- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
زيادة الأجور خدعة رأسمالية
الخبر:
أعلنت اللجنة العليا للعاملين بالسلطة القضائية، الدخول في إضراب مفتوح عن العمل حتى تتحقّق مطالبهم. وذلك لأن إدارة السلطة القضائية قد خدعتهم حيث إنها ما زالت تماطلهم في تنفيذ الهيكل الراتبي الخاص بهم والمُجاز من المجلس السيادي، علماً بأن هذه الإدارة وعدتهم بصرف المرتب والمنحة بالجديد وبعد العيد مُباشرةً، لكن للأسف الشديد لم يصرفوا مرتب نيسان/أبريل ولا منحة العيد، بحسب ما جاء في البيان. وقبل ذلك نفّذت جهات عديدة، وقفات احتجاجية أمام مقر حكومة ولاية كسلا للمطالبة بزيادة أجور العاملين، وأمهلت النقابات حكومة كسلا 48 ساعة، وهدّدت بشل العمل في المُؤسّسات الحكوميّة بحسب صحيفة الصيحة.
التعليق:
إن معظم الإضرابات في السودان الغرض منها هو زيادة الأجور. والسؤال: لماذا تفقد المرتبات قيمتها؟ وما علاقة تحديد الأجور بالوضع المعيشي؟
إن برنامج التقشف الاقتصادي لصندوق النقد الدولي الذي التزمت به الحكومة البائدة والانتقالية السابقة والانقلابيون الحاليون، والذي من بنوده تخفيض عملة الدولة مقابل العملات الأخرى، وزيادة الضرائب، هي واحدة من الأسباب التي تجعل الناس يشتكون من ضيق المعيشة، بسبب ارتفاع الأسعار، ولكن خداع النظام الرأسمالي وحكامه المضللين، بدلا من أن يبحثوا في الأسباب الحقيقية لارتفاع الأسعار وبالتالي فساد النظام الرأسمالي، يشغلون الناس بترقيع النظام، بزيادة الأجور، وليتهم فعلوا، بل يماطلون في تنفيذها فترتفع الأصوات ضدهم.
إن تحديد الأجور ليس له علاقة بارتفاع المعيشة وعدم إشباع حاجات الناس. إذ إن العقود في أحكام عقيدة الإسلام، تسلَّط على ثلاث منافع؛ منفعة الشخص نفسه، أو منفعة العمل الذي يقوم به، أو منفعة الأعيان، كأن تستأجر سيارة من مكاتب تأجير السيارات.
ففي منفعة الأعيان لا يدخل بحث الأجير، إذ لا علاقة له بها، بل العلاقة بالعين المستأجرة، ولا بد في إجارة الأجير من تحديد العمل، وتحديد المدة، وتحديد الأجرة وتحديد الجهد، ولا بد من بيان نوع العمل، حتى لا يكون مجهولا، لأن الإجارة على المجهول فاسدة، ولا بد من تحديد مدة العمل، مياومة أو مشاهرة أو مسانهة، ولا بد من تحديد أجرة العامل، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال ﷺ: «مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيراً فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ»، فلا يجوز أن يطلب من العامل أن يبذل جهدا إلا بقدر طاقته المعتادة، وذلك لقوله ﷺ: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»، وبما أن الجهد لا يمكن ضبطه بمعيار حقيقي، كان تحديد ساعات العمل ضبطا للجهد، ويحدد معها نوع العمل كحفر أرض صلبة أو رخوة، أو طرق حديد أو قطع حجارة أو سوق سيارة، أو عمل في منجم فإنه يبين الجهد.
أما بالنسبة للزيادات السنوية التي تعطى للموظف حسب درجات مقررة، فإنها لا وجود لها في الإسلام، لأن الأجير يعطى أجره المسمى مدة الإجارة، وعند إبرام العقد، فزيادة أجرته أثناء المدة غير واردة، فهو إنما استؤجر بأجر معلوم، ومدة معلومة، فلا يستحق أية زيادة، وأما الزيادات الموجودة في نظام الحكومات اليوم فهي من مخلفات النظام الرأسمالي الفاسد وهي خداع، فإنهم لا يقدرون درجة الموظف تقديرا صحيحا، فيعطونه إياها ناقصة، ثم يزيدونها سنويا، ثم بعد عدة سنوات يصل نهاية هذه الدرجة، ويعتبرون ذلك زيادة سنوية!
أما الإسلام في ظل دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فإنه يعطي الأجير أجرته التي يستحقها من أول يوم يبدأ فيه العمل حسب السوق، وتقدير الخبراء، أي يعطى آخر ما يسمى بالدرجة رأساً، فلا تحصل هناك زيادات سنوية. فدولة الخلافة لا تلزم أصحاب الأعمال بزيادات وفق تغير الوضع الاقتصادي، فضوابط الأجور قد حددها الشرع فلا يظلم أحد، لا الأجير، ولا صاحب العمل، أما إذا كانت الأجرة لا تكفي، فهذه من واجبات الدولة وليست من مهام المستأجر.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إبراهيم مشرف
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان