الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
زيارة رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية إلى لبنان

بسم الله الرحمن الرحيم

 

زيارة رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية إلى لبنان

 

 

 

الخبر:

 

زار رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية برنار إيمييه العاصمة اللبنانية بيروت وُصفت بالسرّية، قادماً من تلّ أبيب، حاملاً معه رسائل للمسؤولين اللبنانيين مرتبطة بحرب الجيش (الإسرائيلي) على غزّة، والتطوّرات على الجبهة الجنوبية.

 

وطالب المبعوث الفرنسي المسؤولين اللبنانيين تنفيذ القرار 1701، وإنشاء منطقة عازلة جنوب لبنان (بين خطّ نهر الليطاني والخطّ الأزرق على الحدود) لطمأنة سكّان المستوطنات شمال فلسطين المحتلّة. وقد نقل للمسؤولين في لبنان تهديداً بتطبيق القرار بالقوّة من خلال تعديله في مجلس الأمن أو اللجوء إلى الفصل السابع لفرضه وإنشاء المنطقة العازلة بعمق ثلاثين كيلومتراً داخل الأراضي اللبنانية، وجعل المنطقة الواقعة جنوب خطّ نهر الليطاني خالية من السلاح والفصائل. (عربي بوست، الأربعاء 06 كانون الأول 2023م)

 

التعليق:

 

حين يحمل رئيس الاستخبارات الفرنسية إلى لبنان تهديداً باستصدار قرار من مجلس الأمن فهذا يعني أنّ التهديد ليس على قياس فرنسا. فالجميع يعرف أنّ الكلمة العليا في مجلس الأمن هي للولايات المتّحدة الأمريكية. وكذلك لا ينبغي إيلاء أهمّية كبيرة لكونه وصل إلى لبنان قادماً من تلّ أبيب، ففرنسا لا تعمل عند كيان الاحتلال على الرغم من دعمها البالغ له كسائر دول الغرب. وعليه فإنّ الخبر يُنظر إليه من زاوية توجّه الولايات المتّحدة الأمريكية صاحبة اليد العليا في السياسة الدولية، وكذا في السياسة الإقليمية في المنطقة العربية ولا سيّما منطقة شرق المتوسط.

 

من يتتبّع مواكبة السياسة الأمريكية لأحداث غزّة وما حولها منذ عملية طوفان الأقصى والمجزرة الوحشية التي يرتكبها كيان يهود، يلمس بوضوح أنّ الإدارة الأمريكية لا تتعامل مع ما يجري فقط من زاوية دعم كيان يهود، وإنّما بالدرجة الأولى من زاوية استثمار الحدث للمضيّ في ترتيب أوضاع المنطقة وفق تصوّر سبق أن أعدّته للمنطقة. ونظرتها إلى تسوية قضيّة فلسطين وتصفيتها لا تنفصل عن نظرتها لصياغة المنطقة بكاملها.

 

ومهما كانت تفاصيل تصوّرها لصياغة المنطقة، فإنّها ترى أنّ الفرصة الآن باتت سانحة للمضيّ به قدماً. إذ إنّ روسيا التي كانت قد اكتسبت حضوراً قويّا في المنطقة بسبب تدخّلها الواسع في سوريا ووجودها العسكري فيها، بضوء أخضر أمريكي طبعا لمنع سقوط النظام، باتت منذ حوالي عامين منشغلة في المستنقع الذي غرقت فيه في أوكرانيا، وفقدت قدرتها على أن تكون لاعباً أساسياً في تسوية أوضاع المنطقة. وبالتالي أصبحت الولايات المتّحدة لا ترى معها في المنطقة من اللاعبين الدوليين والإقليميين المؤثّرين سوى كيان يهود وإيران.

 

أمّا كيان يهود فلطالما وقفت المنظومة الحاكمة فيه - والتي يمثّلها نتنياهو - حجر عثرة في وجه سياستها في المنطقة. فهذه المنظومة لطالما أفشلت الخطّة الأمريكية لتسوية الصراع في فلسطين على أساس حلّ الدولتين. بل إنّ النزاع بين إدارة بايدن الديمقراطية وإدارة نتنياهو برزت سافرة وعلنية على نحو لم يسبق له مثيل. وعليه فإنّ استثمار أمريكا الآن في أحداث غزة يتمثّل بالعمل على إنهاك الطرفين للتوصّل إلى فرض التسوية على الجميع. فهي من جهة تنهك أهل غزّة بمنح كيان الاحتلال الضوء الأخضر للتدمير وارتكاب المجازر، ومن جهة أخرى ترتقب سقوط نتنياهو والدولة العميقة التي يرتكز إليها لتوصل الجناح السياسي الموالي لها في الكيان، ليمضي معها في حلّ الدولتين.

 

وأمّا إيران، فلم تكن يوماً حجر عثرة أمام الخطط الأمريكية في المنطقة. بل لطالما كانت شريكتها عند المنعطفات الكبرى، من احتلال أفغانستان إلى احتلال العراق إلى التدخّل في سوريا لإجهاض ثورتها المباركة، وصولاً إلى تلبيتها مطلب ترسيم الحدود البحرية في لبنان والذي كان اعترافاً ضمنياً بكيان يهود. ومن يتابع المواقف الأمريكية والمواقف الإيرانية تجاه الحرب على غزّة يلمس مدى التناغم بينهما، ولا سيّما في مسألة منع توسيع رقعة الحرب، والتزام قواعد الاشتباك في جنوب لبنان.

 

لذا فإنّ إطلاق الكلام مجدّداً الآن عن القرار 1701 ما هو سوى تمهيد ليكون جزءاً من التسوية القادمة بعد أن يبلغ العُدوان على غزّة مداه من زاوية نظر الإدارة الأمريكية، وسيكون هذا القرار جزءاً من موسم التفاهمات الأمريكية-الإيرانية التي تلاحقت إشاراتها مؤخّراً.

 

ختاماً، سيبقى اللئام الدوليون والإقليميون يخطّطون ويتواطأون ويتقاسمون المصالح والمغانم في بلادنا، وسيبقى دم المسلمين الوقود الأرخص لمصالح هؤلاء اللئام إلى أن يستعيد المسلمون سلطانهم على بلادهم بإقامة دولتهم التي تقطع أصابعهم وأذرعهم التي ترتع مُفسدة في الأرض تدمّر وتقتل وتنهب وتستبيح. وحينها فقط يمكن للأمّة أن تقطع دابر كلّ عدوّ لها ولدينها، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أحمد القصص

آخر تعديل علىالأحد, 10 كانون الأول/ديسمبر 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع