيكو الأمريكية: "ستكون الآثار الضارة الناتجة عن الانفصال هائلة؛ ستتحطّم بذلك قوة الولايات المتحدة على الفور" وكان النائب عن ولاية تكساس كايل بيدرمان يحرّض على ما يُسمَّى "تيكسيت"، ساعياً لاستقلال ولايته على نحو كامل عن الحكومة المركزية، فيما تَطرَّق ألين ويست الرئيس السابق للحزب الجمهوري في تكساس والمرشَّح الحالي لمنصب حاكم الولاية، في عديد المحافل عن الانفصال. هذه بعض النقولات عن الواقع الأمريكي.

 

وهنا سؤال كبير ويحتاج وقفات معه من خلال سير واقع الولايات المتحدة الأمريكية فمثلاً:

 

  • هل المؤسسات الآن على قلب رجل واحد؟
  • هل هذه المؤسسات تضع في سلم الأولويات مصلحة الكيان لا الحزب ولا العرق ولا المصالح الشخصية لفرد أو مجموعة أفراد أو شركات؟
  • هل هذه النخبة سياسية ورجال دولة بمعنى الكلمة؟
  • هل لشخصية الرئيس الأمريكي وقوة رأيه إن كان سياسياً بحق أو يقوم بدور مرسوم له في الحكم في ظل قوة المؤسسات أو ضعفها، دور وعليه تبعات في لجم هذه القوى أو تعديل مسارها أو تشتتها أو تناقضها؟ فمثلاً هناك فارق كبير بين بوش الأب وبين بيل كلينتون وبين ترامب، ولن أقارن هنا ببعض الشخصيات التي كانت تعد من العقليات البارزة والسياسية التي تركت أثراً كبيراً.
  • هل الرئيس الأمريكي يمثل أحد أطراف الانقسام أو مندوب إحدى مؤسسات الحكم في ظل صراع محتدم؟ أم هو فوق الصراع بوعيه وقوة شخصيته؟

لا شك أن شخصية الرئيس وقوتها واحترام النظرة له مع طبيعة الصلاحيات المنوطة به لها الأثر الكبير في الحكم وفي توازن الحكم، فما بالنا إن كانت بوادر الانقسامات قد لاحت وزادت حدة الانقسام الداخلي مع مخاطر خارجية بوجود شخصية ضعيفة هل ستكون أمريكا بخير؟!

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حسن حمدان

آخر تعديل علىالثلاثاء, 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع