- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
هل ستسير طالبان على خطا منظمة التحرير الفلسطينية؟!
الخبر:
تُعقدُ اليوم في النرويج محادثات بين مسؤولين كبار في حركة طالبان الأفغانية ومبعوثين من واشنطن والدول الأوروبية وشخصيات من المجتمع المدني الأفغاني؛ وتركّز المحادثات التي تجري في أوسلو على حقوق الإنسان والأزمة الإنسانية في أفغانستان، حيث يهدد الجوع الملايين من السكان، وسيرأس وفد الحركة وزيرُ الخارجية في حكومتها أمير خان متقي.
التعليق:
بعد رفض قادة حركة طالبان عرض حزب التحرير لهم بإقامة دولة تحكم بالكتاب والسنة، وبعد رفض قادة الحركة وضع قضيتهم على طاولة الأمة الإسلامية، وبعد أن أصبح أهل أفغانستان - خلال أشهر قليلة - بين جياع لا يجدون لقمة العيش وبين مصطفّين على الحدود والمطارات هربا من البلاد، حتى تفرغ من الطاقات البشرية التي كان يفترض أن تُستغل لبنائها، بعد كل هذا وغيره من المآسي، يمّم قادة الحركة وجوههم نحو الغرب المتربص بالإسلام والمسلمين، والذي لطالما مكر بأهل أفغانستان وشكّل التحالفات العسكرية والجيوش الجرارة التي دكّت حصون أفغانستان وقتلت أهلها ورملت نساءها ويتمت أطفالها! فهل غاب كل هذا عن هؤلاء القادة ومُحي من ذاكرتهم أم مثل هؤلاء يكون أهلا للقيادة؟!
حين ذهب قادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى أوسلو في عام 1993م، بدأت الفصول الأخيرة لتصفية قضية فلسطين، والتي تمخض عنها تشكيل سلطة فلسطينية تعمل ذراعا أمنيا عند دولة يهود المحتلة لفلسطين، وكذلك ستكون المباحثات التي ستعقد مع طالبان، وهذا الذي كشف عنه مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية؛ بأن المواضيع التي ستطرح على جدول الأعمال هي: "تشكيل نظام سياسي تمثيلي، والاستجابة للأزمات الإنسانية والاقتصادية الملحّة والمخاوف الأمنية وتلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان، وبخاصة تعليم الفتيات والنساء".
فالذي سيتم الاتفاق عليه بين الطرفين ولن يتخلف قادة طالبان في تنفيذه هو: تشكيل نظام سياسي وظيفي مدني على المقاس الغربي، لا يحكم بالإسلام، بل ويحول دون عودة الإسلام ويلاحق العاملين لعودته، وهو ما سمّاه المسؤول "مكافحة الإرهاب"، والمطلوب أيضا تغريب المجتمع في أفغانستان المحافظ وعلمنته، كما يفعل ابن سلمان في بلاد الحرمين، وهو ما يتستر خلفه الغرب بستار "تعليم الفتيات والنساء".
حتى يضمن الغرب تطبيق قادة الحركة وتنفيذها لهذه المؤامرات على أهل أفغانستان، أو قل حتى يتمكن هؤلاء القادة من تسويق ما أُمروا به، لم يقدّم الغرب أيّة خطوة ولو على سبيل إظهار "حسن النوايا"، فلم تعترف أي دولة حتى الآن بحكومة طالبان! وحتى استضافتهم وقبول زيارتهم للنرويج، فإنها لم تكن اعترافاً ضمنياً بهم، فقد أكّد وزير الخارجية النرويجي أنيكين هويتفيلد على أن المحادثات "لا تعني إضفاء للشرعية على طالبان وليست اعترافا بها".
لقد توقفت بشكل مفاجئ المساعدات الدولية في حكومة غاني، والتي موّلت حوالي 80 في المائة من الميزانية الأفغانية، وجمدت الولايات المتحدة مبلغ 9.5 مليار دولار من الأصول الأفغانية في البنوك الأمريكية، فنتج عن ذلك تدهور كبير للوضع في أفغانستان، وقد حذّرت الأمم المتحدة من أن خمسة وتسعين في المائة من الشعب الأفغاني سيعانون من الجوع، وارتفعت معدلات البطالة بشكل كبير، ولم تُدفع رواتب موظفي الحكومة منذ شهور في البلاد التي دمرتها موجات عديدة من الجفاف... ومن هذه المعطيات يمكن للمراقب أن يخلص إلى أن ذهاب الحركة إلى أوسلو لم يكن للتفاوض، فلا يوجد بين يدي الحركة أي ورقة يفاوضون عليها، تماما كما حصل مع قادة منظمة التحرير حين وضعوا السلاح وفرطوا في دماء الشهداء، وذهبوا إلى أوسلو، فلم تكن هناك مفاوضات بين فريقين، بل حفنة من الخونة ذهبوا لأخذ الأوامر وتوزيع أدوار الخيانة في تصفية قضية فلسطين، والحقيقة هي أن طالبان ستصير إلى ما صار مع منظمة التحرير؛ ذهبوا إلى أوسلو بعد أن قطعوا على أنفسهم مختلف العهود بالانصياع التام للمجتمع الدولي الصليبي الحاقد، وسيعودون إلى أفغانستان لتنفيذ ما أُمروا به من خيانات!
إن لم يتدارك المخلصون من أهل أفغانستان ومن الحركة أمرهم، فإن تضحياتهم الجسام التي قدموها سينتهي بها المطاف إلى ما انتهت إليه تضحيات أهل فلسطين، سلطة مسخ تحت حراب يهود، وهم كذلك، دولة مدنية ضعيفة هشة فقيرة، تعتمد على رضا الحلف الصليبي عنها، وبهذا يكونون قد خسروا الدنيا والآخرة، لذلك يجب عليهم العودة لقبول عرض حزب التحرير وإعطائه النصرة لإقامة الخلافة التي تعتمد أولا على الله سبحانه وتعالى ثم على جهود الأمة الإسلامية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر – ولاية باكستان