السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
علاقة العسكر بالسياسة والدولة البوليسية نظرة في ميزان الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

 

علاقة العسكر بالسياسة والدولة البوليسية

نظرة في ميزان الإسلام

 

 

 

الخبر:

 

قال رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان في حوار على قناة السودان مساء السبت الموافق 12 شباط/فبراير 2022م: "إن الجيش سيخرج من كافة الأطر السياسية متى ما حصل توافق وطني أو قامت الانتخابات"، وأكد أنه لا يريد أن يحكم ولا يريد الجيش أن يحكم، مشيراً إلى أن "السودان منذ الاستقلال ظل يدور في حلقة مفرغة بين المدنيين والجيش". كما أشار إلى أن "المؤسسة العسكرية على قلب رجل واحد تريد أن تسلّم نفسها لحكومة منتخبة، حتى لا تعبث أي جهة بهذه المؤسسة في ظل الخلافات السياسية القائمة".

 

التعليق:

 

إن ولوج المؤسسة العسكرية إلى الساحة السياسية وأخذها زمام السلطة ودخولها في صراع الحكم مع المؤسسة المدنية هو موضع نقاش وجدل، وله خلفيته ومنعكسه السياسي في تاريخ السودان منذ إيجاد وإثارة فكرة الاستقلالية والسيادة الذاتية المزعومة والتحرر من المستعمر الأجنبي.

 

فإذا استعرضنا بإيجاز مسلسل التصارع والتنافس على السلطة بين المؤسستين العسكرية والمدنية نجد أن أولى الحكومات التي تشكلت بالسودان عقب خروج المستعمر الإنجليزي كانت الأولى من نوعها ديمقراطية مدنية بقيادة إسماعيل الأزهري عام 1956م، والتي كان لحزبَيْ الاتحاد الديمقراطي والأُمّة دور رئيس في قيامها وتكوينها، ثم ما لبثت هذه الحكومة ثلاثة أعوام حتى انتفض عليها في تشرين الثاني/نوفمبر 1958م الجنرال إبراهيم عبود بانقلاب عسكري كان الأول من نوعه ضمن أحداث سلسلة صراع الحكم بين العكسر والمدنيين في السودان، وكان من أبرز الإجراءات التي اتخذها الجنرال عبود بعد استيلائه على السلطة حل الأحزاب السياسية وتعطيل الدستور وعسكرة البلاد.

 

وكان للحركة الطلابية المعارضة بجامعة الخرطوم التي أشعلت شرارة الثورة وقادت دفة الانتفاضة ضد عبود، كان لها دور بارز في إنهاء وإسقاط الحكومة عام 1964م.

 

وفي 25 من أيار/مايو 1969م وبعد تجربة حكم ديمقراطي ثانٍ بالبلاد تمكن من إنهائه وطي صفحته العقيد جعفر نميري بانقلاب عسكري، وبخلاف نهج وطريقة الجنرال عبود، شرع النميري في تكوين حاضنة سياسية حزبية عقب حله مجلس الثورة بمسمى "حزب الاتحاد الإشتراكي" 1972م، وكان الحزب الوحيد المسموح له بممارسة الأنشطة السياسية، تلا ذلك تقلبات عدة واختلافات سياسية بينه وبين وسطه السياسي، ومن جراء ذلك بدأ في البحث عن حاضنة بديلة بمغازلة ومهادنة الإسلاميين حيث كانت أُولى خطواته تأكيداً لذلك، عقدَهُ مصالحةً وطنية مع زعيم حزب الأمة آنذاك الصادق المهدي 1977م. وأقر بعض أحكام الحدود بمشاركة حسن الترابي، حيث نتج عن ذلك إثارة وتجديد الحرب الأهلية في جنوب السودان وزعزعة الأوضاع في شماله ما حفز الانتفاضة الشعبية والإطاحة به في نيسان/أبريل 1985م.

 

وفي 30 حزيران/يونيو 1989م انقلب العميد ركن عمر حسن أحمد البشير على الحكومة الموالية لبريطانيا، حيث جاء انقلابه بصفة وغطاء الطابع العسكري تحت مسمى "ثورة الإنقاذ الوطني" بدوافع وطنية على حد زعمه، ثم اتضح أنه من عملاء أمريكا، وقد أسندت إليه مهمة تفتيت السودان بإثارة موضوع الجنوب بغطاء إسلامي فنجح في فصله عن الشمال.

 

وبتتبع تاريخ السودان، نجد أن الانقلابيين يدّعون قيامهم بدور المنقذ بعد مرحلة حكم مدنية فاشلة في إدارة البلاد أدت إلى تردي الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، ثم تأتي الانقلابات لتنهي مخاض تجارب مدنية تصارع البلاد فيها خطر الفناء والتشرذم والتفتيت كما يدعي الانقلابيون.

 

إن الإسلام العظيم فرّق بين الحكم والسلطان باعتباره رعاية شؤون الناس بأحكام الشرع، وبين الجيش والقوة ومهامها، فالقوة في الدولة ليست رعاية شؤون الناس، ولا تصريفاً لأمورهم، وإن كان وجودها وتكوينها وتسييرها وإعدادها لا يتأتّى بدون سلطان، فالقوة عبارة عن كيان مادي يتمثل في الجيش ومنه الشرطة؛ ينفذ به السلطان الأحكام ويقهر به المجرمين والفسقة، ويقمع به الخارجين عن سلطان الدولة، ويصد به المعتدين؛ ويُتخذ أداة لحماية السلطان، وحماية ما يقوم عليه من مفاهيم وأفكار، وحملها إلى الخارج.

 

لذلك لا يجوز شرعاً أن يصبح السلطان قوة، لأنه إذا تحول السلطان إلى القوة فسدت رعايته لشؤون الناس، وتصبح مفاهيمه ومقاييسه هي القمع والقهر والتسلط وليست الرعاية ويصبح حكماً بوليسياً ليس له إلا الإرهاب والكبت وسفك الدماء ما ينتج الخراب والضرر بالأمة وتخريج أجيال يتملكهم الرعب بدل الشجاعة.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الدكتور مازن النو – ولاية السودان

آخر تعديل علىالخميس, 24 شباط/فبراير 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع