الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
حول المنظومة القضائية في تونس

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حول المنظومة القضائية في تونس

 

 

 

الخبر:

 

انعقد في تونس يوم الخميس 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 مجلس وزاري وقد أكد من خلاله الرئيس قيس سعيد - حسب قوله - على أن القضاء هو قضاء الدولة التونسية وهو مستقلّ لا سلطان عليه، وأشار - حسب قوله - إلى أن الشعب يريد تطهير البلاد ولا يمكن تجسيد ذلك إلا بقضاء عادل وقضاة فوق كل الشبهات. (راديو تونس)

 

التعليق:

 

خطاب الرئيس قيس سعيد في المجلس الوزاري الأخير عن تطهير البلاد وقضاء عادل وقضاة فوق كل الشبهات هو مواصلة لسياق خطابه نفسه تجاه المنظومة القضائية بعد إجراءات 25 تموز/يوليو، فقد خطب قيس سعيد في مناسبات قريبة بعناوين شبيهة تتهم القضاء التونسي وتشهر به مثل قوله "بعض القضاة تسللوا إلى قصر العدالة لخدمة أحزاب سياسية" أو حديثه عن "ضرورة استقلال القضاء التونسي".

 

من زاوية معينة، يدل خطاب قيس سعيد على أنه يحصر موضوع فساد القضاء التونسي في فساد قضاة تونسيين، لكن من جهة أخرى يستوجب فهم واقع القضاء في تونس من منطلق أشمل من مسألة قضاة فاسدين إذ يجب التحقيق في الوقائع الكبرى التي تكشف سبب الخلل لدى المنظومة القضائية في تونس. فبعض الوقائع رغم خطورتها البالغة تمر مرور الكرام فلا تصل أخبارها إلى الرأي العام التونسي كما ينبغي.

 

فمثلا يجب تسليط الضوء على تمويل الدول الأوروبية لقطاع القضاء في تونس. وذلك وقع من خلال برنامج "دعم إصلاح القضاء التونسي" لسنتي 2012 و2015، وهذا البرنامج أشرف على تمويله الاتحاد الأوروبي، وهو برنامج يحتوي على بنود تمويل بالتقسيط تشترط على السلطة التونسية تنفيذ جملة من الإجراءات في قطاع القضاء كي يتم التمتع بأقساط التمويل، وهذه الإجراءات تكون طبعا حسب تصور الاتحاد الأوروبي لما يجب أن يكون عليه قطاع القضاء في تونس.

 

نعم! يتدخل الاتحاد الأوروبي في عمل المنظومة القضائية التونسية من خلال الدعم المالي المشروط بالإملاءات.

 

لذلك كيف يمكن للقضاء التونسي أن يكون مستقلا عندما تكون إحدى موارد تمويله خاضعة للإملاءات الغربية الأجنبية؟!

 

إذ ينص بند من بنود هذا البرنامج الأوروبي "دعم إصلاح القضاء التونسي" على اتفاق عمل بمبادئ "الانتقال الديمقراطي في تونس"، وما يجلب الانتباه في هذا العنوان "الانتقال الديمقراطي في تونس" أنه يتكرر بصفة آلية في جل اتفاقيات الدعم أو التعاون أو الشراكة الدولية بين تونس والاتحاد الأوروبي أو بين تونس والدول الغربية عموما، إذ يتم تنصيص هذا العنوان بشكل صريح في فصل رئيسي ضمن تلك الاتفاقيات الدولية.

 

ولا يخفى علينا أن هذا العنوان هو ركيزة اتفاق ثابتة بين ممثلي الدول الغربية وحكام تونس وهو بمثابة التأكيد على هؤلاء الحكام بدورهم في إقصاء الإسلام عن الحكم والتشريع.

 

لأن النظام التشريعي في الإسلام يحتكم إلى مفاهيم وقوانين مختلفة عن المفاهيم الغربية فتكون قوانين الدولة الإسلامية مبنية على العقيدة الإسلامية النقية ومعالجات الإسلام الرائعة في كل المجالات كالقضاء وغيرها، وهذا التغيير في نظام الدولة إن تحقق فكذلك يضمن تحرر المسلمين من الهيمنة الغربية بل يهدد الحضارة الغربية بالزوال أمام منافسة الحضارة الإسلامية.

 

كذلك يضمن نظام الإسلام رعاية شؤون الناس التابعين للدولة الإسلامية - عجل الله قيامها - سواء أكانوا من المسلمين أم من غير المسلمين.

من ناحية أخرى، نستنتج أن توظيف الدول الغربية لعنوان "الانتقال الديمقراطي في تونس" هو أسلوب دائم تنتهجه هذه الدول الأجنبية لفرض النظام الديمقراطي في حياة التونسيين والمشهد السياسي التونسي.

 

لأن الأنظمة الديمقراطية في العالم هي في جزء من حقيقتها أنظمة متسللة إلى بلاد المسلمين - مثل تونس - وهي أنظمة مرتبطة بمفاهيم سياسية فاسدة وبنظرة مادية نفعية مقيتة لا تترك المجال لتحقيق القيم الإنسانية في حياة الإنسان سواء في الاقتصاد أو الصحة أو التعليم أو القضاء أو الحكم أو السياسة الخارجية.

 

كذلك تجدر الإشارة هنا إلى أن النظرة الغربية للقضاء لا تعتبر أن جهاز القضاء من دوره أن يحقق في عمل السلطة التنفيذية بل يتمتع أصحاب السلطة التنفيذية في النظام العلماني الغربي بحصانة قضائية تمكنهم من التهرب من المساءلة القضائية، وهذا خلاف نظام الإسلام في الحكم فلا يتمتع رئيس الدولة الإسلامية بحصانة قضائية، ويمكن للقاضي عزله إذا ثبت تورطه في الفساد أو فيما يستوجب عزله.

 

فمن البديهي إذن أن يصيب المنظومة القضائية التونسية قسط كبير من فساد الأنظمة الديمقراطية القائمة في العالم، نظرا إلى أن هذه الأنظمة تتدخل في عمل الدولة التونسية وتفرض عليها أنظمة حكم مختلفة من حين إلى آخر تتماشى مع التصور الغربي لنفوذه في تونس. فلا فرق بين أنظمة الحكم في تونس ما قبل 25 تموز/يوليو أو ما بعده، فكلها أنظمة وضعية مفروضة من الخارج، لم تورث أهلها إلا البؤس والشقاء، لا سيما أن هناك محاولات متواصلة لإلهاء أهل تونس بمسائل جزئية بعيدة عن قضاياهم المصيرية.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الدكتور مراد معالج

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس

آخر تعديل علىالأربعاء, 01 كانون الأول/ديسمبر 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع